للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

سكوت.. إنهم يريدون قتل الشهود لـ علي أنوزلا


الأحكام القاسية والصادمة التي صدرت الأسبوع الماضي في حق صحفيي قناة "الجزيرة" القطرية في مصر، تهدف إلى بعث رسالة واضحة إلى كل الصحفيين المهنيين والمستقلين، تخيرهم ما بين الولاء المطلق للحاكم أو الصمت أو السجن. والموجة العارمة والرائعة من التضامن العالمي، وعلى أعلى المستويات، التي خلفتها تلك الأحكام الجائرة تبين إلى أي حد أن الأمر جديّ. إنهم يريدون قتل الشهود. والشاهد هنا هو الصحافة المهنية والمستقلة. أما القاتل فهو كل نظام لا يتسع صدره للكلمة الحرة.
من مصر، جاء الإنذار، لكنها ليست الدولة الوحيدة التي توجد فيها الصحافة الحرة في حالة خطر. فمازالت سوريا والعراق تعتبران من بين الدول الأكثر خطورة في العالم على حياة الصحفيين أثناء مزاولتهم لعملهم. هناك، لا اعتقالات تعسفية، ولا محاكمات غير عادلة، ولا أحكام قاسية، وإنما الاختطاف لإخفاء الشاهد أو قتله على رؤوس الأشهاد بدم بارد.


باتت الصحافة في المنطقة العربية من بين أكثر المهن التي تعرض أصحابها للخطر، ليس فقط في بؤر النزاع داخل هذه المنطقة الساخنة، وإنما أيضا في كل دولها بدون استثناء من الخليج إلى المحيط.

الصحفيون، في أغلب الدول العربية، يعملون في ظل ظروف صعبة بالغة الخطورة، كما هو الشأن في دول المنطقة التي تمر بتوترات، أو تعرف حروبا أهلية، أو تغرق في فوضى عارمة. وحتى في الدول التي مازالت تبرر استمرار الاستبداد بالحفاظ على الاستقرار، فإن الشروط القانونية الموجودة بها تضيّق على "صاحبة الجلالة"، وتنصب لأصحابها المحاكم وتفتح أمامهم الزنازين.

فالصحافة التي لعبت دورا مهما خلال مرحلة ما سمي بـ"الربيع العربي"، ومكنتها الحرية التي خرجت الشعوب تطالب بها من رفع سقف أدائها المهني، ضاقت الأنظمة بها ذرعا، وآن الأوان لاحتوائها، أو خنقها وإسكات صوتها دفعة واحدة.

إن المستهدف هنا بالسجن أو الاختطاف أو القتل هو صوت الشاهد. وهذا هو دور الصحافة الذي تخشاه الأنظمة المستبدة، بل وحتى الأنظمة الديمقراطية. دور الموثّق المحايد، والصورة المزعجة، والمنقّب عن الحقيقة المَخفية، والمنبر الذي يعطي الكلمة لصاحب الصوت الآخر، ويفتح الباب أمام الرأي المخالف، وهذا هو سبب ملاحقة هؤلاء الشهود المزعجين، ومطاردتهم مثلما كانت تطارد الساحرات في القرون الوسطى، لخنق أصواتهم أو كتم أنفاسهم.

الخيار الذي تضعه الأنظمة الاستبدادية أمام الصحافة الحرة صعب، ولا مكان فيه للمناورة. إما الصمت المفروض بقوة الحديد والنار والقوانين الجائرة والمحاكمات غير العادلة، أو الصمت الاختياري عندما يساهم الصحفي في اغتيال ضميره بنفسه من خلال الرقابة الذاتية. وهذا هو أسوأ أنواع الاغتيالات، مثل كاتم الصوت.

إنه نوع من القتل البطيء للمصداقية، وهي رأسمال كل صحافي مهني ومستقل.

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes