قراءة في أحداث انتفاضة الشعبية 1984 المجيدة
عرف المغرب بداية الثمانينات أزمة خانقة في مختلف المجالات و القطاعات و تراجع الوضع الاقتصادي الذي تميز بإفلاس المغرب الذي بلغت ديونه الخارجية آنذاك 7.000 مليون دولار أدى إليه سوء التدبير ثروات المغرب و الإنفاق الضخم في التسلح في حرب الصحراء حيث كانت تكلف خزينة الدولة مليون دولار يوميا، و كذا انخفاض عائدات الفوسفات نتيجة انخفاض ثمنه عالميا لقلة الطلب، مما أدى بالمغرب للخضوع لتوجيهات المؤسسات المالية الدولية المانحة للمغرب كصندوق النقد الدولي و ابنك العالمي، و ذلك بتبني سياسة التقويم الهيكلي المعتمدة على سياسة التقشف وباعتماد سياسة ما يسمى بتوجيه نفقات القطاع العمومي بخفيض ميزانية تسيير القطاعات العمومية الى ادنى مستوياتها كالتعليم و الصحة و الشغل و الزيادة في الضرائب و رفع الاسعار و تجميد الاجورة والتعويضات....
و قد عرفت أثمنة المواد الأساسية ارتفاعا كبيرا، حيث وصلت الى 18% بالنسبة للسكر و 67% بالنسبة للزبدة، و 20% بالنسبة للغاز و الوقود، أما بالنسبة لقطاع التعليم، فقد أضيفت رسوم جديدة للتسجيل، تمثلت في دفع 50 درهما بالنسبة للتلاميذ الراغبين في التسجيل بالبكالوريا، و 100 درهم بالنسبة للطلبة الجامعيين.
و على المواطنين الراغبين في الدخول للمدينتين المحتلين للعمل او التجارة دفع مبلغ 100درهم بالنسبة للراجلين و 500 درهم بالنسبة لأصحاب السيارات، حيث سنة 1984 تم تعميم مبلغ 100 درهم ، و هو ما أدى إلى تدهور الوضع الاقتصادي بالإقاليم الشمالية.
الوضع المتأزم اقتصاديا وسياسيا و اجتماعيا هو الذي أدى في النهاية إلى تفجير الانتفاضة 84، التي جاءت بعد انتفاضة الخبز في تونس لنفس الاسباب و الدواعي، مما دفع بالمواطنين الى الاتحاد والاحتجاج ضد هذه السياسة الطبقية، حيث نزلت الجماهير الشعبية إلى الشوارع في مسيرات حاشدة في مجموعة من المدن الشمالية حيث انطلقت من الحسيمة وعمت في كل من الناظور و تطوان و القصر الكبير و مراكش و بركان و وجدة.
كانت بداية الانتفاضة عبارة عن احتجاجات تلاميذية داخل أسوار الثانويات بالحسيمة، على مطالبهم المشروعة " تجهيز المختبرات والمكتبة و سد الخصاص في اساتذة بعض المواد و تحسين الوجبات الغذائية كما و كيفا بالنسبة الداخليين، و التراجع عن الزيادة في رسوم التسجيل..."، لكن هجوم السلطات على هذه المؤسسات أدى الى نقل هذه الاحتجاجات الى الشارع و مشاركة المواطنين المتضامنين معهم، و بإنتقالها إلى الشارع تطور شكلها من مجرد احتجاجات تلاميذية إلى مظاهرات شعبية حاشدة في الشارع و في الأحياء الشعبية و البلدات ضد القمع وسياسة التقويم الهيكلي وارتفاع الاسعار و غلاء المعيشة برمته شاركت فيها مختلف فئات و شرائح المجتمع بالريف.
