"غربان الفتنة" لـ علي أنوزلا
مرة أخرى خرج من يريدون ترهيب الشعب بـ "فتاويهم" الجاهزة حول "الفتنة" والتلويح بـ "الكابوس السوري"..
الشعب المغربي الذي خرج يوم 30 أكتوبر، في أكثر من 50 قرية ومدينة للاحتجاج ضد الظلم والقهر والحكرة، قال كلمته في تحضر كبير ولم يلتفت إلى "نعيق" بعض غربان الشؤم الذين إنما يرفعون عقيرتهم للذود عن مصالحهم والحفاظ على مكاسبهم.
لم تشهد أي مظاهرة من عشرات المظاهرات والمسيرات السلمية التي خرجت في قرى ومدن المغرب أي انزياح عن القانون أو اعتداء على مٌلك الغير. وكان لافتا الحضور القوي لجيل جديد من الشباب، الجيل الذي فتح وعيه السياسي على حراك 20 فبراير، في كل المظاهرات والمسيرات التي رفعت شعارات سلمية تطالب بالعدل ووضع حد للظلم، والانتهاء مع عهد الوصاية وحكم الاستبداد.
مظاهرات 30 أكتوبر، لم تٌعد الحياة من جديد إلى الشارع فقط، وإنما كذبت كل أصحاب "نظرية الفتنة النائمة"، لأن هؤلاء ليس همهم أن تبقى الفتنة نائمة بقدر ما يهمهم أن يبقى الشعب نائما وهو يرى حقوقه تهضم وكرامته تذل ومواطنته تداس.
وحتى قبل 30 أكتوبر، فلم يسبق للشعب المغربي أن سار في مظاهرات غير سلمية، أو جنح إلى العنف رغم كل الاستفزازات والقمع الذي تعرضت له احتجاجاته، ورغم سقوط ضحايا وشهداء بين صفوفه، فقد عرف دائما كيف يحتج دون أن يتحول المغرب إلى "سوريا" أو "ليبيا" كما يهدد، اليوم، بذلك بعض غربان الشؤم المتظاهرين الذين خرجوا في كل مناطق المغرب ضد الحكرة.
إن الأصوات التي ترتفع في كل لحظة تاريخية يخرج فيها الشعب المغربي للتعبير عن رأيه بحرية وبدون وصايات، تهدده وتتوعده وتنذره بكل ما هو شؤم، إنما تخرج للدفاع عن المفسدين، وحماية مصالحها، والحفاظ على مكاسبها.
وما يخيف هذه "الغربان" هو صوت الشارع، لأنها تدرك أن موازين القوى الحقيقية هي تلك التي صنعها الشارع، وهي التي حققت المكتسبات التي يقتاتون اليوم من فتاتها. إنهم يصح فيهم القول المغربي المأثور: "يأكلون الغلة ويسبون الملة". يريدون لهذا الشعب أن يبقى تحت وصاية أسيادهم حتى يبقوا هم وسطاء بينه وبينهم.
إن من يخوفون اليوم الشعب الذي نزل إلى الشوارع للتظاهر سلميا ضد "حكرته" بـ "الكابوس السوري"، هم أنفسهم من تداعوا عام 2013 إلى مؤتمر القاهرة ونادوا بـ "الجهاد" في بلاد الشام، حتى اكتشف العالم اليوم أن "جهادهم" لم يكن سوى "إرهابا" أنبت "داعش" وأخواتها ونشر الرعب في العالم بسبب فضاعة جرائمها. وهم من باركوا بالأمس ومازالوا يباركون حتى اليوم حربا عنصرية وإجرامية مثل حرب النظام السعودي ضد الشعب اليمني الفقير الأعزل وتدمير بلاده الضاربة العمق في تاريخ الحضارة الإنسانية.
لماذا لم يَتَّق هؤلاء "الغربان" ربهم في شعوب تلك البلدان، التي يهددون المغاربة اليوم بمصيرها، أين كانت حكمتهم عندما كانوا يشاركون في مؤتمرات "الفتنة" في القاهرة؟ وأين هي اليوم حكمتهم للسؤال فقط لماذا يستمر المغرب في حرب إجرامية، لا ناقة ولا جمل له فيها، يذهب ضحيتها عشرات الأبرياء يوميا؟ أم أن مصالحهم تٌعميهم عن رؤية الحق إلا عندما يكون دفاعا عن أسيادهم وصونا لمكاسبهم البئيسة؟
أفهم دفاع بعض أصحاب المصالح عن مصالحهم.. لكن ما لا أفهمه هو دفاع بعض العبيد عن عبوديتهم.. وهذه هي الطامة الكبرى التي ابتلي بها الشعب المغربي العظيم..
علي أنوزلا
مواضيع ومقالات مشابهة