أين هي الثروة؟ بمعنى هل هناك ثروة؟ لـ عبد العزيز العبدي

لنعد إلى خطاب الثلاثين من يوليوز 2014 بمناسبة الذكرى الخامس عشرة لجلوس الملك على العرش، في محاولة لتفكيك بعض أفكاره وبعض الرسائل التي أراد إرسالها....
في هذه العجالة سنحاول أن لا نساير إحدى أهم نتائجه، وهو أن المنجزات التي تحققت في عهده خلقت ثروة فعلية... ليبقى السؤال الاشكالي مطروحا عن مآل الثروة ذاتها.... بمعنى من استفاد من الثروة أساساً، بينما السؤال المسكوت عنه هو : هل خلقت ثروة أساسا من خلال هذه الانجازات؟
الأكيد أن مراجعة قصيرة للمرحلة التي تحمل فيها الملك مسؤولية الحكم، الممتدة على مدة عقد ونصف، ستبين بشكل ملموس كثافة التحركات وطول المسافات التي يقطعها عبر ربوع البلد، من شماله إلى جنوبه ومن شرقه إلى صحرائه، وفي كل تحرك هناك تدشين لمشاريع واعطاء انطلاقة لأخرى....
لا نتحدث عن المشاريع الكبرى، وهي كيفما كانت محدودة ومعدودة على رأس أصابع اليد: ميناء طنجة المتوسطي، مركب الصناعات الكيماوية بجرف الاصفر، الطرق السيارة، القطار الفائق السرعة وبعض المناطق والتجمعات الصناعية المندمجة... وهي مشاريع لها تبعات ايجابية على المستوى الماكرو اقتصادي، مثلها مثل البرامج الكبرى، والتي لا يجب خلطها والمشارع البنيوية، ونعني بذلك المخطط الأخضر، واليوتيس، ومخطط الاقلاع الصناعي... والتي يجب العمل على تنزيلها عبر مشاريع ممكن الحديث عنها مستقبلا....
نتحدث هنا عن مئات المشاريع التي يتم تدشينها عبر ربوع المملكة، وهي على صغرها، المفروض أن يكون لها تأثير على الساكنة المحيطة لهذه المشاريع، وتجسدت أساسا في دور الطالبات، وفي مراكز التكوين المهني، وفي مركبات القرب السوسيوثقافية، وفي المستشفيات الصغيرة وفي المشاريع الصغيرة المهداة إلى فئات اجتماعية محددة: نزلاء الخيريات، السجناء السابقون، نساء بعض الاحياء والقرى الهامشية، وغيرها من المشاريع التي تستهلك الوقت الأعظم من الفعل الملكي والتي كان من المفروض أن تخلق ثروة ما، ويستفيد منها الموجهة إليهم، ليظهر أثرها في حياتهم....
لذا، بدل طرح السؤال: أين هي هذه الثروة؟ وهل يستفيذ منها المغاربة قاطبة؟ وجب طرح السؤال : هل تم بالفعل خلق ثروة عبر هذا الكم الهائل من المشاريع؟ وهل ما تم تدشينه من مشاريع كان ناجعا وناجحا؟
سنسلم بطيبوبة الملك وجديته ورغبته الصادقة في تحقيق رفاهية هذا الشعب، لكن هذا لا يمنع من طرح الكثير من الأسئلة حول جدية التعاطي مع هذه المشاريع، إن أن مراجعة انجازها يوضح بالملموس الكثير من الاختلالات المبددة للثروة لا المنتجة لها:
تكلفة التنقل الملكي بالمقارنة مع حجم المشروع، إذ ما من مرة لوحظ اشراف الملك على توزيع ادوات عمل بقيمة لا تعادل حتى عشر ثمن الوقود المحروق في سيارات القصر والسلطة والمنتخبين، بالاضافة إلى تكاليف تعطيل الحركة ومصاريف تبليط الشوارع وغرس الاشجار وصبغ الطوار وغيرها...
جدية المشروع وصدقيته، إذ نقلت الصحافة مراراً واقعة اقفال المشاريع مباشرة بعد تدشينها من طرف الملك، ونقل معداتها التي عرضت على أعين الملك إلى جهات غير معلومة مع اقتلاع الاشجار التي غرست واطفاء المصابيح التي أنيرت....
ثم استمرارية المشروع، إذ أن الكثير من المشاريع لا تستمر وفق ما سطر لها في الأهداف التي عرضت على الملك....
لذا كان الواجب أولا هو طرح سؤال: هل حقا تم انجاز ثروة خلال هذا العقد ونصف؟ قبل طرح سؤال : أين هي هذه الثروة؟ مع العلم أن هذا الأخير، أي سوال الثروة، يستلزم جوابا سياسيا تعود حذوره إلى تاريخ الاستقلال، وسيرورة تكون النخب السياسية والاقتصادية التي استحوذت على ثروة البلاد كلها، ومنها المؤسسة الملكية....
عبد العزيز العبدي
مواضيع ومقالات مشابهة



