للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

إخفاء البطالة في الإحصاء العام لـ عبد الله لفناطس


عملية الإحصاء العام التي تجري كل 10 سنوات بالمغرب، ليست تقنية محضة تهذف إلى تزويد الفاعلين والباحثين بأرقام حول تطور البنيات السكانية والأسرية، بل إنها ذات أبعاد سياسية يهذف من وراءها النظام إلى تلميع صورته عن طريق النفخ في "إنجازاته"، وإخفاء الآثار الكارثية لاختياراته الاقتصادية والاجتماعية على واقع الجماهير الشعبية عبر التقليص من النسب المعلنة للفقر والبطالة والأمية وضعف البنيات التحتية الخاصة بالصحة والتعليم والماء والكهرباء...
وهكذا، وكما جرت العادة في التحقيقات الدورية التي تنجزها المندوبية السامية للتخطيط في مجال الشغل، فإن الإحصاء العام الحالي يهذف إلى تقليص النسبة المعلنة للبطالة مستعملا ثقنيتين أساسيتين: 1) تقليص نسبة النشاط (Le taux d’activité)؛ 2) توسيع مفهوم الساكنة النشيطة المشتغلة (La population active occupée) 
1) في إطار الإحصاء، ما أن يصرِّح أي شخص بأنه لايشتغل معتقدا نفسه معطلا، حتى يبادره المستجوِب بالسؤال الموالي: "لماذا لا تبحث عن عمل؟". وكيفما كان جوابه على هذا السؤال سيتم اعتباره غير معطل وذلك عبر إخراجه من الساكنة النشيطة (La population active). ذلك أن الانتساب إلى هذه الساكنة النشيطة شرط ضروري للاحتساب ضمن فئة المعطلين. فيتم إذن تقليص نسبة البطالة بشكل مصطنع عبر تخفيض نسبة النشاط كما تثبث ذلك الأرقام الرسمية نفسها (ما بين 1999 و2012 انخفضت نسبة النشاط من 54.4% إلى 48.4% ونسبة البطالة من 13.9% إلى 9% ). لذا فإن آلاف الشباب القادمين إلى سوق الشغل والذين يعتبرون أنفسهم معطلين، هم غير ذلك في رأي مندوبية التخطيط التي تعُدُّهم ضمن الساكنة غير النشيطة وبعبارة أخرى تعتبرهم مسؤولين عن عطالتهم. أما بالنسبة للنساء "ربات البيوت" فيستمر نفس الحيف حيث يتم احتسابهن غير نشيطات ما دامت الرأسمالية لا تعترف بما يقمن به داخل البيت عملا منتجا. وهذا موضوع آخر.
2) لا يمكن فهم إدراج مندوبية التخطيط لسؤال حول الأطفال البالغين 7 إلى 15 سنة والذين يشتغلون، سوى بإرادة النفخ في عدد السكان النشيطين المشتغلين. إن وجود الأطفال في سوق الشغل بدل المدرسة، هو وصمة عار في جبين النظام المغربي والمؤسسات الأمبريالية (صندوق النقذ والبنك العالمي...) المتواطئة في هذه الجريمة. 
ومن جهة أخرى، نرى بأن استمارة الإحصاء الحالي اعتمدت نفس التعريف الفضفاض لمفهوم الشغل؛ وأدرجت كل من قام بشغل لمدة ساعة واحدة خلال الأسبوع السابق ليوم الإحصاء، ضمن الساكنة المشتغلة حتى لو كان معطلا طيلة حياته. وبطبيعة الحال لا تهُمُّ طبيعة الشغل وظروفه ولا يهم إن كان مستقرا أم هشا أو مأجورا أو يدر دخلا أم لا. وهذا ما يفسر النسبة الضعيفة للبطالة التي تعلنها مندوبية التخطيط بالبادية المغربية (3.8% سنة 2013). 
كما تغافلت استمارة الإحصاء هشاشة الشغل المتمثلة في العمل المتقطع لفترات قصيرة أو العمل بضع ساعات في الأسبوع... إلى غيرها من أشكال العمل الهش، واعتبرت كل ذلك عملا كافيا لإخراج صاحبه من دائرة المعطلين. أي أن هشاشة الشغل تخفي حقيقة العطالة.

 عبد الله لفناطس

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes