حزب النهج الديمقراطي و الموقف الرجعي من الصحراء الغربية لـ محسين الشهباني
يبدو واضحا، من خلال المواقف الأخيرة المتعلقة بالصحراء الغربية والصادرة عن الكتابة الوطنية بحزب النهج الديمقراطي، أنها تدشّن لمرحلة سياسية جديدة يمكن وصفها ب “المرور إلى مرحلة التطبيق الفعلي للمواقف السابقة التي قدم فيها نفسه وسيطا بين النظام والبوليزاريو “.
إذ أن هذه المواقف أصبحت تتماهى مع الموقف الرسمي للنظام الكمبرادوري و صدرت بكل جرأة على لسان مصطفى براهمة “موقفنا من الصحراء هو نفس موقف الدولة”، هذه القضية ليست سوى قطعة الجليد الطافية على السطح والتي تخفي تحتها جبال الجليد الباردة برودة مواقفهم التحريفية الانتهازية التي تسعى إلى الارتماء في أحضان النظام وتدشين مسلسل التراجعات إلى ما لانهاية، وبدون أي ذرة خجل يدعي الحزب استمرارية منظمة إلى الأمام، ويخنزل القضية في كونها بسيطة والحل السياسي هو الحل فالقضية اكبر من ذلك تتعلق بمصير شعب هو الشعب الصحراوي وبأرض وهي الصحراء الغربية. مع العلم أن كل مقررات وقرارات وتصريحات الأمم المتحدة والوحدة الإفريقية واستشارات الهيئات والمؤسسات الحقوقية الدولية (رغم مواقعها بالمنتظم الإمبريالي)، وبدون استثناء، تتكلم عن قضية الصحراء الغربية كقضية تتعلق بتصفية الإستعمار بإفريقيا، وتعترف بالشعب الصحراوي وبحقه في تقرير المصير من خلال باستفتاء حر ونزيه وليس كما قيل “حل سياسي سلمي متفاوض عليه تحت إشراف الأمم المتحدة يجنب المنطقة ويلات الحروب ” الحزب بهذا يسعى الى الوساطة في اطار التفاوض فهو الخادم الوفي للنظام لتسهيل مهامه في الاحتواء والجاء الى الخيار السلمي (ما ينزع بالقوة يؤخد بالقوة كاملا وبدون نقصان ) .
ألا يصح أن نضع هذه العتمة الفكرية وّ”الانفصام في الشخصية” كما جاء على لسان مصطفى براهمة إنه العمى الأيديولوجي الذي يخرج عن نطاق الوعي البسيط والحنكة السياسية واليقظة الفكرية، والقبول بلعب دور الوساطة على حساب ما حل ببعض رفاق السجن والكفاح، السابقين من تضحيات جسام زهقت فيها الارواح ووزعت سنوات الاعتقال الثقيلة بالجملة وتسببت في عاهات مستديمة منهم من رحل ومنهم مازال ينعايش مع الامراض الموروثة من زمن الرصاص الى ان يلتحق ببقية الرفاق دون ان تتزحزح قناعاته قيد انملة ، انه تصدع سياسي وضبابية فكرية وعمى انتهازي وغياب رؤية واضحة معالم منذ تخليهم عن الخط الأيديولوجي والسياسي والتنظيمي لمنظمة “إلى الأمام”، وعن نظريتها حول الثورة وعن أساسها المادي التاريخي الذي يضرب جذوره في عمق تاريخ النضالات البطولية لشعوب المنطقة شمالا وجنوبا (الأمير عبد القادر وعبد الكريم الخطابي وماء العينين…الخ ) ؟
و لنذكر باختصار بهذه النظرية التي تربط فيها بالضبط منظمة “إلى الأمام”:”ربطا جدليا وثيقا ما بين الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية في المغرب وحركة التحرر الوطني بالصحراء الغربية،” إن من العوامل التاريخية الأساسية التي عرقلت نمو (………….) والسيطرة الاقتصادية والعسكرية الامبريالية وضد الخونة المحليين، هو التدخل المستمر خلال كل الفترة التاريخية الماضية لتطويق وتفريق المبادرات التحريرية في الصحراء وفرض الوصايا عليها من طرف الرجعية المحيطة بأرض الصحراء، وخاصة منها من جانب الرجعية المغربية. و قد وقع دوما هذا التدخل الرسمي تحت غطاء مغربية الأراضي الصحراوية. ومن الواضح أن الإفلاس الملموس للرجعية على صعيد المعركة الوطنية، وتعدد ارتباطاتها وتوثق تبعيتها للامبريالية، يجعلها في الصف المعادي عمليا لتحرير الجماهير الصحراوية. ومن ثم يتخذ الدور السياسي المستقل لحركة التحرير الصحراوية طابعه الحاسم في شق الطريق الفعلي الصحيح للكفاح، طريق العنف الثوري المسلح، الذي أكدت حوادث يونيو 1970 حتميته وضرورته بالنسبة للجماهير الصحراوية المضطهدة. ….بالاعتماد أولا على ذات الجماهير الصحراوية، ليتطلب رفض الوصاية السياسية من الرجعية المحيطة بأراضي الصحراء، بكل حزم…- فلسطين جديدة في ارض الصحراء – (اوراق منظمة الى الامام )
إن استراتيجية الثورة الشعبية هي الاجابة الوحيدة والحل الجذري للصحراء الغربية فالمناضلون الديمقراطيون، الثوريون، الماركسيون اللينينيون بجانب الملايين من أبناء شعبنا من عمال وفلاحين فقراء وكادحين ومهمشين ومعطلين، والآلاف من المثقفين الثوريين الذين لا زالوا رافعين راية الثورة والرفض والسخط والعصيان على نظام القهر و الإستغلال… لن يتراجعوا في إعادة الإعتبار إلى هذا الفكر والخط بهداف إعادة الثقة في النفس وفي الثورة كحل لما يتوفرعليه من قدرته الجبارة والهائلة على المضي فيها حتى النهاية وحتى لا يتم تغليط الراي العام اذا كان الصحراويون هم شرذمة وعدد قليل من المغاربة محتجزين في “مخيمات تندوف” مقموعين لا يستطيعون التعبير عن آرائهم بكل حرية، و أن “الإنفصاليين” لا يُمثلون إلا أنفسهم ؟ ولا يشكلون فارقا مع الأغلبية كما يروج النظام اللا وطني اللا شعبي اللا ديمقراطي وأذياله فلماذا لا يتم الالتجاء إلى صناديق الإقتراع عبر الإستفتاء، بدل الاكتفاء بالمفاوضات أو حل سياسي وبحضور الذراع القوي للإمبرالية العالمية (الأمم المتحدة ) فاللأمم المتحدة في اخر المطاف ليس لها سياسة مستقلة تجاه القضايا المطروحة بل هي صنيعة القوى الإمبريالية التي تعتمدها أداة لتنفيذ مخططاتها التصفوية ، فيجب علينا ألا نتغافل هذا. يقول لينين “إن المقادير الهائلة من الرأسمال المالي المتمركز في عدد ضئيل من الأيدي والذي ينشىء شبكة في منتهى الكثافة والسعة من العلاقات والصلات، هذه الشبكة التي تخضع له جمهورا من الرأسماليين وأصحاب الأعمال المتوسطين والصغار، بل وحتى الصغار جدا، هذا من جهة، ومن الجهة الأخرى النضال العنيف ضد فرق الماليين من الأمم والدول الأخرى من أجل اقتسام العالم ومن أجل السيطرة على البلدان الأخرى – كل ذلك يسبب انتقال جميع الطبقات المالكة أفواجا إلى جانب الإمبريالية. …والدفاع عنها بجنون وطليها بما أمكن من المساحيق هي الصفة المميزة للزمن.”
الغريب ان يتم الاستعانة بالامبرالية من اجل ايجاد حلول للملفات العالقة، الغريب ان يكون الصديق الحميم هو الرجعي الظلامي لمحاربة الثوري والماركسي اللينيني وتقديم خدمات جليلة للنظام بالاعلان عن مواقف انبطاحية و رديئة رداءة الدكاكين السياسية ومشروعها الساعي الى التموقع ضمن احزاب الاحتياط والتي سياتي دورها لاحقا بعد انتهاء صلاحية الاحزاب المتواجدة حاليا في اللعبة السياسية القذرة لانقاد النظام الكمبرادوري في اوقات الازمات كما فعل السرفاتي وغيره في تقديم هدايا مجانية باعتبارهم صمام الامان
بقلم : محسين الشهباني
مواضيع ومقالات مشابهة