وكانت الشارة الاولى من ثانوية أبي يعقوب الباديسي بالحسيمة، حيث قام تلاميذ المؤسسة كالعادة بتنظيم تظاهرة احتجاجية على تردي الاوضاع التعليمية بالثانوية و بمجرد ان رفع التلاميذ شعار انطلاقة التظاهرة في الساحة "اتحدوا اتحدوا في الإضراب شاركوا"، حتى فوجئ الجميع باقتحام قوات القمع لحرمة المؤسسة بوحشية هستيرية و بدون سابق انذار، فكان التدخل القمعي عنيفا وعشوائيا حيث تقوم عناصر القوات القمعية بالضرب و الرفس كل من يعترض طريقها، و امام هذا الوضع بدأ التلاميذ بالهروب في كل الإتجاهات بحثا عن مفر يقيهم شر هراوة قوات القمع الغليظة فالبعض حاول تسلق الجدران الطويلة والبعض الاخر قام بكسر النوافذ المطلة على الشارع للقفز منها و النجاة من القمع و الاعتقال، وبعدها مباشرة حاول كل الناجين التجمع من جديد في الشارع بالقرب من الثانوية لينظموا مظاهرة جديدة في اتجا المعهد الديني/ ثانوية الإمام مالك لمطالبة الدعم و التضامن معهم، الا ان بعد اقترابهم من الموقع اعترضتهم عناصر القوات المساعدة الكائنة بنفس الشارع حال دون وصول المظاهرة الى وجهتها المحددة لطلب المساندة، و حينها تحول الموقف الى المواجهة مع هاته القوات، في نفس الان توجه حمع اخر من المتطاهرين إلى إعدادية سيدي عابد لطلب الدعم لصد هجوم القوات القمعية وبالفعل نجح المتظاهرين في إخراج تلامذ الاعدادية مما زاد من حجم المتظاهرين و شجعهم للعوددة الى وسط المدينة لفك الحصار المضروب على الثانويات و تنظيم مسيرات احتجاجية حاشدة جابت عدة مواقع بالمدينة.
وفي المساء قام تلاميذ كافة المؤسسات الثانوية و الاعدادية بالمدينة بمقاطعة الدراسة وتنظيم مسيرة شعبية كبيرة انطلاقا من وسط المدينة لتجوب شوارعها، بعدما ان التحقت بها عدة مظاهرات اخرى جاءت من احياء أخرى و خاصة تلك التي تزعمها البحارة حيث رفعت فيها شعارات بالامازيغية لأول مرة "نشن مارا نحزن انقانغ ارمخزن".
و قد عمت الاحتجاجات و المظاهرات السلمية باستثناء بعض المنوشات مع العناصر القعية في بعض الشوارع والاحياء السكنية بالحسيمة، و لم يستمر الوضع طويلا حتى وصلت جحافل القوات القمعية بعد تعزيز صفوفها بقوات اضافية جاءت من الناظور و تازة، وجددت المواجهات مع المتظاهرين و بدات القوات القمعية باطلاق النار مستعملة الرصاص الحي في العديد من المواقع وسقط العديد من الشهداء مما دفع بالمحتجين الى الانسحاب من المدينة والاحتماء بالجبال القريبة بمرموشة و المناطق المجاورة لها مما يساعده على المواجهة ويعفيها من السقوط في براثين نيران الجيش، حيث شكل المنتفضون سلسلة بشرية رائعة، بعد مطاردة المخزن لهم و اعتقال و استشهاد العديد منهم.
وفي المساء قام تلاميذ كافة المؤسسات الثانوية و الاعدادية بالمدينة بمقاطعة الدراسة وتنظيم مسيرة شعبية كبيرة انطلاقا من وسط المدينة لتجوب شوارعها، بعدما ان التحقت بها عدة مظاهرات اخرى جاءت من احياء أخرى و خاصة تلك التي تزعمها البحارة حيث رفعت فيها شعارات بالامازيغية لأول مرة "نشن مارا نحزن انقانغ ارمخزن".
و قد عمت الاحتجاجات و المظاهرات السلمية باستثناء بعض المنوشات مع العناصر القعية في بعض الشوارع والاحياء السكنية بالحسيمة، و لم يستمر الوضع طويلا حتى وصلت جحافل القوات القمعية بعد تعزيز صفوفها بقوات اضافية جاءت من الناظور و تازة، وجددت المواجهات مع المتظاهرين و بدات القوات القمعية باطلاق النار مستعملة الرصاص الحي في العديد من المواقع وسقط العديد من الشهداء مما دفع بالمحتجين الى الانسحاب من المدينة والاحتماء بالجبال القريبة بمرموشة و المناطق المجاورة لها مما يساعده على المواجهة ويعفيها من السقوط في براثين نيران الجيش، حيث شكل المنتفضون سلسلة بشرية رائعة، بعد مطاردة المخزن لهم و اعتقال و استشهاد العديد منهم.
