للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

إسلام الواجهة للدولة المغربية والتناقضات واستبلاد المواطنين لـ عبد الصمد الديالمي


قام الدكتور عبد الصمد الديالمي الباحث السوسيولوجي المغربي،  بدارسة ظاهرة الاسلام السياسي من خلال حزب العدالة و التنمية الحاكم  في موضوع "إسلام الواجهة للدولة المغربية والتناقضات واستبلاد المواطنين" حيث تناول حزب العدالة و التنمية بين الامس و اليوم و بين مرجعيته الاسلامية و واقع تجربته في الحكم وذلك من خلال مقاربة نقدية لمسودة القانون الجنائي التي اعدها مصطفى الرميد وزير العدل و الحريات المنتمي لحزب العدالة و التنمية.. و اليكم نص المقال:

من المفارقات العجيبة في مسودة القانون الجنائي التي تقدّم بها "الرميد" أنها تبيح للمغربي "المسلم" أن يفطر نهار رمضان بين جدران بيته، لكنها تحرٍّم عليه ممارسة الجنس غير "الشرعي" تحت سقف البيت نفسه معتبرة ذلك "إعدادا لبيت بغاية إتيان الدعارة فيه".

في الحالة الأولى، تعتبر المسودة إياها البيت فضاء خاصا لا تُنتهك حرمته، وفي الحالة الثانية، ترفع الحرمة، بقدرة قادر، عن البيت وتُجيز اقتحامه بأمر من النيابة العامة.

والحال أنه في الحالتين معا، يتم انتهاك ممنوعين معلومين من الشريعة الإسلامية بالضرورة.

لذلك، من حقّنا أن نتساءل، إن كانت إسلامية الدولة تعبر عن نفسها في احترام حرمة الفضاء الخاص للمواطنين أو في انتهاكها؟ ولماذا تحشر أنفها في الجنس "غير الشرعي" حتى في البيوتات، وتمتنع عن ذلك في حال الإفطار برمضان، معتبرة أن الفعل يُمارَس داخل فضاء خاص له حرمة؟

لماذا محاكم التفتيش جائزة هنا وغير جائزة هناك؟

وما عساها تكون هذه المفارقة العجيبة، الغريبة التي تجعل هذه المسودة السوريالية لا تجد غضاضة في الدفاع عن هذه الحجة المتهافتة والمهلهلة، أي عن الشيء ونقيضه؟

ولماذا لا تجود على "المُفطر الجنسي" بحق “الإفطار" في بيته وعلى طريقته، أسوة بما جادت به من "حق" على نظيره المُفطر برمضان في بيته أيضا؟

لماذا لاتتركه بسلام كما تركتْ نظيره؟

الظاهر أن ما يهمّ واضعي هذه المسودة، المُنصّبين أنفسهم مدافعين عن إسلامية الدولة، هو أن يتظاهر المفطِر بالصيام في الفضاء العام، حتى يتم اعتباره "مسلما صالحا"..

بالمثل، على "المغربي المسلم" أن يتظاهر في الفضاء العام بأنه راغب عن "الجنس غير المشروع دينيا"، حتى وإن كان راغبا فيه تحت سقفه، بل ويأتيه بين جدران بيته. فما دام لا يتوفر على عقد زواج أي على الرخصة الرسمية لممارسة الجنس، فغير مسموح له، قطعا، التفكير في الموضوع، ويُفترض فيه، مبدئيا، أنه سيلتزم، طوعيا، بالإمساك الجنسي. وطالما لم يقع في فخاخ القهر الجنسي التي تنصبها قوانين بعينها، فهو يُعتبر في موازين إسلام الدولة "مسلما صالحا".

بكلمة، إن إسلام الدولة المغربية، الإسلام الرسمي، ليس بالمحصّلة، إلا حزمة من القوانين القابلة للإنتهاك في كل لحظة، والتي تتحمس لتطبيقها على "المغاربة المسلمين" كلما رأت ذلك واجبا و مستعجلا، بل ومن صميم وظائفها "الأمنية".

النتيجة أن ما يُدعى بـ "النظام العام" في هذا البلد ليس إلا نظاما دينيا، مُغلّفا بإجماع مزيف، وبمظاهر خادعة ومخاتلة.

وبصراحة أكبر، إن إسلام الدولة المغربية، لا يفعل إلا تكريس النفاق، ودعوة الناس لممارسته دون تساؤل، فهكذا إسلام رقى النفاق المعمم إلى شرط لازب، يستحيل العيش المشترك بدونه.

تَظَاُهُر غير الصائمين بالصوم عن الأكل الشراب في شهر رمضان، وتظاهر غير المتزوجين بالإمساك الجنسي على مدار حياتهم كلها، إن هذا التظاهر المسرحي هو في الحقيقة مهزلة تراجيدية بكل معنى الكلمة، إنها صبيانية بكل المقاييس، ومضحكة حدّ الهيستيريا.

إن الرهان الحق لمغرب يريد، فعلا، أن يكون ديمقراطيا، وعلى نحو لا رجعة فيه ، رهانه هو إرساء دعائم مجتمع مدني ومتمدّن، لا مكان فيه للنفاق المُمَأسس، النفاق الذي ترعاه الدولة و”إمارة مؤمنين”.. رهان مغرب يتقبل كل اختلافاته جهارا نهارا، ولا يستحيي من إظهارها للعادي والبادي.

من هذا المنطلق، فالدولة مدعوة لتربية الصائم عن الطعام والجنس على احترام حق غير الصائم عنهما، لأنه نظيره في المواطنة قبل أن يكون نسخته في الدين وصداه في التدين. وهذه الوظيفة التربوية للدولة هي الجديرة بتحقيق ما أقترح تسميته بـ “التنمية الدينية” الموكولة للدولة والمكفولة للمواطنين في كل الدول الديمقراطية.

إن "التنمية الدينية" بُعْدٌ لا يستهان به من أبعاد تنمية المواطنة في كل نظام ديمقراطي حقيقي، ليس له ما يفعله بمشروعية دينية، طالما تحصّل على المشروعية الديمقراطية المنتصِرة للمواطنة.

عبد الصمد الديالمي(سوسيولوجي مغربي)

ترجمة: عبد الله زارو

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes