الاتحادي جواد بنعيسى يستقيل من الحزب احتجاجا على تصريحات لشكر
قام جواد بنعيسى، عضو اللجنة الإدراية لحزب الإتحاد الإشتراكي بتقديم استقالته من الحزب احتجاجا على تصريحات الكاتب الاول لحزب الاتحاد الاشتراكي ادريس لشكر في برامج "مباشرة معكم" لقناة الثانية، يوم الأربعاء 17 شتنبر الجاري، عندما قال ان "المعارضة هي معارضة صاحب الجلالة". حيث وجه استقالته للحزب في رسالة مفتوحة يوضح فيها حيثيات و دواعي هاته الاستقالة التي يرجع فيها السبب الى اقدام لشكر في ظرفٍ قياسي، تحطّيم الحزب الذي يدِين له بالكثير عندما يتعلق الأمر بتخريب تنظيم سياسي، لعلّه سيكون من العَسِير إيجاد شخص على هذا القدر من الخبرة و التجربة. و يقول مخاطبا لشكر ان" مََسَارُك يَروي عنك الكثير بهذا الشأن. هذا و أن المخزن الذي طالما حَلم بنهاية الإتحاد الإشتراكي قد تأخّر في اللّجوء إلى خدماتك".
واليكم نص الرسالة الكاملة:
رسالة مفتوحة إلى ادريس لشكر : أغادر هذا البازار، أستقيل
عزيزي ادريس،
لا أدري ماذا أقول لك. إنني أتساءل إن كنتَ تُدْركُ إلى أيّ حَدٍّ اسْتَطَعت، و في ظرفٍ قياسي، أن تحطّم الحزب الذي تَدِينُ له بكلّ شيءٍ، أو بالأحْرى بكلّ ما تملُك. عندما يتعلق الأمر بتخريب تنظيم سياسي، لعلّه سيكون من العَسِير إيجاد شخص على هذا القدر من الخبرة و التجربة. فمََسَارُك يَروي عنك الكثير بهذا الشأن. هذا و أن المخزن الذي طالما حَلم بنهاية الإتحاد الإشتراكي قد تأخّر في اللّجوء إلى خدماتك.
كان عليه أن يَنْعَمَ بها من زمان، لا سيما أنك لم تَكُفّ يوماً عن التّلمِيح إليه منذ البداية. منذ أن أدّيْتَ خدمتك المَدنيّة في وزارة ادريس البصري، و بالأخصّ منذ أن سَمّيت ابنك اَلْحَسَن و ليس حسن. حصل ذلك عندما كان العديد من زملائك محرومين من نور الشمس، بل إن البعض منهم كان لا يزال عاجزاً عن الجلوس بشكل لائق لأنه أجبر على الجلوس على القرعة. نعم، القرعة التي لا تعرف أنت إلا منافعها. إنها فعلا تُقَطّع بالمعنى اللغوي أو المجازي، أليس كذلك؟
لماذا لم تفكّر في هؤلاء الآلاف من المناضلين الذين عانوا أهوالًا يصعب وصفها لأنهم كانت لهم الشجاعة في أن يثوروا و يصمدوا أمام طغيان و جبروت نظام الحسن الثاني؟ أنت لا تفكّر في أحد سوى في شخصك. فأنت في الواقع لم تُخْفِ يوماً حِقْدك على الآباءِ المُؤَسّسين. و لهذا فأنت لا تَكُفّ عن تخريب الذاكرة. لأنها توجعك.
عزيزي ادريس،
لم يكن ينقص إلا أن نُسَمّي الأشياء بمُسمّياتها. أنت الآن لم تُسَمِّها فحسب، بل قُمت بحَلّ لُغْز تلك المعارضة التي لا تحرك ساكنا. معارَضةٌ ليست كذلك بما أنّها مُعارَضَةُ صاحب الجلالة. ها انت قد ساهمت أخيرا في "إغناء" القاموس السّياسي المغربي. كان أغلبُ الظّن أنّ المعارضة المُؤسّساتية تتشكّل من شِيبَانيّين مُنْهَكِين و من مُحافظين تَبَرْجْوَزُوا بشكل أو بآخر، لكن ها أنت تخبرنا أن تلك هي المعارضة الحيّة لصاحب الجلالة التي تنتمي إليها أنت بكلّ فخر.
دعني هنا أخبرك أمْرَين :
من ناحية، أنت تغسلُ يدَيْكَ على الخطّ السّياسي للحزب الذي يَضَعُ مبدأ فصل السّلط في جوهره. هل نسيت أن المطلب الرئيسي للمؤتمَر الأخير الذي خرجتَ منه كاتباً عامّا هو إقامة نظام برلماني يخوّل للملكيّة دوراً رمزياً و الذي تعمل فيه مؤسسات السّلطة و الرّقابة بروح المسؤولية؟ عن أيّة حكومة صاحب الجلالة تتحدّث و عن أية معارضة صاحب الجلالة؟ المَلَكِيّون الصّادقون لا يقولون أمراً كهذا.
من ناحية أخرى، فَبزعْمِك أنك تمثّل معارضة صاحب الجلالة، تكون قد الْتَحَقْتَ رسمياً بطائفةٍ تضُمّ سياسيّي اليمين و قُدماء الجلّادين و بعض التّكْنوقْراطيّين الذين تَنْقُصهم الشّرعية. هؤلاء لا يَتَنَصّلُون من التِزاماتِهم و مَسْؤُوليّاتهم فَحَسْب، بل يضعون الملك على كفّ عفريت. ذلك انّهم يعرفون، أقصد أنّكم تعرفون، أنّ غياب العدالة الاجتماعيّة قد وضعَ الأسُسَ المادّية لانفِجار نَعرفُ جميعاً أنّه آتٍ لا محالة. إنّ الخطر الذي يمثّله خِطابُكم يَكْمُن في أنّه يُوَجّه مدافع الغضب صَوْب القصر. المَلَكيّون الحقيقيّون لن يفعلوا أمراً كهذا.
دَعْني أقول لك، عزيزي ادريس، أنّني أشكّ كلّ الشّك في صدق حبّك المزعوم للملك.
عزيزي ادريس،
أنت الكاتب الأوّل لحزب لم يَعُدْ حزبي. نحن لا نتقاسم القيم نفسها و لا نملك النّوايا نفسها تجاه الوطن. في ختام ثماني عشرة سنة من الالتزام اليوميّ، أضع رسمياً حدّا لِولايَتِي كعضو في اللّجنة الإدارية الوطنية، مُلتَحِقاً بمَن غادَروا قَبْلي. بهذا فإنّني أنْضَمّ إلى هؤلاء الذين لا يمارسون السياسة من أجل الإغتناء أو كي يَنْعَموا بالرّيع. هؤلاء الذين يَبْنُون شرعيتهم خارج الدّكاكين السياسية. إنّ التزامي السياسي و الفكري سيظل راسخاً، و لكن علَى جبهةٍ أخرى أكثر حرّية و أقل تلوّثاً. إن الحُلم المشروع بمَلَكيّة برلمانية و دولة حديثة و مجتمع مُتَفتّح ذي مناعة ضدّ التطرّف و الاستبداد و التّعفّن، يُحَتّمُ عليّ أن أضع مسافةَ بيني و بين المافيا السّياسية التي تقودُها أنت. إذاً فإنّني سوف أذهب.
أعرفُ أنّك تنتظر هذه اللّحظة منذ مدّة طويلة، منذ اليوم الذي استدعَيْتَنِي فيه للمجلس التّأديبي بواسطة عونٍ قضائي. أعلم أنك لَنْ تقرأ هذه الرّسالة لأسباب تقنيّة، أعْفِيكَ من ذلك لأن هنالك من سيبلغك محتواها. كلّ ما عليك أن تذكره هو أنني بكل بساطة أغادر هذا البازار، أستقيل.
ليس لي من وفاءٍ سوى لِبَلدِي و قِيَمِي و زَيْنب، زَوجتي.
جَوَاد البنْعيسِي
مناضل مستقل
18/09/2014
عزيزي ادريس،
لا أدري ماذا أقول لك. إنني أتساءل إن كنتَ تُدْركُ إلى أيّ حَدٍّ اسْتَطَعت، و في ظرفٍ قياسي، أن تحطّم الحزب الذي تَدِينُ له بكلّ شيءٍ، أو بالأحْرى بكلّ ما تملُك. عندما يتعلق الأمر بتخريب تنظيم سياسي، لعلّه سيكون من العَسِير إيجاد شخص على هذا القدر من الخبرة و التجربة. فمََسَارُك يَروي عنك الكثير بهذا الشأن. هذا و أن المخزن الذي طالما حَلم بنهاية الإتحاد الإشتراكي قد تأخّر في اللّجوء إلى خدماتك.
كان عليه أن يَنْعَمَ بها من زمان، لا سيما أنك لم تَكُفّ يوماً عن التّلمِيح إليه منذ البداية. منذ أن أدّيْتَ خدمتك المَدنيّة في وزارة ادريس البصري، و بالأخصّ منذ أن سَمّيت ابنك اَلْحَسَن و ليس حسن. حصل ذلك عندما كان العديد من زملائك محرومين من نور الشمس، بل إن البعض منهم كان لا يزال عاجزاً عن الجلوس بشكل لائق لأنه أجبر على الجلوس على القرعة. نعم، القرعة التي لا تعرف أنت إلا منافعها. إنها فعلا تُقَطّع بالمعنى اللغوي أو المجازي، أليس كذلك؟
لماذا لم تفكّر في هؤلاء الآلاف من المناضلين الذين عانوا أهوالًا يصعب وصفها لأنهم كانت لهم الشجاعة في أن يثوروا و يصمدوا أمام طغيان و جبروت نظام الحسن الثاني؟ أنت لا تفكّر في أحد سوى في شخصك. فأنت في الواقع لم تُخْفِ يوماً حِقْدك على الآباءِ المُؤَسّسين. و لهذا فأنت لا تَكُفّ عن تخريب الذاكرة. لأنها توجعك.
