للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

شهادة المعتقلة السياسية "عائــشة الــبوش" حول التعذيب الذي تعرضت له


المعتقلة السياسية "عائــشة الــبوش"القابعة بالسجن السيء الذكر عين قادوس - حي النساء- رقم الاعتقال :97748 تدلي بشهادتها حول حيثيات اعتقالها وما تعرضت له من تعذيب لفضح السياسة القمعية للنظام الاستبدادي في مواجتهه مع مناضلي و مناضلات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب..
 و اليكم نص المقال الذي توصلنا به من الطالبة المعتقلة عائشة البور حول التعذيب -الجزء الأول: " بين المخفر و الجلاد".

...آلام رأس فظيعة رفضت مبارحتي منذ البارحة..، لا وجود ولو لحبة أسبرين يمكن أن تسكن هذ الصداع الرهيب ولو قليلا، ربما سببها غمامة دخان السجائر الضخمة، التي نمت البارحة، وهي تحيط بي من كل جانب، واستيقظت هذا الصباح أيضا وهي لاتزال حولي..، حاولت الكتابة ولم أستطع، حاولت وحاولت... ولم أستطع، لكن يجب أن أكتب، كلما اتجهت بنظري نحو النافذة الموجودة أعلى الزنزانة، على يساري وتذكرت أن رفاقي موجودين خلفها، بحي الرجال، غير بعيدين عني، باب واحد أو بضعة أبواب فقط تفصلني عنهم، ومع ذلك لم أستطع رؤيتهم أو الحديث إليهم، عرفت أنه يجب أن أكتب، كلما تذكرت أن تاريخ اليوم و البارحة هو 15/16 غشت، وأن رفاقي و رفيقاتي الآن يحومون حول با محمد يعانقونه متى شاءوا، ويقبلون جبينه متى أرادو، في تخليد الذكرى السنوية الأولى لشهيدنا الغالي، مصطفى مزياني، وأنا الآن بين أربعة جذران، لم أنل شرف وفرصة حضور هذه المحطة النضالية، التي لا طالما شغلت ذهني، زدت إصرارا على أني يجب أن أكتب، أكتب...حتى أقتل هذا الوقت الذي يمر ببطء شديد كسلحفاة مصابة بورم في رجليها، أكتب...حتى أقاسم رفاقي و رفيقاتي، و كل الجماهير الأبية، مرارة ما ذقته منذ اختطافي، أكتب...حتى يزيد هذا النظام اللقيط يقينا، بأنه لا الاعتقال و لا الاغتيال من شأنه فكرة ستظل حية دائما حية فينا، أو النيل من قناعة ترسخت بعمق داخلنا... أكتب حتى يعلم جلادوه جيدا، بأنه لا الترهيب و لا التهديد بسنوات السجن الطويلة، قد تجدي نفعا مع رفاق و رفيقات، أو كل من اتبع خطى الشهيد مصطفى مزياني.

أكتب لأن الكتابة - في نظري- رفيقة المعتقل الأولى.
أكتب لأنه رغم القفص الكبير، لن يمحي الجلادون ما انطبع في ذاكرتي.
أكتب... لأنه مهما تفرعت الأصفاد ومهما ثقلت الأغلال، يظل فكرنا حرا طليقا.
أكتب... وفاءا لكل من مر في ظلمات الدهاليز الدامسة، وكل من ظل شامخا أبيا في وجه الجلادين وسياطهم، لكل من استند إلى مواقفه، كلما خارت قواه جراء عذاب المخفر.. لكل القابضين على الجمر و على الحجر.. شهداء، معتقلين، وكل الأحرار الثوار.
الأكيد، أنها ليست بالمرة الأولى، ليست التجربة الأولى، و ليست بالشهادة الأولى، لكن الأكيد أيضا، أن لها وقع مغاير تماما، بكل ثقله على أجساد الفقراء و المضطهدين، لكن بهلع و خوف شديدين، إنه على علم تام، بأن تلك الأجساد رغم هزالتها، يوما ما ستصد رصاصاته بكل رباطة جأش، وأن تلك العيون التي غمرتها سحنات القهر و الحرمان، لم ولن يبارحها ذلك اللمعان الموحي بقدوم غد تأفل فيه أسس المعاناة و الاستعباد، لتحل مكانها شمس الكرامة و العدالة الاجتماعية، ومن جهة أخرى انتمائي لخط كافح و لا يزال يكافح، وسيظل يكافح من أجل مشروع تتحقق فيه الإنسانية، شظية من رصاصات المقاومة و جيش التحرير، بذرة ستفجر غابة، ابن بار لوالد لم يولد بعد، إنه انتمائي للفصيل الماركسي اللينيني، النهج الديمقراطي القاعدي. رغم أن كل الجهتين لا تزالان قائمتان، إلا أن ملابسات وظروف الاعتقال لهذه المرة، لها طعم وأثر مختلفين حتى الصميم.

إذا كانت التجربة الأولى في 24/04/2013، أثناء مقاطعة الامتحانات التي انطلقت يوم 15 أبريل في دورة استثنائية بكلية الآداب... حيث تم احتجازنا في إحدى الغرف في حي الديرو وسط عدد لا يحصى من رجال القمع ذوي الأزياء المختلفة، فإن الثانية انطلقت يوم 11/08/2015، مباشرة بعد خروجي من زيارة رفاقي المعتقلين السياسيين على خلفية المؤامرة المكشوفة الخيوط و الواضحة المعالم، 24 أبريل للسنة المنصرمة، ما إن وصلت إلى الباب الخارجي، فتح أحد موظفي السجن الباب للخروج وتبادلنا التحية، دون أن يدري أنه فتحها لي للدخول !، بينما أنا أضع بطاقتي الشخصية في حقيبة يدي، وقع بصري على سيارة بلون أسود مركونة إلى يميني، لم يثر انتباهي اللون الأسود، بل الرجل الجالس بالمقعد الأمامي، لقد سبق لي أن شاهدته، لكن أين...؟ أين...؟ لم يتركوا لي فرصة التذكر، فسرعان ما انقض علي وجهان غريبان يرتديان زيا مدنيا، في أقل من لمح البصر.

في البدء، بدا لي أحدهما، سواء بمشيته المعوجة التي يلفها شيء من الخجل، أو بهندامه مجرد أخرق، ربما أراد سؤالي في شيء ما، لكنه لم يدع مجالا للتخمين، وسرعان ما هتف بالجملة التي أظنه سهر ليلته بأكملها يتمرن على طريقة إلقائها " احنا البوليس، غدي تمشي معانا دابا" ، لكنه لم يتقنها جيدا، لا زال ينقصه شيء من التدريب، فقد كان وهو يلقي لازمته يتجه بنظره نحو الأرض، وبدأ عليه شيء من الارتباك، لم أعلم سببه، ربما كانت مرته الأولى !! ثم جاء دوري كي أداهمه بالأسئلة، من أنتم؟؟ لم سأذهب معكم؟ إلى أين؟ كانت الإجابة التي تلقيتها هي التحاق عناصر قمع آخرين بزي مدني كذلك، من بينهم ذلك الذي لم أتذكر بعد أين سبق لي أن رأيته، وقف قبالتي بقميصه الأبيض و سرواله الأسود، كنادل أعراس أو حفلات، وحرك شاربيه الطويلين ليقول بكل حزم و ثقة :" سوف تذهبين معنا يا عائشة، فكفى جدالا".

تم اقتيادي محاطة بسبعة رجال قمع، كلهم بزي مدني، حاولت التنصل منهم و رفع صوتي، فقط حتى أثير انتباه بعض الرفيقات اللواتي رافقنني في الزيارة، لكن سرعان ما كتم أحدهم صوتي بيده، وزجني في سيارة قمع "صطافيط" بيضاء اللون، مرددا هو ومن معه، إما أن تصعدي عن طيب خاطر، أو لنا أساليبنا الخاصة لنجبرك على ذلك.
انطلقت الصطافيط، كنا خمسة راكبين، أنا أتوسط اثنين منهم، وآخرين في المقعد الأول يحمل " صانفيلا" كبيرا، يتلقى به التعليمات الواجب اتباعها، إضافة إلى السائق، أما البقية فقد لحقوا بنا على متن السيارة السابقة الذكر، بينما أنا أحاول استجماع نفسي، وترتيب أفكاري، تسلل إلى مسامعي صوت أعرف صاحبته جيدا، عبارات تحثني على الصمود و التحدي، انطبعت ابتسامة هادئة على وجهي، كانت بمثابة مثير لهم حتى يبدؤوا مسلسل الاستنطاق قبل الوصول إلى مخدعهم الخاص لذلك، افتتحوا أسئلتهم عن صاحبة الصوت من هي؟ رسمت على محياي ملامح الغباء وتساءلت أيضا: عن أي صوت تتحدثون؟ عمن تسألون؟ لم أسمع شيئا؟ أحقا تم مناداتي من طرف أحدهم؟ متى؟ ماذا قالت؟ فأخد أحدهم، ذلك الجالس على يساري، يعيد على مسامعي تلك العبارات وأنا مندهشة من نفسي، لأني لم أسمع شيئا !!!

