تفجيرات 16 ماي 2003 الإرهابية بالدار البيضاء: صناعة مخزنية بامتياز
بعد مرور عشر سنوات بالتمام والكمال على الأحداث
الإرهابية الأليمة التي كانت مدينة الدار البيضاء مسرحا لها وراح ضحيتها العشرات
من الأبرياء، وإلى حدود الساعة لازال الشعب المغربي ينتظر نتائج الكشف عمن كان خلف
تلك التفجيرات الآثمة التي هزت العاصمة الاقتصادية للبلاد سنة 2003.. ورغم مرور
عشر سنوات على الحدث لم تحدد الدولة المغربية الجهات التي كانت وراء ذلك الفعل
الشيطاني الرهيب، اللهم تصريحات وكيل الملك لدى محكمة الدار البيضاء المدعو
“العلوي البلغيتي” الذي احتل القناتين الرسميتين أيام الأحداث ولا يزال الجميع يتذكر
تناقض تصريحاته الصارخة وتضاربها التي صارت حينها مثار سخرية المغاربة وتنكيتهم في
خلواتهم نظرا لجو الإرهاب والقمع الذي ساد في تلك الفترة.. فمرة يتهم القاعدة ثم
يعود في الغد ليتهم جماعة مغربية مسلحة أو مقاتلة ثم يعود ويتدارك وينسب العمليات
التفجيرية ليلقي بالتهمة على السلفية الجهادية وأخرى على جماعة ليبية وهكذا… ومنذ
ذلك الحين كثرت التأويلات والتحاليل والقراءات التي كانت كلها تدور وتناقش في
الكواليس خوفا من بطش خفافيش الظلام المخزنية كلها في سرية اللهم بعض الأصوات التي
ترتفع من حين لآخر والتي كانت تبدو نشازا وسط ذلك الصمت الرهيب المطبق، إلى أن طفت
على السطح قبل حوالي سنتين تصريحات أحد المقربين جدا من صديق الملك (فؤاد عالي
الهمة) والذي فر خارج الوطن بعد خلاف مع الأخير ورمى بقنبلة إعلامية مدمرة مفادها
أن صديق الملك فؤاد عالي الهمة ثرثر له ليلتين قبل 16 ماي 2003 وهم في جلسة خمرية
بأن البلاد ستعرف بعد يومين أو ثلاثة حدثا سيغير التاريخ المغربي وسيلقون أصحاب
اللحى جميعهم في تزمامارت جديدة..
ولم يكن هذا هو المعطى الوحيد والأول أو الأخير بخصوص هذه
القضية/ الطابو، فقد سبق ذلك بعض التسريبات والتصريحات التي تصب كلها في نفس
الإتجاه، ألا وهو اتهام جهات استخباراتية، ومنها :
ــ تصريحات محمد العمري أحد المشاركين في الأحداث وقد بعث
برسالة مطولة لعدة جرائد وطنية نشرت كاملة بين فيها تفاصيل الإعداد والتنفيذ وركز
على حلقة مفقودة وهي المكالمة الأخيرة التي جرت بين أمير المجموعة “عبد الفتاح
بويقضان” وشخص “مجهول” كان يعطي الأوامر ويتابع الأمور بدقة من بعيد، وذكر أيضا
موضوع سيارة “المرسيديس” السوداء، وهو ما ذكره شهود عيان بعد التفجيرات من مكان
الحادث..
ــ إفراغ حيين من أحياء سجن سلا من نزلائها قبل الأحداث
بشهرين وترميمها وتجهيزها لاستقبال المعتقلين على خلفية الأحداث..
ــ تأجيل انتخابات شهر أبريل 2003 الجماعية، إلى شهر
شتنبر من نفس السنة، أي قبل الأحداث بشهر واحد، حتى يتم تصفية حزب العدالة
والتنمية الذي كان مرشحا لاكتساح الساحة الإنتخابية حينها..
ــ كعادة الأجهزة الاستخباراتية في مثل هذه الأحداث ولقص
الخيط وإلباس “قميص عثمان” لمن لا يستحقه ومسحها في “غائب” عند المساءلة، عمدوا
إلى قتل شخص وإلباسه التهمة والشخص هو المواطن “عبد الحق” الملقب بـ”مول السباط”
وادعوا أنه الأمير وأن السر رحل معه… وكل المقربين من الشخص صرحوا أن الرجل لا في
العير ولا في النفير وهو رجل جد بسيط كان كل همه وأحاديثه عن السوق والتجارة
والسلعة والأحذية والنعال.. وقد زعموا أنه توفي بمرض مزمن وهو ما نفته أسرته
حينها..
ــ اعتقال أزيد من 10 آلاف شخص خلال أسبوع واحد عقب
الأحداث ما يعني أن اللوائح كانت جاهزة من قبل..
ــ بعض من اختطفوا قبل الأحداث صرحوا أن بعض المحققين
كانوا يقولون لهم وهم في حالة سكر: “قريبا سنجمعكم جميعا في سجن واحد مع شيوخكم
وشيخاتكم ونحاكمكم بثلاثين سنة على الأقل لكل واحد منكم”..
ــ اختيار أماكن التفجيرات عليها الآلاف من علامات
الاستفهام، وخاصة المعبد اليهودي الذي كان فارغا حينها من رواده على غير عادته
ليلة الجمعة/ السبت..
ــ عدم تبني هذه التفجيرات من أي جهة كعادة الجماعات
المسلحة في مثل هذه العمليات..
هذه فقط بعض المعطيات وما خفي كان أعظم بكثير…
لكن قد يتساءل القارئ ولم كل هذا ؟؟؟
الجواب يجده الذكي الفطن حين يتأمل ما تلى الحدث من سن
لقانون الإرهاب الذي كان يعرف معارضة حقوقية شديدة بسرعة قصوى وضرب لحزب العدالة
والتنمية وطغيان المخزن والدعوة لحله وبروز عدة وجوه كأنها (المخلص المنقذ) لهذا
البلد على رأسهم فؤاد عالي الهمة والعنيكري وحراري وآخرين وغيرهم من أصحاب المشروع
التغريبي العلماني اللائكي، والشروع في تنفيذ مخطط التغريب الجديد على قدم وساق
بسرعة جنونية (راجع ولاحظ التحولات السوسيو اجتماعية والسوسيو سياسية منذ 2003 إلى
اليوم) ولا تخطأ العين الملاحظة التحول الإعلامي والثقافي الخطير وكذلك الركض
السريع لأحضان أمريكا طمعا في الرضى والحظوة والقرب وطمعا في المساعدة على ملف
الصحراء وتنافسا مع الجزائر وإبرام اتفاقية التبادل الحر بين المغرب والولايات
المتحدة الأمريكية…
والآن بعد مرور عقد كامل من الزمن على تلك الأحداث
المشؤومة، أليس من الواجب والمحتم على كل من يتوفر على معطيات في هذا الأمر أن لا
يبخل بها فضحا للمجرمين ونصرة للأبرياء المساجين..؟؟؟
عن محمد مرابط
مواضيع ومقالات مشابهة