هل السعودية جادة فعلا وحقا في محاربة الإرهاب؟ لـ علي أنوزلا
بعد فشل النظام السعودي في قيادة ما يسمى بـ"التحالف العربي" في حربها العدوانية على الشعب اليمني، و لم تستطع تحقيق اي تقدم على الارض امام بسالة و التجربة القتالية للشعب اليمني و ايمانهم بعدالة قضيتهم و ان التدخل السعودي في الشان الداخلي عدوان كامل اركان، لتقوم السلطات السعودية بالإعلان عن ما يسمى بـ" تحالف الاسلامي العسكري لمحاربة الإرهاب" الذي يضم اكبر عدد من الدول لحشد اكبر قوة في العالم للعدوان على الشعب اليمني خارج قرارات الامم المتحدة لتنصيب نظام حسب مقاس الرياض، رغم ان بعض الدول اعلنت عدم مشاركتها رغم ادراج اسمها في المؤتمر بدون علمها مثل باكستان و لبنان و اندونيسيا..و في نفس السياق ندرج مقال للكاتب و الصحافي علي انوزلا لمناقشة حثيات وابعاد و اهداف من الإعلان السعودي بتشكيل الحلف الوهمي الجديد" التحالف الاسلامي العسكري ضد الارهاب"..
الإعلان الرسمي السعودي يقول إن هدف هذا التحالف العسكري العربي الإسلامي هو لمواجهة الإرهاب وجرائمه الوحشية، وأن التحالف الجديد سينسق الجهود ضد المتطرفين في العراق، وسوريا، وليبيا، ومصر، وأفغانستان.
أولا، الإعلان عن هذا التحالف يأتي في وقت يتزايد فيه الضغط الدولي على دول الخليج وخاصة السعودية لبذل المزيد من الجهد في محاربة تنظيم "الدولة الإسلامية"، وأيضا في ظل اتهامات بأن السعودية وبعض دول الخليج هي التي تدعم هذا التنظيم الإرهابي بالمال والعتاد والإعلام.
ويرى منتقدو هذا التحالف أنه محاولة من السعودية لتجميل صورتها الخارجية التي ارتبطت بالإرهاب ودعم المنظمات الإرهابية، فحتى وقت قريب كان الإعلام السعودي عبر قنواته الفضائية الكثيرة يصف مقاتلي التنظيمات الإرهابية في العراق وسوريا بـ "الثوار" و"المجاهدين".
وخلال الأسابيع القليلة الماضية صدرت عدة مقالات في وسائل إعلام محترمة تتحدث عن دعم سعودي مفترض لتنظيمان إرهابية من خلال الأموال التي يتم جمعها عبر جمعيات غير رسمية تنشط في دول الخليج لدعم ما تصفه بـ "الجهاد".
ثانيا، الإعلان عن هذا التحالف جاء بواسطة نائب ولي العهد السعودي ووزير الدفاع، ونجل الملك الحالي، الذي يعتقد أنه هو من يدير شؤون البلاد، ويصفه خصومه من الأمراء بالأمير "المتهور" كان وراء اندفاع بلاده في الدخول في الحرب في اليمن دون استراتيجية واضحة أو خطة انسحاب.
وبالنسبة للمتتبعين للشأن الداخلي السعودي فهم ينظرون بقلق كبير إلى مآل الحكم داخل بيت الأسرة الحاكمة بعد وفاة آخر ملك من أبناء الملك المؤسس للدولة السعودية، هو الملك الحالي سلمان ابن عبد العزيز. وأمام عدم وضوح الرؤية في مستقبل الخلافة التي كان يحسم فيها مجلس العائلة الحاكمة، يبدى الكثيرون قلقهم، داخل وخارج المملكة، من التنافس الحاصل حاليا بين الأمراء الشباب الذين يحاولون أن يثبتوا للخارج كما للداخل، وبكل الوسائل، شرعية طموحهم للوصول إلى سدة الحكم.
ثالثا، إن مفهوم السعودية للإرهاب، مفهوم واسع يشمل حركات سياسية مثل جماعة الإخوان المسلمين التي تنتشر أذرعها في أكثر من دولة عربية وإسلامية، كما كان يشمل حركة المقاومة الفلسطينية "حماس". وأيضا "حزب الله" في لبنان و"الحشد الشعبي" في العراق وكلاهما تنظيمان شيعيان. وهو ما يطرح السؤال عما إذا كان التحالف العسكري الجديد، وكل أعضائه من الدول السنية، سيستهدف كل هذه التنظيمات التي تضعها السعودية على قائمة تعريفها لـ "الإرهاب"؟ وإلى أي حد يمكن التعويل على مثل هذا التحالف "الطائفي" لاستتباب الأمن والسلم في المنطقة؟ ألن يزيد فقط من إشعال المزيد من نيران الحروب الطائفية التي تهدد بإحراق المنطقة برمتها؟
رابعا، هل كانت السعودية تحتاج فعلا إلى الإعلان عن تحالف عسكري جديد لمحاربة الإرهاب في الوقت الذي يوجد في تحالف دولي يستهدف هو الآخر الإرهاب بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية؟ فبعد إعلان السعودية عن تحالفها الجديد رحبت به واشنطن، وهو ما يعني أنها تتقاسم أهدافه التي هي أيضا أهداف تحالفها الموجود منذ أكثر من سنة ولم تشارك فيها السعودية ولو بطلقة واحدة!
يضاف إلى كل هذا أن السعودية، عندما أرادت أن تدخل في حربها على اليمن، لم تلجأ إلى بناء تحالف دولي، وإنما أعلنت من طرف واحد عن عملياتها العسكرية بمشاركة دول عربية حليفة لها، فلماذا لم تفعل نفس الشيء مع تنظيم "الدولة الإسلامية"؟ ألا يشكل هذا التنظيم خطرا أكبر بكثير من ذلك الذي يمثله "الحوثيون" الشيعة في اليمن؟
خامسا، وهنا مربط الجمل، إن السعودية هي أكثر دولة قادرة على محاربة الإرهاب خاصة ذلك الذي يرتبط بالإسلام. أولا، لأن أكبر دعم للتنظيمات الإرهابية السنية من "القاعدة" إلى "داعش" و"جبهة النصرة" وشقيقاتهم يأتي من دول الخليج ومن السعودية بالدرجة الأولى، حتى وإن كان ذلك بطرق غير رسمية. وثانيا، لأن أغلب قادة هذه التنظيمان والمنتمين إليها يأتون من دول الخليج. وثالثا، وهذا هو الأهم، لأن إيديولوجية هذه التنظيمات التي تتبنى العنف وتدعو إلى القتل باسم الدين، هي نفس أيديولوجية الدولة الرسمية في السعودية وفي أكثر من دولة عربية، ألا وهي الإيديولوجية الوهابية، المذهب الديني الرسمي في دول الخليج وفي السعودية على الخصوص.
السعودية هي أقدر دولة على محاربة هذا الإرهاب فكريا و إيديولوجيا، لأنها هي التي تتبنى البنيات الفكرية والإيديولوجية التي تنتجه، فهل ستبادر إلى القضاء على هذه البنيات التي يستمد منها النظام في السعودية شرعيته السياسية والدينية؟ هذا هو السؤال الذي يجعلنا نشك في أن السعودية تريد فعلا وحقا محاربة الإرهاب!
مواضيع ومقالات مشابهة