عزيزي ادريس،
لم يكن ينقص إلا أن نُسَمّي الأشياء بمُسمّياتها. أنت الآن لم تُسَمِّها فحسب، بل قُمت بحَلّ لُغْز تلك المعارضة التي لا تحرك ساكنا. معارَضةٌ ليست كذلك بما أنّها مُعارَضَةُ صاحب الجلالة. ها انت قد ساهمت أخيرا في "إغناء" القاموس السّياسي المغربي. كان أغلبُ الظّن أنّ المعارضة المُؤسّساتية تتشكّل من شِيبَانيّين مُنْهَكِين و من مُحافظين تَبَرْجْوَزُوا بشكل أو بآخر، لكن ها أنت تخبرنا أن تلك هي المعارضة الحيّة لصاحب الجلالة التي تنتمي إليها أنت بكلّ فخر.
دعني هنا أخبرك أمْرَين :
من ناحية، أنت تغسلُ يدَيْكَ على الخطّ السّياسي للحزب الذي يَضَعُ مبدأ فصل السّلط في جوهره. هل نسيت أن المطلب الرئيسي للمؤتمَر الأخير الذي خرجتَ منه كاتباً عامّا هو إقامة نظام برلماني يخوّل للملكيّة دوراً رمزياً و الذي تعمل فيه مؤسسات السّلطة و الرّقابة بروح المسؤولية؟ عن أيّة حكومة صاحب الجلالة تتحدّث و عن أية معارضة صاحب الجلالة؟ المَلَكِيّون الصّادقون لا يقولون أمراً كهذا.
من ناحية أخرى، فَبزعْمِك أنك تمثّل معارضة صاحب الجلالة، تكون قد الْتَحَقْتَ رسمياً بطائفةٍ تضُمّ سياسيّي اليمين و قُدماء الجلّادين و بعض التّكْنوقْراطيّين الذين تَنْقُصهم الشّرعية. هؤلاء لا يَتَنَصّلُون من التِزاماتِهم و مَسْؤُوليّاتهم فَحَسْب، بل يضعون الملك على كفّ عفريت. ذلك انّهم يعرفون، أقصد أنّكم تعرفون، أنّ غياب العدالة الاجتماعيّة قد وضعَ الأسُسَ المادّية لانفِجار نَعرفُ جميعاً أنّه آتٍ لا محالة. إنّ الخطر الذي يمثّله خِطابُكم يَكْمُن في أنّه يُوَجّه مدافع الغضب صَوْب القصر. المَلَكيّون الحقيقيّون لن يفعلوا أمراً كهذا.
دَعْني أقول لك، عزيزي ادريس، أنّني أشكّ كلّ الشّك في صدق حبّك المزعوم للملك.
عزيزي ادريس،
أنت الكاتب الأوّل لحزب لم يَعُدْ حزبي. نحن لا نتقاسم القيم نفسها و لا نملك النّوايا نفسها تجاه الوطن. في ختام ثماني عشرة سنة من الالتزام اليوميّ، أضع رسمياً حدّا لِولايَتِي كعضو في اللّجنة الإدارية الوطنية، مُلتَحِقاً بمَن غادَروا قَبْلي. بهذا فإنّني أنْضَمّ إلى هؤلاء الذين لا يمارسون السياسة من أجل الإغتناء أو كي يَنْعَموا بالرّيع. هؤلاء الذين يَبْنُون شرعيتهم خارج الدّكاكين السياسية. إنّ التزامي السياسي و الفكري سيظل راسخاً، و لكن علَى جبهةٍ أخرى أكثر حرّية و أقل تلوّثاً. إن الحُلم المشروع بمَلَكيّة برلمانية و دولة حديثة و مجتمع مُتَفتّح ذي مناعة ضدّ التطرّف و الاستبداد و التّعفّن، يُحَتّمُ عليّ أن أضع مسافةَ بيني و بين المافيا السّياسية التي تقودُها أنت. إذاً فإنّني سوف أذهب.
أعرفُ أنّك تنتظر هذه اللّحظة منذ مدّة طويلة، منذ اليوم الذي استدعَيْتَنِي فيه للمجلس التّأديبي بواسطة عونٍ قضائي. أعلم أنك لَنْ تقرأ هذه الرّسالة لأسباب تقنيّة، أعْفِيكَ من ذلك لأن هنالك من سيبلغك محتواها. كلّ ما عليك أن تذكره هو أنني بكل بساطة أغادر هذا البازار، أستقيل.
ليس لي من وفاءٍ سوى لِبَلدِي و قِيَمِي و زَيْنب، زَوجتي.
جَوَاد البنْعيسِي
مناضل مستقل
18/09/2014
مواضيع ومقالات مشابهة