كما شنت السلطات حملة من المداهمات للمنازل والاعتقالات الواسعة طغى عليها طابع العشوائية و الإنتقائية، وشملت العديد من التلاميذ والمواطنين الأبرياء لاجل الانتقام منهم و ترهيب الشعب، حيث كان يزج بهم في معتقلات مفوضية الشرطة بالحسيمة والثكنات العسكرية او في المعهد الاصيل الذي حولوه الى مقر احتجاز جماعي و مورس عليهم مختلف أصناف التعذيب الجسدي و النفسي، و منهم من ظل محتجزا في هذه المراكز لعدة أسابيع، وبعد ذلك تم تنظيم محكامات صورية للعشرات منهم واصدرت في حقهم احكام قاسية، كما تم حضر جمعية البعث الثقافي و اعتقال رئيسها عبد العالي لمعلمي رفقة عبد الغاني الراقي وقد تحدثت وكالة الانباء الاسبانية عن سقوط اكثر من 100 قتيل و اكثر من 600 معتقل و مختطف باقليم الحسيمة وحدها.
و بعد تناقل الاخبارعن التدخل الهمجي لقوات القمع على الثانويات واندلاع المواجهات في شوارع مدينة الحسيمة واتساع دائرتها لتشمل احيائها الشعبية والحديث عن سقوط ضحايا و اعتقالات عشوائية في صفوف التلاميذ والمواطنين السلميين، و خاصة بعد وصول انباء تتحدث عن استعمال الرصاص الحي في مواجهة المتظاهرين بحي باريو و سقوط شهداء مما دفع تلاميذ ثانوية امزورن للتظاهر تضامنا مع زمالائهم و اخوتهم بالحسيمة الا ان مدير الثانوية صحبة مجموعة من الاعوان الاداريين حال دون استمرار احتجاجهم التضامني طويلا بساحة المؤسسة صباح الجمعة 13 يناير، لذا اضطر التلاميذ الى الخروج الى الشارع مساء نفس اليوم لتنظيم مظاهرة حاشدة مع مقاطعة الدروس. الا ان السلطات العمومية قامت باستنفار قوات قمعية كبيرة وصلت للتو الى عين المكان على متن عدة عربات، و شاحنات و سيارات الجيب ولاند روفر ذات الدفع الرباعي، و اصطفت القوات في عدة مواقع وهي تصوب اسلحتها النارية في اتجاه التلاميذ العزل اللذين كانوا يستعدون لانطلاقتهم في تظاهرة تضامنية مع اخوتهم في الحسيمة الا ان القوات اطلقت بعض الاعيرة النارية في الهواء مما دفع بالتلاميذ للهروب الى جهة الهضاب و الجبال المجاورة في حين قامت القوات القمعية بمطاردتهم، وتعنيف واعتقال كل من صادفته في طريقها هاته القوات القمعية المشكلة من عناصرالجبش والدرك والمخازنية و رجال و اعوان السلطة المحليين، مما نتج عنه عدة اصابات و اعتقالات في صفوف التلاميذ وكذا تهديدهم بالمتابعة والاعتقال.
و في اليوم الموالي/ يوم السبت 13 يناير و هو يوم السوق الاسبوعي بامزورن ومعروف انه من اكبر الاسواق بالاقليم حيث يقصده العديد من المواطنين من مختلف المناطق و الاقاليم الريفية للتسوق بمختلف السلع و البضائع، وقد كان هذه المرة سوقا للاحتجاج و المواجهة مع القوات القمعية بعد ان اتجهت اليه مظاهرة تلاميذ الثانوية و التحاق العديد من المواطنين بها و خاصة بعد رفع شعار على غلاء المعيشة "عيش عيش يامسكين بطاطا ربعة دورو" و لم تدوم المظاهرة طويلا و هي تجوب محيط الصوق الاسبوعي حتى فوجئت باندفاع القوات القمعية التي بدات في الضرب و الرفس كل من تصادفه في طريقها ليتحول الصوق الى معركة بزنطينية إختلط فيها الحبل بالنبل، لتنتقل فيما بعد المواجهات الي باقي المواقع بتعم بلدة امزورن و خاصة المرتفعات القريبة التي كان المتظاهرون يحتمون بها من ملاحقة عناصر القمع و المقدمين و استمرت هاته المواجهات ليوم كامل لتقل حدتها مع جنوح الظلام، وقد اسفر هذا اليوم عن اعتقال العديد من المواطنين الابرياء الذين يترددون على السوق سواء من اجل التجارة او للتسوق و كذا دهس طفلة صغيرة بسيارة الدفع الرباعي "الجيب" الدرك حسب شهود عيان، كما قامت السلطات بحملة اعتقال واسعة في صفوف التلاميذ و المواطنين استمرت لعدة ايام راح ضحيتهاعشرات المواطنين الذين عدبوا وحاكموا باحكام قاسية و صلت الى 10 سنوات و على سبيل المثال لا الحصر عبد الوفي أهباض و تلميذ ينتمي لثانوية امزورن علي بولعيون الذي اختطف من مزل والديه و عذب و حكم زورا و بهتانا بسنتين سجنا نافذة.
و في مساء نفس اليوم السبت انتقلت الاحتجاجات الى بلدة تماسينت تضامنا مع اخوانهم بالحسيمة و امزورن استنكارا لما تعرضوا له من قمع وحشي على يد القوات القمعية، لتتحول بدورها الى المواجهات مع قوات القمع التي استعملت الرصاص الحي بدون هوادة واسفرالتدخل القمعي السافر عن سقوط العشرات من الشهداء و اعتقال العديد منهم و مطاردة الاخرين في الجبال المجاورة. و اصبحت بلدة تماسينت منطقة عسكرية مغلوقة غير معلنة لعدة ايام كما تم تعديب و محاكمة ابنائها باحكام قاسية تراوحت بين 20 سنة و4 اشهر سجنا نافذة في حق المحتجين السلميين حسب الجدول اسفله.
وقد تناقلت اخبار المظاهرات الحسيمة و ما صاحبها من قمع وحشي ادى الى اغتيال العشرات و اعتقال المئات المواطنين الابرياء لا لشيء الا لاحتجاجم السلمي على سياسة التفقير والقمع التي ينهجها النظام الاستبدادي تجاه ابناء مدينة الحسيمة لتعم مدن وبلدات ريفية مجاورة و تبدأ سلسلة الاحتجاجات التضامنية مع الحسيمة، حيث بدات الاحتجاجات بالناظور داخل مؤسساتهم منذ يوم17 يناير إلى غاية يوم الخميس 19 يناير تضامنا مع زمائهم و عائلاتهم باقليم الحسيمة و استنكارا لما تعرضوا له من قمع همجي بالحديد و النار يذكرهم بانتفاضة 58/84 ما يعرف بالريف "عام إقبان"، إلى أن انتقلت المظاهرات إلى مدن اخرى مجاورة مثل تطوان، العراش وقصر الكبير و وجدة، حيث شارك فيها التلاميذ والطلبة و الشغيلة وعرفت مشاركة حاشدة لكل الفئات المهمشة و الفقيرة اطلقت عليها مسيرات الالفية للتنديد بسياسة القمع و التقشف وارتفاع الاسعار والبطالة..
وعرفت مدينة الناظور و تطوان إنزالا عسكريا قويا بمختلف وحدات الجيش المشاة و المظليين و باسلحة ثقيلة حيث خرجت المصفحات الحاملة للجنود والدبابات الى الشوارع و تمركزت في عدة مواقع حساسة وشاركت المروحيات في قصف المحتجين السلميين، حيث بدأ القصف بشكل كثيف و عشوائي تجاه المواطنين من دون تمييز بين الكبير و الصغير، و المرأة و الرجل، و المشارك و المتفرج بمعنى اخر ان كل مواطن يخرج الى الشارع اصبح مشروع شهيد تصطاده بناديق الجيش أو الشرطة وخروج الدبابات الى الشوارع برا وجوا باستعمال المروحيات في كل من الناظور و تطوان وللإحاطة اكثر بالموضوع يمكن الرجوع الى الصحف اليومية الأسبانية مثل صحيفة الباييس، بتاريخ 23 يناير 1984، وكذلك صحيفة تليغرامة مليلية، بتاريخ 24 يناير 1984 تجدها معززة بالمعطيات والصورالميدانية و خاصة صورة لمروحية و هي تقوم بقصف المدنيين بالنار في واضحة النهار.
و قد اسفر التدخل الهمجي لقوات القمع الدموية المختلفة الاشكال المئات من الشهداء وألاف الجرحى و المعتقلين، و من الصعب جدا تحديد عدد القتلى و الجرحى الذي اسفر عنه القمع الدموي خلال انتفاضة الريف 84، في ظل غياب او ضعف للمجتمع المدني بالمنطقة لاحصاء العدد الحقيقي لهؤلاء الضحايا الذي ظل دوما طي الكتمان مع اخفاء مجموعة من الحقائق من طرف النظام المغربي نظرا لمسؤولياته المباشرة عن هاته الانتهاكات الخطيرة لحقوق الانسان، ونظرا لاستمرار نفس المسؤولين في مواقع مسؤولياتهم او ترقيتهم الى مناصب عليا وحساسة مما لا يساعد على اكتشاف الحقيقية، و كذلك لان جثث القتلى لم تترك في الشوارع و في المستشفيات لمدة كافية و لم تسلم الى اهلها لتساعد على إحتسابها من قبل المحتجين أو من أية جهة أخرى غير حكومية مستقلة، الى جانب تواجد مكثف و متواصل لرجال الشرطة وعناصر المخابرات و السلطة المحلية في المستشفيات مما دفع بعدد كبيرا من المصابين و الجرحى الى عدم الذهاب الى المستشفى و المراكز الصحية للعلاج من الجروح تفاديا لعملية الاختطاف / الاعتقال التي كانت جارية انذاك على قدم وساق في كل المكان و خاصة لو تم الاشتباه في مشاركته في الاحتجاجات، و بذلك اصبح من شبه المستحيل معرفة العدد الحقيقي لعدد الجرحي أو القتلى الذي يتم دفنهم ليلا وخفية دون اللجوء الى المقابر حتى لا يفتضح امرهم.
غير أن الجهة الوحيدة التي يمكن ان تتوفر عن أرقام تقارب عدد الضحايا هي الدولة، و التي سبق و ان صرحت يوم الأربعاء 25 يناير 1984، محددة عدد القتلى على المستوى الوطني في 29 و عدد الجرحى في 114،و تتوزع على الشكل التالي:
في الحسيـمة: 4 شهداء، و 4 جرحى.
في الناظور : 16 شهيد، و 37 جريحا.
في تـطـوان : 9 شهداء، و 72 جريحا.
ملاحظة: ان هذه الارقام في تقديري الشخصي يمكن مضاعفتها ثلاية مرات لتكون قريبة شيئا ما الى الواقع لاننا نعرف كيف تعمل السلطات المغربية من ادنى هرمها الى اعلى مستوياتها على اخفاء جرائمها في حق الشعب المغربي في مثل هذه القضايا الحساسة الى يومنا هذا،نظرا للهاجس الامني الذي يشغل بال السلطات المخزنية، الى جانب سيطرته على وسائل الاعلام الوطنية من اذاعة و تلفاز دون ان ننسى رقابته الشديدة على نشر الاخبارو التقارير بالجرائد و المجلات الوطنية اليومية و الاسبوعية ..ملاحظ
غير ان هذا لم يمنع الجرائد الأسبانية الوطنية و الجهوية و الاقليمية من الاجتهاد في تقدير عدد الضحايا من خلال مصادرها الخاصة، حيث أوردت صحيفة "التليغرامة مليلية" في عددها الصادر يوم 21 يناير 1984حيث ذكرت أن عدد الشهداء بالناظور يمكن أن يتجاوز 40 شهيد، كما اوردت صحيفة جهوية بكطالونيا"جريدة كطالونيا" في عددها ليوم 26 يناير 1984، أن عدد الضحايا بالريف يمكن أن يصل الى 400 شهيد، و بذلك تعددت التقديرات و الاحصائيات لعدد القتللى / الشهداء في الجرائد الأسبانية، الا ان ماهو مؤكد هو ان مختلف القوات الامنية و الوقاية المدنية وعناصر من الجيش قد شاركت في اقامت مدافن و مقابر جماعية لجثث القتلى في سرية تامة، وهذا ما أكدته عدة مصادر مستقلة موثوقة تقول انه تم استعمال الحاميات العسكرية و ثكنات الوقاية المدنية و غيرها لاخفاء الجثث و التنكر لهم، و هو ما يعني أن عدد القتلى بالتأكيد يتجاوز بكثير ما اعلن عنه رسميا في نشرات الاخبار بالاذاعة والتلفزة الوطنية و الذي سبق و ان اشرنا اليه اعلاه.
بالنسبة للاعتقالات و الاختطافات و المتابعات فحدث و لاحرج، فبعد القمع الشرس الذي تعرضت له الاحتجاجات الاجتماعية السلمية بالريف فرضت السلطات حضرا للتجوال على المواطنين، حيث كان يصعب على أي مواطن أن يخرج من مقر سكناه لقضاء أغراضه و إلا و أصبح مشروع شهيد، واصبحت المنطقة عسكرية بالكامل واستمر الوضع على هذا الحال لعدة اسابيع إلى أن رفعت تدريجيا اواخر شهر فبراير.
و خلال هذه الفترة، شنت السلطات العمومية حملة الاختطافات والاعتقالات العشوائية الواسعة في صفوف التلاميذ و الطلبة والعمال و الموظفين والمواطنين، حيث كانت تقوم بالمداهمات للمنازل وممارسة كل انواع التهديدات واحتجاز العائلات بكاملها..
كما ان المعتقلين يتم اقتيادهم الى مخافر الدرك و الشرطة ليتم ممارسة كل اشكال و انواع التعذيب الجسدي و النفسي انتقاما منهم و احتجازهم في هذه المراكز لعدة شهور، و بعد ذلك احالتهم على المحاكم بمحاضر مطبوخة بتهم واهية و ملفقة..
كما ان المعتقلين يتم اقتيادهم الى مخافر الدرك و الشرطة ليتم ممارسة كل اشكال و انواع التعذيب الجسدي و النفسي انتقاما منهم و احتجازهم في هذه المراكز لعدة شهور، و بعد ذلك احالتهم على المحاكم بمحاضر مطبوخة بتهم واهية و ملفقة..
أما فيما يتعلق بالمحاكمات فقد تميزت بتوجيهيها من طرف النظام، حيث حوكمت مجموعة كبيرة من المتهمين بمدة وصلت إلى عشرين سنوات نافذا،كما تمت محاكمة قاصرين و خاصة التلاميذ كانو يتابعون راستهم الاعدادية.
و قد وقعت بعض الخسائر المادية و هذه بعض الارقام حسب التصريح الرسمي ليوم الأربعاء 25 يناير 1984، وهي كالآتي:
- الحسيمة: أحرقت 7 وسائل نقل خاصة و أصيبت بعطب 3 عمومية محلية.
- الناظور : أحرقت 7 وسائل نقل خاصة و شاحنة واحدة للأمن الوطني و أصيبت بعطب 20 وسيلة نقل أخرى، و 11 بناية أحرقت عن كاملها و 6 مدارس و محلات تعرضت لخسائر مادية.
- تطوان: تحطمت 7 وسائل نقل خاصة و 3 رسمية، و أحرقت 6 مقرات إدارية منها مقر الهلال الأحمر المغربي، و مكتب البريد.
و كان التلاميذ في اعتصامهم في كل من ثانوية الباديسي و امزورن قد فتح معهم حوار من طرف السلطات العمومية قصد تحقيق مطالبهم و استمر هذا الحوار لعدة ايام و تم اطلاق سراح العديد من التلاميذ المعتقلين بالحسيمة و كان النقاش جاريا على كيفية انتخاب وداديات التلاميذ ليكون المحاور و الممثل الدائم للتلاميذ في طرح مشاكلهم و تحسين عملية التحصيل و الدراسة و بامزورن كان قد اعطيت وعود باطلاق سراح التلاميذ المعتقلين الثلاثة وباشرت السلطات الحوار مع التلاميذ على عدة ملفات تتعلق بالتجهيزات داخل المؤسسة وكذلك المشاكل التي يعاني منها الشياب في بلدة امزورن من حيث غياب لدار الشباب والثقافة مكتبة عمومية والملاعب الرياضيةوغيرها ...
الا ان المفاجئة كانت مع خطاب الملك الحسن الثاني الذي القاه يوم 22 يناير 1984 حيث كان خطابا تهديديا وعنيفا و شديد اللهجة و موجها للريف خاصة و الشعب المغربي و قواه الحية عامة، في البداية اتهم فيه عدة جهات لافشال انعقاد المؤتمر الاسلامي منها: داخلية "الماركسيين اللنينيين" و الخارجية: " ايران" و"المخابرات الصهيونية" و وصف أبناء الشمال بالأوباش، والمهربين والفوضويين و..، حيث قال ”وسكان الشمال يعرفون ولي العهد، ومن الأحسن أن لا يعرفوا الحسن الثاني في هذا الباب“. و يقصد بذلك إشرافه المباشر رفقة أوفقير على المذابح الجماعية في حق ابناء الريف إبان أنتفاضة 58-59 المجيدة. وجرائمه ما زالت ندوباً لم تندمل في أجساد ابناء الريف وأجساد ابائهم وأجدادهم.
و بذلك تم التراجع عن الزيادة في بعض المواد و السلع، وضع حد لكل المطالب و الوعود الاخرى التي سبق و ان تم التوصل إليها في الحوارات السابقة تتعلق باطلاق سراح المعتقلين و تنظيم انتخابات الوداديات التلاميذية في الثانويات وبعض المشاريع المتعلقة بالشباب و الثقافة و غيرها وهنا يتعلق الامر بالحسيمة و امزورن التي كانت قد ياشرت معها السلطات سلسلة من الحوارات.
و كان التلاميذ في اعتصامهم في كل من ثانوية الباديسي و امزورن قد فتح معهم حوار من طرف السلطات العمومية قصد تحقيق مطالبهم و استمر هذا الحوار لعدة ايام و تم اطلاق سراح العديد من التلاميذ المعتقلين بالحسيمة و كان النقاش جاريا على كيفية انتخاب وداديات التلاميذ ليكون المحاور و الممثل الدائم للتلاميذ في طرح مشاكلهم و تحسين عملية التحصيل و الدراسة و بامزورن كان قد اعطيت وعود باطلاق سراح التلاميذ المعتقلين الثلاثة وباشرت السلطات الحوار مع التلاميذ على عدة ملفات تتعلق بالتجهيزات داخل المؤسسة وكذلك المشاكل التي يعاني منها الشياب في بلدة امزورن من حيث غياب لدار الشباب والثقافة مكتبة عمومية والملاعب الرياضيةوغيرها ...
الا ان المفاجئة كانت مع خطاب الملك الحسن الثاني الذي القاه يوم 22 يناير 1984 حيث كان خطابا تهديديا وعنيفا و شديد اللهجة و موجها للريف خاصة و الشعب المغربي و قواه الحية عامة، في البداية اتهم فيه عدة جهات لافشال انعقاد المؤتمر الاسلامي منها: داخلية "الماركسيين اللنينيين" و الخارجية: " ايران" و"المخابرات الصهيونية" و وصف أبناء الشمال بالأوباش، والمهربين والفوضويين و..، حيث قال ”وسكان الشمال يعرفون ولي العهد، ومن الأحسن أن لا يعرفوا الحسن الثاني في هذا الباب“. و يقصد بذلك إشرافه المباشر رفقة أوفقير على المذابح الجماعية في حق ابناء الريف إبان أنتفاضة 58-59 المجيدة. وجرائمه ما زالت ندوباً لم تندمل في أجساد ابناء الريف وأجساد ابائهم وأجدادهم.
و بذلك تم التراجع عن الزيادة في بعض المواد و السلع، وضع حد لكل المطالب و الوعود الاخرى التي سبق و ان تم التوصل إليها في الحوارات السابقة تتعلق باطلاق سراح المعتقلين و تنظيم انتخابات الوداديات التلاميذية في الثانويات وبعض المشاريع المتعلقة بالشباب و الثقافة و غيرها وهنا يتعلق الامر بالحسيمة و امزورن التي كانت قد ياشرت معها السلطات سلسلة من الحوارات.
ولعل السؤال اﻻﻜﺜر إلحاحية الذي ﻴطرح ﻨﻔﺴﻪ ﻗﺒل ﻏﻴرﻩ ﻤن التساؤلات ﻫو ﻋﻠﻰ وﺠﻪ الخصوص، لماذا تم التعامل بهذه الوحشية القذرة مع الاحتجاجات الاجتماعية السلمية و باستعمال كل هذه القوة العسكرية و الامنية المفرطة مع المواطنين العزل بالريف، أم أن هناك خلفيات وأسباب اخرى تاريخية و سياسية هي التي ادت إلى تبني هذا الاسلوب الهمجي؟
هكذا انتهت انتفاضة 1984 بالحسيمة و باقي المناطق، لكن القضايا الذي خرج من اجلها المنتفضون لازالت لم تتحقق إلى يومنا هذا فالمطالبة بالكرامة و الحرية و العدالة الاجتماعية و رفع الحصار على الريف و إطلاق سراح المعتقلين السياسيين لازالت تحافظ على راهنتيها أكثر من أي وقت مضى.
مواضيع ومقالات مشابهة