... بعد دقائق معدودة من السير، دون أن أعلم إلى أي وجهة يقتادوني، توقفوا، عند نزولي عرفت أني المدخل الخلفي لولاية القمع، كانت الساعة حوالي السادسة مساءا، أمرني اثنان منهم بالمشي، بينما انسحب الباقون، ثم بدأ السير في ممرات ودهاليز طويلة و مظلمة، لا زلت أتذكر بعض تفاصيلها منذ تجربة الاعتقال الأولى، لكني في هذه الأخيرة كنت إلى جانب عشر طالبات أخريات، أما الآن فأنا أسير فيها وحدي، في جو صامت تسوده رهبة عميقة، كمن يقتاد إلى مقصلة فلا تنقصني إلا تراتيل الوداع الأخير...
بعد، لحظات، كسر أحدهما ذلك الصمت، لم يكن إلا ذلك الأخرق مجددا، سائلا إياي عن اسمي، مكان سكني، ثم بدأ يعتز بكونه "بوليسي"، لم أفهم شيئا من كلامه سوى أنه يحب هذه الكلمة كثيرا!!

استمررنا في السير و التفت حولي، فلم أجد سواي، كل الأبواب موصدة، و أشعة الضوء قد تسللت خفية، في أمكنة قليلة، و لا صوت إلا لوقع خطواتنا، فجأة!، أمروني بالتوقف عند ممر به بابان، واحد على اليمين و آخر يقابله على اليسار.. لقد تذكرتها، إنها مكتبا التحقيق حيث تم استنطاقي في المرة السابقة، بعدها قدم آخر بخطى ثابتة، وعينان ماكرتان، وهكذا أصبح عددنا أربعة، لم يحدث أحدهم الآخر، إلا عبر أعينهم، بقينا واقفين قليلا، هم كانوا بانتظار المفاتيح... وكنت أنت بانتظار المجهول.

بعد لحظات، قدم آخر و بدأ يهمس لذلك الجلاد الأخرق، حاولت استراق السمع، لكني فشلت، وسرعان ما فهمت أن الحديث قد دار حولي، بعد أن استشاظا غضبا، وبدءا يكيلان الاتهامات لبعضهما، بل و قد رفع أحدهما يده في وجه الآخر! حاول الجلاد صاحب العينين الماكرتين تهدئتهما، لكن محاولته باءت بالفشل، نظرت إليهما وهما مستمران في شجارهما، ونظرت إليه خلسة فوجدته كمن يود أن يصرخ عاليا في وجههما قائلا: "واش بغيين ضحكوا علينا العديان!؟" ثم انتهى صراع الديكة ذاك، بأن انسحب جلادنا الأخرق و هو في حالة هستيرية أقرب للبكاء، يصرخ متسائلا " هل أنا مجرد مخزني؟ هل أنا مجرد مخزني؟ أنا أيضا بوليسي، أنا أيضا بوليسي .." لم يجب على سؤاله أحد، فقط ظل يتردد في أرجاء المكان، وهناك عرفت سبب الملاحظات الغريبة التي انتابتني حوله، وعرفت أيضا أني أصبت في نعته بالأخرق، في انتظار المفاتيح استكمل الجلاد الماكر ما بدأه زملائه في الصطافيط، ولم يرد إهدار الوقت، عرفت حينها أنهم متلهفون لأدنى معلومة:
- ماذا كنت تفعلين في عين قادوس؟
- كنت في الزيارة للرفاق المعتقلين.
- أي واحد فيهم؟
- جميعهم
- من هو رفيقك فيهم؟
- جميعهم رفاقي.
- أقصد الأقرب إلى قلبك؟
- جميعهم رفاقي، وجميعهم قريبين إلى قلبي.

كان يحاول التظاهر بالهدوء و هو يسأل، و كنت أجيبه بهدوء أيضا، ولو أن هدوءه مصطنع، في حين أن هدوئي نابع من صدق ما أقول، ثم غير نبرة صوته وعاد إلى طلائه الأصلي، وصرخ " نحن نعرف كل شيء ونعرف أيضا من يكون حبيبك فيهم" رسمت علامات الاستغراب على وجهي، وتساءلت ما الداعي للسؤال إذن؟ صرخ مرة أخرى: " أريد أن أسمع ذلك منك" حافظت على هدوئي و أجبت : " جميعهم رفاقي وأعزهم جميعا، وما تود سماعه من أشياء شخصية عني، لن تسمعه، أو لم تقل بأنكم تعرفون كل شيء؟!.

أنا متيقنة بأن هذا السؤال، و لا حتى الإجابة عنه، لن تقدم و لن تأخر في تحقيقهم من شيء، لكن تذكرت المقال القيم "فلسفة المواجهة خلف القضبان" وكيف أن باب التنازلات مهما كانت بسيطة، إذا فتح لن يغلق أبدا، كما أن الأسئلة حول حياة المعتقل الشخصية، خاصة و إن كانت دقيقة ليست إلا وسيلة من وسائلهم الخبيثة لزعزعته من الداخل، وأيضا تشتيت انتباهه و تركيزه، و الأهم حتى يجعلونا نصدق أحجية أن " المخزن كيعرف كلشي، التي لطالما سمعناها تتردد في قرانا الصغيرة".

أخيرا، أحضر أحد الجلادين ممن التقيتهم المرة السابقة، المفاتيح، دخلنا أحد تلك الأبواب جلس صاحب العينيين الماكرتين خلف أحد المكاتب، أمرني بالجلوس أمامه، و ما أن هممت بذلك حتى وجدت وجوها غير تلك التي رافقتني في تلك الممرات، حوالي خمس وجوه، قد حامت حولي، كلهم يتجهون بنظرهم نحوي، كمن يستعد للانقضاض على فريسة في أي لحظة، أشحت بنظري عنهم، وأخذت أتطلع في المكتب الموجود بجانبي، فجأة وقعت عيناي على أحد الأسماء التي تركت بصمتها في شواهد تعذيب رفاقي القابعين الآن في ظلمة الزنازين وبرودتها، جراء ما ارتكبه في حقهم من تنكيل و تعذيب، لقد وقع نظري على اسم " عزيز السويري " وبسرعة أخذت أتطلع للجالس خلف المكتب، وبدأت بعض الأجزاء من شواهد تعذيب الرفاق تنهال على رأسي ، تذكرت من مددت أطرافه، من تعرض للضرب حتى فقد وعيه، ومن وضعت له الشيفونة، ومن تعرض للطيارة، بل حتى من اغتصب بالزرواطة، و آخرون و آخرون...

بينما أنا كذلك، انتشلني أحدهم بسؤاله حول ما يوجه ضدي من تهم، ومدا مسؤوليتي في مقاطعة الامتحانات في الموسم الدراسي المنصرم، كانت جميعها تحاول تجريم المناضل وتجريده من هويته كمعتقل سياسي، من بينها اتهامي بالضرب و الاعتداء وممارسة العنف في حق أحد الأشخاص، لم أعرفه آنذاك رغم إطلاعي باسمه، إلى أن عرفته مستقبلا، أنه ليس إلا أحد عناصر القوى الظلامية، بل إنه نفس العنصر الذي تعرضت من طرفه لمحاولة الاغتيال بواسطة أحد الأسلحة البيضاء، وهو يصرخ ( الله أكبر الله أكبر )، على مرأى ومسمع جميع طلبة وطالبات كلية الآداب، كذلك موظفيها و أساتذتها، في نهاية السنة... لم أستغرب، ولن أستغرب، فالمؤامرة التي تعرض لها توجهنا المكافح، و التي راح ضحيتها خيرة مناضلي الشعب الأبي، لا زالوا في زهرة شبابهم، وشهيد لا زالت صدى كلماته ترن في أذني، وهو في خطى وطيدة ليعانق شهداء و شهيدات الحرية و الانعتاق، لازالت مستمرة، لم تنتهي بعد ولن تنتهي الآن فمسلسل الهجوم سيظل مستمرا، مادام خيار المقاومة و المواجهة، وعدم المساواة أو المصالحة، يجري في دماء مناضلي ومناضلات النهج الديمقراطي القاعدي و عموم الأحرار و الشرفاء في ربوع هذا الوطن الجريح.

..بعد أن نفيت كل الموجه ضدي، ما عدا انتمائي للنهج الديمقراطي القاعدي، دخل أحدهم صلب الموضوع، وبدأ يسألني عن بعض الرفاق، وعن معرفتي بهم، بطبيعة الحال لم أتعرف عليهم!! حاول بعدد من طرقه اللينة الخبيثة، استمريت في إنكار معرفتي بهم، ثم ما انفك أنه عاد إلى طلائه الأصلي مرة أخرى، و أخذ يرغي و يزيد، ويضرب بكفيه أعلى المكتب و يلقي بعبارات تعبر عن مدى غضبه، فكيف لي ألا أعرفهم و أنا أناضل جنبا إلى جانبهم، لقد فقد أعصابه، وقبل أن أعرف أين سيكون المكان الموالي لكفيه، جرني جلاد أخر إلى المكتب المقابل، ظللت هناك لبضع دقائق، و أنا لا أزال أسمع صراخه، وصدى كلماته المبعثرة من سب وشتم، من فرط غضبه، لكن لماذا تم نقلي من جانبه، هل يا ترى أصبح اللاوطني و طني؟!وأضحى اللاديمقراطي ديمقراطي؟! و اللاشعبي شعبي؟! أكيد لا، لم تكن تلك إلا واحدة من مساحيق تزيينهم التي سرعان ما تذوب، لتكشف ملامح الوجه الحقيقة، و البشع لن يضحي جميلا، إلا بعد عملية جراحية تزيل كل معالم و أسس بشاعته من العمق.

..بينما أنا كذلك دخل الجلاد الأول ثم الثاني، ثم الثالث، أمروني بالجلوس مرة أخرى أمام أحد المكاتب لينطلق مسلسل الاستنطاق مرة أخرى.
كالعادة كانت الأسئلة الأولى حول معلوماتي الشخصية، عدد إخوتي، محل سكني، و ما إلى ذلك، ثم بدأ الإيقاع يرتفع شيئا فشيئا، فمن طفولتي وأين حصلت على شهادة البكالوريا، ووضعية الحركة التلاميذية في الإعدادية و الثانوية التي درست فيهما، إلى المرحلة الجامعية، ثم جاء دور لجنة المعتقل من فيها؟ ما أدوارها؟ وعشرين فبراير، ما الذي استفاده القاعديون من انتفاضة عشرين فبراير؟ ما المزايا التي تركتها لحدود الآن؟ وحصة مهمة من تلك الأسئلة انصبت حولى الذكرى السنوية الأولى لشهيد الشعب المغربي و النهج الديمقراطي القاعدي، الغالي مصطفى مزياني، و البرنامج المعد ليومي 15 و 16 ، وبين اللحظة و الأخرى كان يقفز أحدهم بدون أدنى سياق و هو يتساءل، " لماذا أنقلتم الفوضى لسايس؟ ما الذي ترجونه وتخططون له وراء ذلك؟"

وسط ركام أسئلتهم العديدة و المختلفة، لم يكن إلا سؤال واحد يشغل ذهني و بالي، سؤال واحد ظللت أطرحه على نفسي مرارا و تكرارا، بمرارة و ألم عنيفين: هل سأتمكن من حضور استشهاد الغالي مصطفى مزياني الأولى؟ هل سأتمكن من الوقوف إلى جنب رفاقي و رفيقاتي في هذه المحطة النضالية الغالية على قلوبنا؟...

...يتبع...

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes