رسالة اعجاب و عتاب للمخرج السينمائي نبيل لحلو الى نبيلة منيب
تفاعلا مع اللقاء التلفيزيوني الذي استضاف الامينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد د.نبيلة منيب، في برنامج "90 دقيقة" على قناة "ميدي1 TV"، قام المخرج السينمائي المغربي "نبيل لحلو" بكتابة رسالة تقدير واعجاب لنبيلة منيب وعتاب في نفس الآن على اهمالها للبعد الثقافي للصراع من اجل مجتمع ديمقراطي. فيما يلي النص الكامل للرسالة:
أفكر-أقول "كفاكم احتقارنا وكرهنا ودس كرامتنا وذلك بدفعنا للانحناء أمام الطغاة الذين صنعهم خوفنا وتخلفنا."، يقول هاملت لماكبث لذي يجيبه : "أفكر-أقول عاليا وبحنجرة سئمت من عنف الصمت.. إننا في حاجة إلى ثورة للقطع مع الدولة الفاسدة و لقطع جذور الفساد ورؤوس الحكام الفاسدين و المفسدين، ولو تطلب الأمر إغراق الدنيا في بحر من دم أسود على أيادي ميلشيات لا لون لها سوى لون الدماء التي تنفجر بعد فصل الرؤوس عن الأجساد. ثورة تلد لنا إنسانا جديدا متحررا من الخرافات القديمة و أساطير الأولين.
إنسان مبني فكره وعقله وإيمانه على قراءة جديدة للكتب السماوية. إنسان قر بإيمان عقلاني يمكنه من تجديد رؤيته الدينية أمام أولئك الذين… " (1) وأنا اشاهدك وأصغي اليك في برنامج " تسعون دقيقة للاقناع "، رأيت انك تتقاسمين هاملت وماكبث غضبهما وتمردهما ازاء الوضع السياسى الفاسد الذي كان قائما فتاكا في سنوات الرصاص. لكن، عكس هاملت و ماكبث ، اللذان اختار الشلل الذاتي، فضلت، انت، خوض النضال لتعيدين الى اليسار رسالته النبيلة.
هكذا وجدتك جميلة الذكاء وأنيقة السلوك وجذابة ومقنعة ومقبولة ومحبوبة من بداية انطلاق كلامك الجميل في النطق والإلقاء الى نهايته الغنية بأفكارك الحرة والمتحررة من كل حساب سياسي او رؤية سياسوية. فطوال واحد وتسعين دقيقة، استطعت بكل جمالية حضورك ان تطرحين و تدافعين بكل ايمان و ثقة عن أفكارك و اقتراحاتك و آمالك في التطلع إلى مغرب، يخرج من تخلفه الاقتصادي و المدرسي ليقطع نهائيا مع عقلية القرون الوسطى التي لا تزال سائدة وراسخة، سياسيا و اقتصاديا ودينيا داخل عقول وفي سلوك اغلبية الذين حكموا البلاد منذ حصوله على استقلاله. حيث نرى ان الشعب المغربي ما زال يتخبط في جحيم الفقر بكل أنواعه و بشاعته القاتلة والفتاكة، لاسيما عندما يكون مبنيا على الجهل الديني و الثقافي.
وعلى ذكر كلمة الثقافة، لاحظت انها غابت عنك اثناء استجوابك من طرف منشط البرنامج واستنطاقك على يد مدير جريدة الأحداث المغربية، الذي لم يفلح في زعزعة اناقتك السياسة ولا مبادئك النبيلة المبنية على عقيدتك اليسارية الخالصة. كم من زعيم يساري تقدمي و ليس يساري مزيف انتهى به القدر الى الرمي بمبادئه ليستسلم الى سحر المخزن و يرتمي في احضانه الساحرة. ان أغلبية الأحزاب تتجاهل دور الثقافة في خلق و بناء مواطن واعي و متفتح العقل والفكر والسلوك. فالتطرق للكلام عن الثقافة و دورها في انارة المجتمع وبناء مواطن مسؤول له حقوقه وواجباته يبدو لي منعدم الوجود في برامج أغلبية الأحزاب السياسية، سواء كانت تاريخية أو من صنع المخزن.
كما انني لاحظت ان لا وجود عند رؤساء ومسير هذه الأحزاب السياسة لحب الثقافة وممارسة الثقافة، ولو بالذهاب الى المسرح والسينما وهم يشترون تذكرتهم. لسن في السويد حيث الوزراء يقصدون المسرح وا لسينما مثلهم مثل كل مواطن عادي. فالجهل الثقافي والفني والجمالي يضل مستمر بكل عجرفة و وقاحة في سيطرته على عقول أغلبية زعماء الأحزاب السياسية والنخب السياسية المستمرة في حكم المغرب الذي أصبح مملكة تجميد الطاقات الحية وتجديد الطاقات الميتة لفائدة المتطفلين والمرتزقة.
إن سكات زعماء الأحزاب اليسارية التقدمية بقبولها الركوب في سيارات وزارية، اضاع لنا فرصة التغيير الحقيقي. لكن هذا لا يمنعنا من الاستمرار في مقاومة الفساد والمفسدين الذين لا يريدون للمغرب أن يكبر ويصبح كبيرا مستقلا ومحررا بمفهوم الهوية الثقافية و المعنى التاريخي والجغرافي. ".
مواضيع ومقالات مشابهة