دائرة الممنوعين في مملكة محمد السادس تتسع لعبد الله أفتات
اعتقد البعض واهما أنه بإقرار دستور جديد كما حدث سنة 2011 سيتوسع هامش الحرية وستفتح الأبواب على مشراعيها أمام الجميع وفق تعبيرات مختلفة جمعوية وحزبية ونقابية وحقوقية..كعربون على ما ورد في الوثيقة الدستورية التي جاءت حافلة على هذا المستوى، لكن لا شيء من ذلك تحقق فالشخصيات والتنظيمات التي كانت ممنوعة في ما مضى لا زالت على وضعها الحالي بل إن الدائرة توسعت لتشمل فاعلين جدد مما يؤكد معه أن الثوابت المخزنية لم تتغير وأن المنع سيشمل كل من يرفض الدخول تحت المظلة ويعلنها معارضة مدوية .
والمنع قد يكون حصارا إعلاميا كما يحدث مع العديد من الشخصيات (مصطفى البراهمة، فتح الله أرسلان، محمد المرواني،عبد الرحمان بنعمرو، مصطفى المعتصم، إدريس مستعد، أحمد ابن الصديق، أبو بكر الجامعي، رموز الحراك المغربي..وغيرها كثير، فهذه الشخصيات رغم أنها صنعت الحدث أكثر من مرة إلا أنه لم تتح لها الفرصة للحديث إلى الرأي العام عبر وسائل الإعلام العمومية وهذا من حقها كما يحدث في البلدان التي ما فتئنا نقدمها كنماذج، رغم أن بعضها هوجم أكثر من مرة من طرف هذه الوسائل عبر هجمات تكون في معظمها منظمة تستعمل فيها وسائل متنوعة، بل إن بعضها لجأ إلى الهيئة العليا للسمعي البصري طلبا للإنصاف ومع ذلك تم تجاهلها لأسباب معروفة لكنها غير معلنة .
والمنع قد يكون قانونيا وهذا هو مربط الفرس في هذا البلد الذي يغنى فيه بالحريات صباح مساء لدرجة أن وزارة أضيفت كلمة الحريات إلى اسمها في إشارة إلى أن مغربنا مغرب الحريات، لكنها على الورق وكفى، والدليل البراق على ذلك هو أن تنظيمات وإطارات ممنوعة من حقها في التواجد القانوني رغم أن ملفاتها استوفت كل الشروط القانونية وسلكت كل المساطر المتبعة والمعمول بها بشهادة حقوقية، ومع ذلك تشهر في وجهها ورقة المنع دون تقديم مبررات مقنعة، وتستعمل في ذلك كل الطرق للوصول إلى هذا المبتغى الذي يكشف زيف الديمقراطية المغربية المفترى عليها.
ليس هذا فحسب بل إن هناك حالات تصر فيها السلطة على المنع بقدر إصرار المعنيين على التشبث بحقهم الدستوري وكلما أعلنوا "التشهير والفضح" واللجوء إلى الساحة الحقوقية والإعلامية طلبا للدعم إلا وقالت السلطة في المغرب على لسان حالها "ولوطارت معزة"، فهل فعلا معزة المخزن لا تطير أم أنه يجب تبديلها بطائر يطير، ويمكن أن نستحضر هنا كمثال ما يقع هذه الأيام للحركة من أجل الأمة وذراعها السياسي حزب الأمة، فرغم أن كلا التنظيمين قاما بكل ما هو مطلوب قانونا وهناك من أضاف "وزيادة" ومع ذلك تأتي سلطات الرباط لتقول لإدريس مستعد الرئيس الجديد للحركة من أجل الأمة أنكم يجب أن تؤسسوا لا أن تجددوا، فلما واجههم القيادي الإسلامي بالوثائق التي تثبث أن الحركة قائمة باعتراف السلطة أداروا ظهورهم وولوا دون رد ينم عن ضعف وجبن السلطة في المغرب .
وتبقى جماعة العدل والإحسان وأيضا أحزاب البديل الحضاري، والحزب الديمقراطي الأمازيغي، النهج الديمقراطي، الطليعة الديمقراطي، الحزب الاشتراكي الموحد..أمثلة صارخة أخرى على توسيع دائرة الممنوعين في مملكة محمد السادس، فإذا كانت التنظيمات الثلاثة الأولى غير معترف بها رغم بذلها كل الجهود للوصول إلى الوضعية القانونية، فإن الأحزاب الثلاثة الأخيرة ممنوعة مثلا من حقها في الظهور في الإعلام العمومي الذي يمول من جيوب المواطنين، ومن حقها في الدعم المالي كباقي الأحزاب الموجودة إلا أن السلطلة لها حسابات أخرى غير الحسابات الديمقراطية .
أما إذا خرجنا من الجانب السياسي إلى مجالات أخرى فتلك مصيبة أخرى، فاللائحة تضم أيضا منظمات حقوقية وعشرات الجمعيات الوطنية والمحلية بل وجمعيات الأحياء بسبب تواجد هذا الاسم أو ذاك المحسوب على المعارضة الجادة، وفي بعض الأحيان أنت ومزاج القائد، وكأننا في زريبة وليس في دولة مفروض فيها احترام القانون واحترام كل من يرغب في تأسيس إطار معين كما هو مسطر في دستور المملكة، والأطر الجمعوية كل مرة تحكي العجب العجاب عن معاناتها مع الترخيص القانوني .
إن سلوك السلطة على هذا المستوى يؤكد لنا حقيقة واحد أنه كلما أخذنا مسافة عن الحراك الذي شهده المغرب سنة 2011 تفاعلا مع ما يجري في محيطه، إلا ويشهد المغرب ردة وتراجعا غير مسبوق عن معظم ما تحقق، لذلك المطلوب الوضوح هل نحن في وضعية انتقالية أم ماذا؟ إذا كان الأمر كذلك فانصفوا كل هؤلاء وأطلقوا العنان للحريات الحقيقية، أما إذا كان غير هذا فعلى القوى الديمقراطية أن تعي هذا وتشمر على ذراعيها للقيام بالواجب النضالي السلمي أما الانتظارية فإنها أصبحت تقتل .
عبد الله أفتات ـ عن صدى نيوز
مواضيع ومقالات مشابهة