متابعة المعطي منجيب.. أو" حين يمشي العار عاريا" لـ أحمد بن الصديق
لعل هذا العنوان " حين يمشي العار عاريا"، الذي اقتبسناه من مقال للمفكر الفلسطيني عزمي بشارة نشره عام 2009، يصف المغامرة التي أقدمت عليها السلطة في المغرب عندما قررت منع الأستاذ المؤرخ المعطي منجيب من السفر للخارج في الصيف الماضي، ثم لفقت له ولصحافيين ونشطاء آخرين تهما ثقيلة من قبيل "المس بأمن الدولة" و"زعزعة ولاء المواطنين للمؤسسات الدستورية" وتلقي تمويلات من الخارج لأجل ذلك، وقد انعقدت الجلسة الأولى من المحاكمة يوم الأربعاء الماضي 27 يناير 2016، ثم قرر القاضي تأجيل الجلسة إلى يوم 23 مارس المقبل بسبب غياب بعَض المتهمين.
ما هو ذنب هؤلاء القوم في نظر السلطة؟ أو لنكون واضحين في نظر العقل الأمني المغربي الذي يمسك بكل السلط ويتحكم فيها بوسائل شتى ولا يخجل أن يفبرك محاكمات العار ويورط صورة البلاد في المهازل تلو المهازل؟
إن ذنبهم أنهم انخرطوا في عملية تكوين الصحافيين الشباب على تقنيات صحافة التحقيق، وذنبهم أن منهم من أسس جمعية للحقوق الرقمية من بين أهدافها نشر الوعي حول موضوع الحقوق الرقمية المتعلقة باستعمال التقنيات الحديثة في ميدان التواصل والإعلام، وذنبهم أن بعضهم كالمعطي منجيب وطارق رشيد من الأعضاء المؤسسين لجمعية الحرية الآن ومن ضمن مكتبها التنفيذي، والمعطي منجيب هو رئيسها.
أما عن صحافة التحقيق، فمشكلتها إزاء السلطة أنها لا تكتفي بالتحقيق في الظواهر الاجتماعية بل قد تنبش في ملفات الفساد، الفساد السياسي والمالي والاقتصادي والرياضي والأمني والدبلوماسي، وكلها مواضيع تزعج السلطة التي تبني تدبيرها للبلاد ولشؤون العباد على الفساد ثم الفساد والانتقام من الذين يفضحون الفساد.
من جهة أخرى ما معنى تهمة المس بأمن الدولة؟ كان على من حرر هذه التهمة أن يكتب المس بأمن السلطة. لماذا؟ لأن السلطة الحاكمة في المغرب قامت بعملية سطو على الدولة ومؤسسات الدولة ومكوناتها وسخّرتها لمصلحتها ثم أوهمت الناس أنها هي الدولة وأن المجتمع والوطن مِلك لها تفعل بهما ما تشاء بينما الدولة في الحقيقة يجب أن تكون إفرازا للمجتمع ومِلك له وليس العكس.
ثم ما معنى "زعزعة ولاء المواطنين للمؤسسات الدستورية"؟ نفس المنطق التسلطي نجده في هذه العبارات.
هل ولاء المواطنين يجب أن يكون للوطن الذي يجمعهم أم لمؤسسات قد لا يتفقون مع طريقة تدبيرها للشأن العام ولم يستشرهم أحد ولم يستشر ممثليهم في تعيين المسؤولين عنها.
قضية الزعزعة هذه أو بالدارجة التزعزيعة تذكرنا بمهزلة التفعفيعة التي اخترعها وزير الخارجية صلاح الدين مزوار،فهل أصبحت دبلوماسية الفعفعة وقضاء الزعزعة من السمات البارزة للاستثناء المغربي؟
و ما شأن جمعية الحرية الآن التي يرأسها الأستاذ منجيب بكل هذه المهازل ؟ مشكلتها بدأت منذ نشأتها كامتداد للجنة التضامن مع الصحافي علي أنوزلا لما قررت السلطة أن تنتقم منه هو أيضا نظرا لممارسته نشاطه الصحافي بنزاهة وحرية فأدخلته السجن وصنعت له تهمة العار وهي المساهمة في أفعال إرهابية، بضعة أسابيع بعد أن لعب الموقع الرقمي "لكم" الذي كان يديره أنوزلا أنذاك دورا كبيرا في إخبار الرأي العام الوطني ثم الدولي بفضيحة العفو الملكي عن المواطن الإسباني دانيال كالفان مغتصب الأطفال المغاربة.
إنه دائما نفس الاستثناء المغربي حيث تأتي فضيحة لتغطي على أخرى وحيث يمشي العار عاريا دون خجل.
أحمد بن الصديق
أحمد بن الصديق
مواضيع ومقالات مشابهة