المعتقل السياسي عبد الوهاب الرمادي في شهادة حول التعذيب
اعتقاله مما يفند كل مزاعم وزير العدل والحريات و وزير الاتصالل و الناطق باسم الحكومة ومجلس "عقوق الانسان" الذين يحاولون دائما انكار التعذيب الممنهج الممارس على المعتقلين في مخافر الشرطة وفي سجون العار انتقاما منهم لمواقفهم وارائهم السياسية المعارضة للنظام الرجعي و اليكم شهادة المعتقل السياسي عبد الوهاب الرمادي من سجن عين قادوس:
السجن المحلي عين قادوس ـ فاس ـ
رقم الاعتقال : 89794
شهادة حول التعذيب ( الجزء الأول)
مهما حاولتم اغتيال الحقيقة ، ومهما جهزتم من إمكانيات و عتاد،ومهما استعملتم من مساحيق تجميلية، فالجلاد جلاد، و المناضل مناضل، و الحقيقة كل الحقيقة للجماهير الصامدة و المناضلة، و للتاريخ الكلمة الفصل .
لأننا مناضلون، قد نستشهد، وقد نعتقل، وقد نعذب… وقد نقدم بملفات مطبوخة للمحاكمات الصورية أمام محاكم الرجعية، ولن يغير ذلك من قناعاتنا في شيء، لكن ما يخشاه المناضلون هو الوقوف أمام محاكم التاريخ، التي لا تقبل الديماغوجية و الكذب و التزوير، ولا تؤمن إلا بمنطق التضحية و الإخلاص للقضية و الموقف .
قد يستطيع النظام و القوى الظلامية و حلفائهم، بحكم إمكانياتهم الهائلة، تظليل كل الرأي العام، أو جزءا منه لبعض الوقت، لكن ، وحتما، لن يستطيعوا تظليله وخدعه كل الوقت، فالحقيقة وإن كانت مرة، فهي دائما ثورية، والحقيقة كل الحقيقة للجماهير، وما من قوة قادرة على إيقاف حركية التاريخ،التي تسير دائما في حركة تقدمية إلى الأمام نحو تحقيق المجتمع الانساني، تدفن الرجعيين وتحفر قبرهم وتزيح إلى المزبلة كل من ارتد وخان، وتعري وتكشف حقيقة الجميع،فقط يكون ذلك مرتبطا بظروف زمكانية، ذاتية وموضوعية، وموازين قوى الصراع بين المهمشين و المقهورين ومصاصي دمائهم.
فلأجل قضية الشعب الكادح، كافحنا، وبالمبدأ و الموقف عشنا، ولأجلهما سنموت، فإما حياة وإما فلا، ونعم لحياة العيش الكريم، ولا لحياة الظلم و القهر و المعاناة .
لذلك فنحن ندون شواهد تعذيبنا وما تعرضنا له داخل غرف التحقيق، كجزء من كشف خيوط المؤامرة، ولأنها جزء من تضحياتنا و حياتنا النضالية و السياسية، وتكشف جزءا من الجرائم الوحشية للنظام الرجعي في حق الشعب المغربي و شرفاءه، و لأنها وصمة عار في جبين النظام و جلاديه، و إدانة وفضح للصامتين و المتواطئين معهم و المطبلين لشعارات ” الدستور الجديد” ، ” دستور الحريات” و ” مغرب الحرية و الديمقراطية و حقوق الانسان”…
I. – في سياق المؤامرة و الاعتقال :
كاستمرارية لتاريخ الدم و المآسي، والقمع و الارهاب، وفي سياق اغتيال الطموح التاريخي المشروع لكداح وطننا الجريح، هذا الطموح، انتعش بقوة و تعمق مع 20 فبراير المجيدة، يوم خرجت جماهير شعبنا إلى مختلف شوارع و بلدات الوطن، معبرة عن رفضها القاطع للنظام القائم و سياساته الطبقية، وأفرزت من صفوفها خيرة المناضلين و المناضلات منهم من استشهد، ومنهم من اعتقل و منهم من لازال صامدا في ساحات المقاومة، حاول النظام احتواء الوضع.. عبر المزاوجة بين أسلوبي القمع، والديماغوجية وحقن المسكنات ك” الدستور الجديد”…
وخرجت خفافيش الظلام بقوة من كهوفها، لتلعب الادوار الاجرامية المنوطة بها، والتي وجدت لأجلها، فمنها من اخترق حركة 20 فبراير من الداخل و حاول إفراغها من مضمونها الكفاحي و التحرري بتواطؤ مع قوى الاصلاح و الخيانة، فيما عرف ب ” مجالس دعم حركة 20 فبراير”، ومنها من هاجم شباب 20 فبراير وطعن في صدق نواياهم، واتهمهم بالخيانة، و اللاوطنية وخدمة الاجندات الخارجية، نقصد حزب ” العدالة والتنمية “، فساهمت في إجهاض النهوض الجماهيري الكبير، وانتصبت لتقود حكومة النظام/ حكومة الخفافيش و الكراكيز .
كان ذلك المخطط موضع مسبقا من طرف الامبريالية و الصهيونية، فهو ما تم فرضه بلغة الحديد و النار، بجميع البلدان التي عرفت الثورات و الانتفاضات، إذ ركبت القوى الظلامية على ثورات الشعوب وعمقت جراحها، نفدت جرائم ضد الإنسانية، بمصر وتونس وسوريا وليبيا … ولغة الحاضر تؤكد ذلك.
لقد أكدت القوى الظلامية إخلاصها للنظام العميل، و أبانت عن احترافية عالية في العمالة و الاجرام، وسفك الدماء، فمنذ أن نصبت على رأس حكومة النظام تصاعد مسلسل الاختطافات و الاعتقالات، وكذلك الاغتيالات، بدءا بكريم الشايب الذي يوجد فيديو يوثق جريمة اغتياله، وفدوى العروي و الحساني وبدروة.. وصولا إلى نبيل الزوهري و محمد الفيزازي، شهيد الحركة الطلابية بموقع فاس – سايس- ثم أحمد بنعمار ونورالدين عبد الوهاب، وحتما ستطول القائمة،وفي كل مرة يسقط فيها شهيد تغتال الحقيقة و تطمس معالم الجريمة، وتظهر خفافيش الظلام فاغرة أفواهها من كثرة الضحك و التهريج، وتتعلى لغة التماسيح و العفاريت ، كما تتناسل قرارات و مخططات التصفية و الاقصاء، ويتعمق مسلسل الاجهاز على المكتسبات التاريخية لشعب المغربي في التعليم و الصحة و السكن و النقل،… ثم الزيادات الصاروخية في اسعار المواد الاستهلاكية الأساسية، و أسعار المحروقات و فواتير الماء و الكهرباء، وتوسيع الوعاء الضريبي ليشمل فئات جديدة من الجماهير المسحوقة، والزيادة في الضرائب المباشرة و غير المباشرة مع إعفاء لوبيات الرأسمال الكبير من ذلك. وتعمق الفساد المالي و السياسي بعد إعطاء الضوء الأخضر لذلك على يد كبير الظلاميين ” بن كيران” بعنوان ” عفى الله عما سلف “.
في ذات السياق، و أمام استمرار تفجر الأزمة البنيوية للرأسمالية العالمية، وما يقتضيه ذلك من تعميق و تجديد لعلاقات التبعية مع النظام العميل، وأمام الضغوطات من طرف مراكز التمويل العالمية، سيشن هجوم كاسح، وبأكثر الأشكال وحشية على ما تبقى من المكتسبات التاريخية للشعب المغربي، التي حصنها بدماءه خلال محطات مشهودة ( 58،59،65،81،84،20… 20 فبراير..) تكلم خلالها النظام لغة الرصاص الحي و اغتال الآلاف من الأبرياء و الشرفاء، هذا الهجوم يقتضي بالضرورة إقبار كل الحركات المناضلة و كل الأصوات الحرة المناهضة لواقع الاقصاء و التهميش، فكان التعاطي القمعي مع انتفاضات و تمردات و أبسط احتجاجات الجماهير الشعبية، ونالت حركة المعطلين و حركة 20 فبراير، وكذلك الحركة الطلابية بحكم توجهها الكفاحي نصيبها الأفر من القمع و الاعتقال و الاختطاف و الاغتيال.
