الذكرى االثانية و الثلاثون لانتفاضة 20 يونيو 1981 المجيدة
وقد برر المسئولون آنذاك هذه
الزيادات بالحجة المعهودة دائما: الأزمة العالمية وحالة موازنة الدولة وأن هذه
الزيادة ضرورية وحتمية اقتصادية،.. الخ.
كانت الأزمة تلك،
دليلا على أزمة النظام المخزني التبعي للدوائر الرسمالية ، الذي لم يحقق للبلاد،
بعد عدة عقود من "الاستقلال الشكلي"، سوى المزيد من التخلف والبطالة
والفقر. وحجة أخرى على طفيلية الطبقة السائدة التي تعرض ثروات البلاد لنهب مكثف،
وإلى النفقات الهائلة للحرب في الصحراء، التي قدرت آنذاك بمليوني دولار يوميا!
كل هذا كان متواريا
إبان فترة الازدهار النسبي للاقتصاد الرأسمالي العالمي، لكن الانحسار الاقتصادي
الطويل الذي شهده الاقتصاد العالمي خلال عقد السبعينات، انعكس على المغرب على شكل
تدن في مردودية العديد من القطاعات الإنتاجية وفي مقدمتها قطاع الفوسفاط، الذي
تقلصت إنتاجيته بنسبة 5,4%، إذ انتقلت في شهر نونبر من أزيد من 26 مليون طن، إلى
أقل من 16 مليون طن، إضافة إلى انخفاض مبيعاته في السوق العالمية. كما عرف الميزان
التجاري عجزا كبيرا حيث سجل تفاوتا ملحوظا بين قيمة الصادرات (24,4 +%) وقيمة
الواردات (33,7+ %). بينما شهد التمويل الخارجي، سنة 1981، تطورا بلغ 55% مقارنة
مع سنة 1980، بحيث بلغ 14,2 مليون درهم.
أمام هذا الوضع قرر
الحاكمون تعريض العمال والفلاحين وعموم الكادحين للمزيد من التجويع والاستغلال،
فطبقت سياسة تقشف قاسية أدت إلى المزيد من ضرب القدرة الشرائية للفقراء وتصاعد
البطالة التي بلغت مليون ونصف المليون عند نهاية سنة 1980.
جاءت تلك الإجراءات
التقشفية الإجرامية نتيجة لرغبة الطبقة السائدة في تحميل الفقراء والمضطهدين، أي
أكثر الفئات هشاشة وانسحاقا، ثقل الأزمة، إذ أن الكادحين هم بطبيعة الحال من عليهم
دائما أن يتحملوا تبعات أزمة نظام أعدائهم الطبقيين، في سبيل "المصلحة
العامة" و"مصلحة الوطن"، الخ وهي نفس الترهات التي تتردد الآن على
مسامعنا والاقتصاد يغرق في مستنقع أزمة عميق، فما أشبه اليوم بالبارحة!
على خلفية هذا الوضع
قررت نقابة الاتحاد المغربي للشغل خوض إضراب عام يوم 18 يونيو 1981، ساندته
الكنفدرالية الديمقراطية للشغل، حيث أصدر مكتبها التنفيذي يوم 17 يونيو 1981 بلاغا
يدعو فيه الجماهير العمالية إلى المشاركة في إضراب 18 يونيو. لكن حكومة الحسن
الثاني تعاملت معه بالتعنت والإصرار على مواصلة حربها الطبقية، مما دفع
بالكنفدرالية الديمقراطية للشغل إلى الدعوة إلى إضراب عام وطني يوم 20 يونيو 1981.
وقد كان المطلب الجوهري لهذا الإضراب هو: الإلغاء الفوري الكلي والضروري لكل
الزيادات التي عرفتها المواد الاستهلاكية الأساسية في 28 ماي 1981.
كان الإضراب ناجحا،
فالحركة الاقتصادية في الدار البيضاء شلت بأكملها، حيث توقفت وسائل النقل عن
الحركة وتوقفت الآلات في المعامل عن الدوران. طبعا، فالعمال هم من يحركون بسواعدهم
كل القطاعات في المجتمع، وبدون قوة عملهم لا يمكن لأي قيمة أن تضاف أو عجلة أن
تدور أو آلة أن تتحرك! وقد انخرطت في الإضراب وشاركت فيه النقابات الوطنية للتجار
الصغار والمتوسطين والنقابة الوطنية للتعليم العالي والاتحاد الوطني لطلبة المغرب.
للإضراب العام أهمية
عظمى لأنه يساهم في تحسيس العمال بقوتهم وبوحدتهم، ولكونه يطرح على المجتمع سؤال:
"من السيد هنا؟ هل مالكو وسائل الإنتاج الطفيليون، الذين لا دور لهم في
المجتمع إلا امتصاص دم العمال ومراكمة الثروات على حسابهم، أم الطبقة
العاملة؟" كما أنه، وهذا هو الأساس، يطرح بشكل واضح مسألة ازدواجية السلطة. ففي كل إضراب يكمن تنين الثورة.
لقد جاء هذا الإضراب
تتويجا لموجة من النضالات الجماهيرية العارمة في العديد من القطاعات والمواقع
الإنتاجية الأساسية مثل الفوسفاط، والسكك الحديدية، والنسيج، ومعامل إنتاج السكر،
وقطاع الموانئ، والتبغ، والصناعات الحديدية، والبترولية، والغذائية. انضم إليها
رجال التعليم والصحة وقطاع الأبناك، والشبيبة المدرسية وطلاب الجامعات والتجار
الصغار، كما ساهم الفلاحون في حركة الاحتجاج ضد حرمانهم من الأرض(فلاحو قرية أحد
كورت، فلاحو جماعة أولاد سعيد الواد، فلاحو قبائل الأوداية).
وكان النجاح الباهر
الذي حققه صفعة مدوية في وجه الطبقة السائدة وكل شعارات "السلم
الاجتماعي"، فقرر النظام الدكتاتوري التدخل ليفرض على العمال وأصحاب الدكاكين
العودة إلى العمل. فشرعت السلطات في إكراه أصحاب الدكاكين على فتح محلاتهم، وإكراه
عمال الحافلات على استئناف عملهم، كما بدأت قوات البوليس في تشتيت الشباب والعمال
المجتمعين في الأحياء والمقاهي. لكنها فشلت فانضمت إليها قوات الجيش والدرك الملكي
والقوات المساعدة على متن الشاحنات العسكرية والمروحيات.
ارتكبت قوات القمع
جرائم كبيرة في حق أبناء الشعب الأعزل، مما دفع بالجماهير إلى تحويل الإضراب إلى
تظاهرات شعبية عارمة ضد هذه الاستفزازات وللتعبير عن سخطهم على الأوضاع وضد
التجويع والاستبداد. آنذاك صارت شوارع البيضاء في يد الجماهير، التي اجترحت بطولات
عظيمة وعبرت عن شجاعة كبيرة في تحدي القمع.
لقد كانت انتفاضة 20
يونيو 1981، من القوة والحدة بحيث جعلت العديد من رجال الأعمال ومختلف الفئات
البورجوازية وكذا مسئولين سامين في الدولة يتملكهم الفزع والرعب، ومنهم من كان
يستعد للهرب "بأمواله" إلى الخارج.
لو توفرت آنذاك قيادة للانتفاضة الشعبية، ذات مصداقية في أعين الجماهير، وببرنامج نضالي واضح، لتم توجيه تلك
الطاقة الجماهيرية نحو تشكيل المجالس العمالية اللجن والشعبية المنتخبة التي تسهر على
تسيير الانتفاضة والحفاظ على استمراريتها، ولتمت الدعوة إلى تسليح الجماهير لمواجهة القمع الذي
كانت قوى الظلام تحضره ضدها. لو توفر مثل تلك القيادة لكان من الممكن توسيع مدى
الانتفاضة الجماهيرية إلى مدن أخرى، وإلى العاصمة الرباط على وجه الخصوص. و أن يتم التآخي مع الجنود العاديين، أبناء الفلاحين
والفقراء، والذين يكتوون هم أيضا بنار الغلاء والقهر، ليوجهوا بنادقهم إلى صدور
أعدائهم وأعداء الشعب، وليس إلى صدور الجياع المنتفضين. و الدعوة إلى تضامن عمالي أممي مع المنتفضين، الخ.
لكن ذلك لم يكمن ممكنا، مما حكم على الانتفاضة الرائعة بالفشل. تمكنت الدولة
البورجوازية من استعادة زمام المبادرة فنظمت حملة قمع دموي رهيب ضد الشعب الأعزل.
انطلقت موجة من القتل الجماعي حيث استعملت الذخيرة الحية، استهدف حتى النساء
والأطفال الذين كانوا يطلون من أسطح المنازل، واستمر استعمال العنف الدموي إلى
حدود يوم 21 يونيو.
لم يكن هؤلاء
الكادحون مسلحين، بل لم يكن باستطاعتهم حتى الدفاع عن أنفسهم،ورغم و في غياب الادات الموجهة و المدافعة عن الدماهير الشعبية شن النظام الرجعي حملة قميعة دموية بالرصاص الحي حيث طوقت قوات الجيش كل
الأحياء بمدينة الدار البيضاء بالدبابات والسيارات العسكرية، وكانت أول ضحية سقطت
بفعل إطلاق الرصاص طفلة بدرب غلف عمرها 12 سنة، ليبدأ حمام الدم في جل أزقة وشوارع
الدار البيضاء. وقد بينت التحريات فيما بعد أن الرصاص كان يستهدف الرأس والصدر
والقلب. وقد رمي هؤلاء الشهداء في حفر بشكل جماعي، في مقابر جماعية سرية من بينها
ثكنة عسكرية تابعة لرجال المطافئ بالقرب من الحي المحمدي، وتقول بعض التقارير إن
بعضهم دفنوا وهم كانوا ما يزالون يئنون من جراحهم.
كانت المجزرة رهيبة
وكان عدد الشهداء كبيرا، وقد قدرت الجمعيات الحقوقية عدد القتلى بأزيد من 1000
قتيل، كل مطالبهم ما يكفي من الخبز والحليب لأبنائهم.
هذا إضافة إلى مئات
الاختطافات والاعتقالات، حتى وصل عدد المعتقلين إلى حوالي 26 ألف معتقل! اعتقلوا
بدون محاكمة وفي شروط لا إنسانية مما أدى إلى موت العديد منهم (قتل العديد من
المعتقلين في المقاطعة 46، التي أصبحت فيما بعد مقرا لعمالة سيدي البرنوصي زناتة
من جراء الاكتظاظ والتعذيب). ووزعت محاكم الدكتاتور قرونا من السجن على الأبرياء،
حيث أن غرفة جنائية واحدة وزعت ما مجموعه 1400 سنة سجنا!!
تحل هذه الذكرى المجيدة، في سياق شروط تاريخية
استثنائية في حياة شعوب شمال افريقيا و العربية و ما تميزت به من ثورات شعبية غيرت
مجرى التاريخ، من عهود الظلم و الاستبداد إلى عهد الحرية و الكرامة و عودة السيادة
إلى أصحابها الحقيقيين، أي الشعوب التي ظلت مند استقلال بلدانها مقصية من
صنع قرارها والتحكم في مصائرها و مغيبة بكل أشكال القمع و الاضطهاد من مسرح الحياة السياسية.
و لقد كانت هذه
الثورات والانتفاضات الشعبية والتحولات نتيجة حتمية لتراكم نضالات أجيال متعاقبة من الشباب و
من بينهم شباب انتفاضة 20 يونيو 1981 بالدار البيضاء، تلكم الانتفاضة التي كانت
علامة فارقة في تاريخ المغرب المستقل سواء على مستوى السياسات العمومية أو على
المستوى الحقوقي نظرا لما كان لها من آثار وخيمة على المئات من الضحايا المباشرين
للقمع الشرس الذي صاحبها و أيضا على أسر الضحايا و دوي حقوقهم و اذ تعلن عائلات ضحايا انتفضة 20 يونيو 1981 للرأي
العام انه مند أن قرر النظام المغرب المصالحة عبر هيئة التحكيم
وهيئة الإنصاف والمصالحة قبل عقد من الزمن ، وأثناء مختلف تطور ملف ضحايا أحداث 20
يونيو1981 الأليمة بالدار البيضاء ، كان شعور ا لضحايا انه لم يؤخذ بالجدية
اللازمة من لدن المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان ، بحيث وقفوا على العديد من
الملاحظات الخروقات التي طالت مقرراتهم التحكيمية التي لم ترقى إلى مبادئ العدل
والانصاف والجبرالحقيقيين ، كما نصت عن ذلك جميع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان ،
تعويضات مجحفة ، إدماج اجتماعي لم يرى النور بعد ، و تغطية صحية لاتخدم مصلحة
الضحايا ، ملفات كثيرة صنفت خارج الآجال ، طمس ملف المقابر الجماعية حسب ماجاء في
تقرير المجلس الاستشاري لحقوق الإنسان لسنة 2009 جبر الضرر الجماعي لمدينة الدار
البيضاء ألبس لباس التنمية فأصبح لايخدم مصلحة ضحايا الانتهاكات الجسيمة ، لذلك فان ضحايا انتفاضة 20 يونيو
1981 تطالب بمايلي :
1 ) الإسراع بالكشف عن هوية
شهداء أحداث 20 يونيو التي انتشلت جثتهم المقبرة الجماعية من داخل الوقاية المدنية
بالحي المحمدي عين السبع بعد إعادة دفنهم في قبور فردية،كما جاء في المقررات التي
سلمت للعائلات ودوي حقوقهم وتضميد جراحهم جبر باقي أضرارهم، والكشف عن المقابر
الأخرى لمجهولي المصير وتفعيل برنامج حفض الذاكرة وحتى لا ننسى ولا يتكرر هدا،
بتسمية بعض الساحات والشوارع والمدارس بأسماء شهداء أحداث 0 2 يونيو 1981 الأليمة
2) تفعيل توصيات المقررات التحكيمية المتضمنة
للإدماج الاجتماعي مع ، وكدلك تضمين توصية الإدماج الإجتماعي للمقررات التي لم
يشملها دلك مع مراعاة الفرص الضائعة للدين قضوا مددا طويلة رهن الاعتقا ل وعامل
السن
3 ) نطالب بالتدخل الفوري والعاجل لإستشفاء حالة
السيد عاطر سعيد والحالأت المرضية الأخرى و بالتغطية الصحية الشاملة ،بالإضافة إلى
فتح أجل جديد للملفات المصنفة خارج الآجال بدون حيف او تمييز ، و نطلب من تنسيقية
الحقوقيين بالضغط على رئاسة المجلس الوطني لحقوق الإنسان و الوزير الأول بتفعيل
تقرير هيئة الإنصاف و المصالحة و الدعم و المساندة لضحايا 20 يونيو 1981.
مواضيع ومقالات مشابهة





