محمد السادس متساهل مع ناهبي اموال الشعب لكنه لايرحم من تلاعب بأموال أسرته
"الملك المستحوذ " كتاب نشر في فرنسا في مارس 2012 عن "دار لوسوي" للصحفيين الفرنسيين كاترين كراسيي وإريك لوران ينبش في ركام صناعة السياسة والاقتصاد بالمغرب . ولأنه يقوم على قاعدة معطيات غنية حول طريقة استحواذ المؤسسة الملكية بالتدريج على الاقتصاد المغربي وكيف يستفيذ المحيطون بالملك من بقايا ولائمها باسلوب اقرب منه للمافيات المنظمة وابعد من سلوك نظام سياسي مسؤول امام شعبه ، ولأن الكتاب منع من التداول بالمغرب في طبعته الفرنسية لحجب مايمكن ان يكون حجج وبراهين على تورط الماسكين بزمام السلطة في البلاد على القارئ المغربي ، ولأن الحق في الوصول الى المعلومة مبدأ تقره كل المواثيق الدولية التي وقع المغرب علىها، ولأن المعلومات الواردة في الكتاب لم ترد على مدى صحتها او خطأها اية جهة مغربية رسمية .
لكل هاته الاسباب إرتأينا في "ينايري .كوم " أن ننشر اهم ماورد في الكتاب عبر حلقات دون أن نغير كلمة واحدة من النص الاصلي حتى يكون القارئ على بينة من محتوياته ويتخذ الموقف المناسب الذي سيحاسبه عليه التاريخ عاجلا ام آجلا بعد أن يعرف أي نوع من الحكام يقررون في مصيره ومصير بلاده ومستقبلها .
مع الشكر لمجهود الصحفيين الجبار والمتميز ولجنود الخفاء الذين قاموا بترجمة الكتاب من اللغة الفرنسية الى اللغة العربية .ينايري.كوم
الفضيحة الواحدة و العشرون من حكاية نهب وطن
أمسك وثيقتك فإني لا أرغب في الاحتفاظ بها
في شهر مارس 2116 ، اعتبر الماجيدي وبوهمو أن رأس الودغيري قد أينع وحان قطافه. قبل ذلك بوقت قصير بدؤوا بإقناع محمد السادس أن البنك يتوفر على صحة جيدة تسمح بتغيير رئيسه دون خشية. عشية انعقاد مجلس الإدارة تلقى الودغيري مكالمة من بوهمو يبلغه فيها أنهم قرروا تغيير هيكلة البنك بإحداث مجلس للرقابة وأنه أي الودغيري سوف يكون رئيسه.
المعروف أن هذا المنصب شرفي يسمح بالتخلص من صاحبه بلباقة. يقول الودغيري "لم أكن غبيا، ولكني أجبته: حسنا، إذن سأعلن ذلك بنفسي أمام مجلس الإدارة. وفي الغد قدمتُ عرضا عن نجاح عملية الاندماج والتطور في الخارج والحصول على رخصة مصرفية في فرنسا. في نهاية العرض أعلنت أني قررت أخذ مسافة من التدبير الفعلي".
في الواقع، كان الودغيري يدرك أن إنشاء منصب جديد يتطلب إدخال تعديل على النظام الأساسي للبنك، عن طريق عقد جمع عام، فلعب بدوره على عامل الزمن وبعد ثلاثة أشهر تخلى خصومه عن الفكرة كلها. "لكن، كما يقول، كنت على يقين أن النهاية اقتربت لأني كنت غير خاضع لسيطرتهم". أما على مستوى المظهر واصل الماجيدي وبوهمو والودغيري ترديد نفس الخطاب عن الحاجة إلى إنشاء "أبطال وطنيين" يحسنون التكيف مع المنافسة العالمية في المجال الاقتصادي والمالي .
في الحقيقة، نفس المصطلحات كانت تعبر عن رؤيتين متعارضتين. رؤية الودغيري كانت تجمع بين تشجيع ظهور أقطاب تنموية كبرى وانسحاب الملك وأسرته تدريجيا من النشاط الاقتصادي في البلاد لتجنب مساوئ الخلط بين السلطة والمال والتوترات السياسية. أما بالنسبة للماجيدي، على العكس من ذلك، ففكرة الأبطال الوطنيين في ميدان الاقتصاد هدفها هو التمويه وإخفاء تحكم الملك في الحركة الاقتصادية والمالية.
في يوم من سبتمبر 2006 ، دخل خالد الودغيري إلى مكتب الماجيدي الفاخر في مقر المجموعة الملكية سيجر وقدم إلى السكرتير الخاص للملك دراسة تصورية حول الآليات الممكنة لإنهاء هيمنة الملك وأسرته على الاقتصاد المغربي. هذا المنهج الذي اختاره الودغيري يعتبر نوعا من الانتحار، كمن يشيرعلى مريض بالسمنة المفرطة بالتوقف عن تناول الطعام. "الماجيدي قرأ الوثيقة وتغير لونه وأعادها إليَّ على الفور قائلا :أمسك وثيقتك فأنا لا أرغب في الاحتفاظ بها. بعد هذا التصرف أيقنتُ أن هدفهم هو السيطرة على مكامن اقتصاد البلاد ولقد نجحوا فعلا في ذلك اليوم".
بالنسبة للماجيدي وبوهمو، ليس التجاري وفابنك مصدر أرباح فقط، ولكنه فوق ذلك أداة من أدوات التحكم والسلطة. لا يمكن تمويل أي مشروع كبير دون مساهمة أول بنك في البلاد، وبالمقابل إذا رفض التمويل أو أوقفه فإن ذلك يعتبر كمن يملك مفتاح الموت والحياة بالنسبة للمقاولين وحتى الأفراد. وعليه إذا رغبوا في إضعاف شركة ما تمهيدا لشرائها بثمن زهيد، يكفي خنقها بحرمانها من القروض. على النقيض من ذلك فإن الأصدقاء وأفراد الحاشية يستفيدون من القروض ولو دون مبرر معقول. هذا هو تصور الماجيدي للنشاط المالي ولكن تنفيذ هذه الاستراتيجية يتطلب أولا التخلص من الودغيري .
في نفس السياق فإن التحكم في والي بنك المغرب يسمح برفض الترخيص لفتح المصارف الأجنبية. وإذا اقتضت الضرورة التحالف مع شركاء أجانب، مثل صوناصيد Sonasid مع شركة آرسيلور ميتال Arcelor Metal
فالهدف هو الاستفادة من خبراتهم ودرايتهم. وباختصار، فالسلطة الملكية في الميدان الاقتصادي تسعى جاهدة لتكون مطلقة كما هي في الميدان السياسي والملك يجب أن يكون دائماً في وضع يسمح بتوسيع مساحة هيمنته ولا ينبغي أن يقتسم مع غيره تماما، كما هو الشأن من حيث الامتيازات والصلاحيات اللامحدودة التي يتمتع بها للقيام بمهمته بينما واجباته غامضة وغير دقيقة .
في الربع الأول من عام 2007 ، تجاوزت أرياح التجاري وفابنك 711 مليون درهم وهو رقم قياسي لن يشفع للودغيري. ففي مايو 2007 تمت إقالته من رئاسة البنك مما لم يشكل له أية مفاجأة لأنه كان موقنا أن أيامه معدودة في ذلك المنصب .
" نحن لم نعد نتفاهم، فلنفترق إذن" هكذا خاطبه الماجيدي. ولكن هذا القرار جاء مصحوبا ببادرة غير عادية: لقد مُنح الودغيرى مكافأة مالية قدرها 2.3 مليون أورو وتم تحويلها على ثلاث دفعات إلى ثلاثة مصارف فرنسية. الأرجح أن الغاية هو أن تبقى العملية غير علنية في المغرب .