و القلعة الحمراء، ظهر المهراز، وبمنطق التاريخ، وتطورات الحاضر، بتضحياته و إفرازاته، ومبادراته و امتداداته، حيث المعارك النضالية البطولية و الارتباط الحقيقي بنضالات الشعب و قضاياه، ترسيخا لمضمون الحركة الطلابية باعتبارها رافدا من روافد حركة التحرر الوطني، باشر النظام و أذياله من القوى الظلامية و الأحزاب الرجعية، وبتواطؤ القوى الاصلاحية و أبواقه الاعلامية، و الأقلام المأجورة، التي احترفت تزييف الحقائق و اعتماد أجهزة المخابرات كمصدر وحيد لمعلوماتها، هجوما شاملا ومسترسلا على هذا الموقع الصامد، منذ 15 أبريل من العام الماضي، مرورا ببداية الموسم الحالي حيث تم ارتكاب جريمة سياسية و تاريخية بكل المقاييس، حيث أغلق الحي الجامعي الاول و ملحقته ” الديرو” و شرد آلاف الطلبة و الطالبات دون تقديم أي بديل، وتجند الكل باستثناء الجزء، لا لإدانة الجريمة و القمع الممارس، و إنما لتسييد أطروحة النظام الممسوخة ” نهاية القلعة الحمراء ظهر المهراز” ، لكن الرهان تكسر في حلقاته الأولى على صخرة صمود الجماهير الطلابية ورفاق ورفيقات النهج الديمقراطي القاعدي، بمباشرة المعركة النضالية التي اتخذت أشكالا تصعيدية وصولا إلى الاعتصام المفتوح المصحوب بالمبيت الليلي، والمسيرات العارمة الشبه اليومية إلى الشارع، والتخليد النوعي للذكرى السنوية الثالثة ل 20 فبراير، بعدها سيجند النظام ترسانة قمعية رهيبة، و بالضبط يوم 5 مارس، قبل ثلاثة أيام من القافلة التضامنية مع المعتصم، وسيهاجم المعتصمين، في منتصف الليل وهم نيام، وارتكبت مجزرة في حقهم مستعملة السيوف و الهراوات و فرق بوليسية خاصة، وتعرض أحد الرفاق لمحاولة الاغتيال، لكن المعركة استمرت بأشكال أكثر تقدما ونوعية، وبقاعدة جماهيرية أكثر، وكنقطة هامة من ذات المسار احتضان موقع ظهر المهراز، لندوة وطنية بعنوان ” حركة 20 فبراير ، واقعها و آفاقها ، ومهام اليسار الجذري “، و انسجاما و طبيعته اللاديمقراطية و تاريخه الدموي سيفضل النظام ارتكاب حمام من الدم دون السماح بمرور الندوة، وسيشن هجوما تحت أجنحة الليل، بفيالقه القمعية السرية و العلنية على المعتصمين و الجماهير الطلابية عامة ليلة يومي 28 و 29 مارس، و اعتقل العشرات من الطلبة و المناضلين، وقدم 32 منهم للمحاكمات الصورية، واستعمل الرصاص المطاطي و الجرافات ودمر كلية العلوم عن آخرها، لكن ذلك لم يكن إلا حافزا لتواصل الجماهير الطلابية معركتها بعزيمة و إصرار كبيرين، وقد بدأت خيوط النصر تلوح في الأفق، وهو ما تم ترجمته عبر اللجن الأوطمية المؤقتة التي جسدت خلال أسبوع 13 محطة نضالية من وقفات احتجاجية و تظاهرات بعدة مدن و بلدات…
إن في كل معركة كانت تعرف فيها معركة الجماهير الطلابية، تطورات إلى الأمام، تستخيف خفافيش الظلام من سباتها، و تجييش عشرات الغرباء عن الجامعة و تتمرس كعائق أمام تطور المعركة و تمارس الترهيب في صفوف الجماهير و القواعد الأوطمية.
و ليبقى السؤال: من مصلحته تطور المعركة و المسار و نجاحها؟ و من مصلحته إجهاضهما؟ هل ما كان يدافع عن المناضلون، ويكافحون لأجله، أي تحقيق المطالب و استرجاع الحي الجامعي هو في مصلحة الطلبة و أبناء الشعب أم لا؟
… يتبع
مواضيع ومقالات مشابهة