من السهل أن ندرك السبب. ذلك أن العمل في حظيرة الملك يتضمن القبول باحتمال الإقالة في كل لحظة. ولكن لن يكون ذلك عبر الفصل من العمل مقابل تعويض كما هو متعارف عليه. أبدا، والهدف واضح: بالإضافة للعقوبة الاقتصادية، هناك إرادة خبيثة للإهانة، لكي يشعر المعني بالأمر بابتعاد أصدقاءه عنه وتشير الأصابع إلى أسرته بالريبة ويحس بفقدان السلطة والمكانة التي كانت لديه، وعندما تمر الأشهر يصبح نفسيا متقبلا للخضوع لكل الإهانات، وبعد أن يفرغ صبره في انتظار الشفقة يبدأ مشوارا مذلا حيث يتوسل لمن كانوا أصدقاءه أن يطلبوا من الملك العفو والرأفة به، فينتزع منهم بصعوبة وعودا غامضة، ثم تنغلق في وجهه أبواب القصر إلى الأبد، ويتحسر على حظوته الضائعة لدى الملك، وأخيرا لا يفارقه الندم والأسى.
المكافأة الممنوحة للودغيري لم يسبق لها مثيل وربما ترجع إلى سخاء الكاتب الخاص للملك محمد السادس. لكن الخبر وصل إلى سمع الملك فاستشاط غيظا ضد كاتبه لأنه تجرأ وانتهك بحماقة إحدى قواعد العمل .
لحد ذلك الوقت لا زالت المتاعب القضائية التي سيعيشها الودغيري فيما بعد لم تبدأ بعد ولكن المثير للانتباه أن الغرامة التي سوف تحكم عليه المحكمة بأدائها تساوي بالضبط مبلغ المكافأة .
الملك يحب المال الملك رجل لا يتعامل دائما بمروءة ولذلك فرغم ثروته الهائلة ونفقاته الضخمة، فهو لا يستسيغ أن يحصل رجل لم يعد ينال رضاه على أدنى مبلغ من المال. إنه لا يؤيد أن يأخذ الرجل أي مبلغ من المال ولو كان زهيدا. بالنسبة إليه هكذا تكون الحكامة الجيدة.
ومما زاد في الطين بلة أن الودغيري لم يكتف بالحصول على مكافأة دون موافقة مسبقة من الملك )مما اعتبره هذا الأخير كإهانة لشخصه(، بل إنه حصل بعد ستة أشهر في شهر مارس 2008 على منصب المديرالعام لواحد من أكبر البنوك في المملكة العربية السعودية، و كأن الملكية هناك تسخر من ملكية المغرب وتريد ضمنياً أن تستخف بسلطتها . بعد وقت قصير من توليه هذا المنصب الجديد وُ ضعت ضد الودغيرى شكاية قضائية يوم فاتح غشت 2008 تتهمه بالرشوة، ويأتي هذا الإجراء أربع سنوات بعد الوقائع المزعومة، وسنتين بعد مغادرته المغرب، وهي صادرة من رجل الأعمال عبد الكريم بوفتاس وهو ابن أخ الوزير السابق بوفتاس الذي يرأس نادي الكولف دار السلام المجاور لإحدى الإقامات الملكية .
هنا سوف تبدأ فصول قضية غريبةة، حيةث لةن يقوم أي طرف مةن أطراف النزاع بلعب الدور الذي يُراد له أن يلعبه. لقد تمت إحالة الشكاية إلةى النيابة العامة في نفس اليوم الذي وُ ضعت فيه وتم فتح ملف قضائي بالضبط يةوم 5 غشت. سرعة فائقةة بالنسةبة لشةكاية تفتقةر للأدلةة ومقدمةة بعةد انقضةاء أربةع سنوات عن الوقائع.
عندما تولي الودغيري رئاسة التجاري وفابنك، بلغ إلى علمه ملف قرض في مرحلة ما قبل النزاع القضائي مع رجل الأعمال بوفتاس الذي كان دائنا بمبلغ 175 مليون درهم ) 17.5 مليون أورو( ولا زال في ذمته. كان يمتلك بقعة أرض في مراكش مرهونة لضمان القرض فالتجأ البنك كالعادة لمسطرة بيعها في المزاد العلني لاستخلاص الدَّيْن. استطاع بوفتاس بعد مفاوضات مع البنك الحصول على تأجيل عملية البيع عبر المزاد التي كانت مبرمجة ليوم 16 مارس 2004 . وفي المقابل، تعهد بدفع مبلغ 45 مليون درهم ) 4.5 مليون أورو( فورا إلى البنك. الودغيري وافق إذن على منحه مهلة زمنية لتسديد المبلغ المتبقي، وإلا سيقوم البنك ببيع البقعة. مرت الأمور بصفة عادية، وفي اليوم السابق لتاريخ المزاد اجتمع المسؤول عن النزاعات بالبنك contentieux مع الموثق محمد الحجري الذي يكلفه بوفتاس بإجراءاته العقارية ووقعا اتفاقية يلتزم بموجبها الأستاذ الحجري بدفع 45 مليون درهم للبنك كما سبق التفاهم في مقابل تأجيل المزاد. نحن الآن في شهر مايو 2004 حيث النزاع يبدو في طريقه للتسوية. في عام 2005 اعتبر البنك أن الملف قد أغلق وانتهى الأمر .
في الشكاية المقدمة بعد ثلاث سنوات، في غشت 2008 ، يقول عبد الكريم بوفتاس أن الودغيري طلب وتلقى مبلغ 13 مليون درهم ) 1.3 مليون أورو( لتأجيل هذا المزاد. صاحب الشكاية يحظى بدعم محامي ذي نفوذ، محمد الناصري، محامي القصر والذي سوف يعين بعد سنتين وزيرا للعدل.
على الرغم من موقعه الجديد كوزير سوف يستمر من خلال مكتبه محاميا للمشتكي وسيستمر معاونوه في التدخل في الملف. هذا الخلط بين الأدوار يوضح كيف تستخف الإرادة الملكية باستقلال القضاء. على كل حال ستتحول هذه الدعوى النابعة أصلا من رغبة انتقام شخصي إلى مأساة .
بعد تقديم الشكاية اتصل عبد الكريم بوفتاس هاتفيا بموثقه وصديقه محمد الحجري الذي كان يقضي عطلة في مدينة ماربيا الإسبانية: "لا داعي لعودتك للمغرب بسرعة فالقضية يتابعها القصر الملكي عن قرب". في هذه الأثناء لا زال الموثق يجهل تفاصيل الدور المركزي الذي عُهد إليه به دون استشارته. في الواقع أكد بوفتاس أن الموثق هو الذي كان قد اقتطع مبلغ 13 مليون درهم وسلمها إلى الودغيري. وعندما عاد إلى المغرب، اكتشف الموثق أن مكتبه خضع في غيابه لمداهمة بوليسية، وهذه مسطرة غير قانونية، ففي دولة الحق والقانون كان المفروض أن ينتج عنها إلغاء الدعوى أصلا. لقد صادرت الشرطة كل ملفاته ولكن أمام القاضي الذي استمع إليه كشاهد، قام بدحض كل ادعاءات بوفتاس . وعندما سألته المحكمة في وقت لاحق، اعترف بوفتاس أنه لا يستطيع إثبات أو الإدلاء بأية حجة على مزاعمه، بل اعترف أنه من الصعب تقييم حجم الرشوة. كما أعلن شاهد آخر أن بوفتاس أسرَّ له أنه دُفع دفعا لتقديم شكايته وأنه ليس صاحب الإرادة في الحكاية كلها .
استراتيجية الخناق
في هذا الملف المحبوك بعناية لم يكن المطلوب من التحقيق أن يقوم بفحص دقيق للوقائع ولكن أن يثبت ويؤكد الإدانة. لقد قالها بوفتاس "القضية يتابعها القصر الملكي عن قرب"، وكان هذا الأخيرأي القصر يتوفر على أحد خدامه الأوفياء وهو القاضي جمال سرحان . كانت ولا تزال سمعة هذا القاضي معروفة في أنحاء المغرب، حيث يكلفه القصر بالملفات الأكثر حساسية، وحماسه المبالغ فيه يدفعه في كثير من الأحيان أن يتناسى دور القاضي وينحاز كليا إلى صف الاتهام. وهكذا، عندما طلب منه القاضي الفرنسي باتريك راماييل Patrick Ramaël الذي اشتغل على عناصر جديدة في ملف ابن بركة، السماح له بالاستماع للجنرال القوي حسني بنسليمان، أحد أعمدة النظام، أجاب القاضي بأنه لا يعرف عنوانه… القاضي سرحان يفكر حسب معادلات بسيطة: رجل = ملف = مُ دان .
في شهر نونبر 2008 خضع الموثق والودغيري لإجراءات البحث دون معرفة الأسباب بينما قام القاضي باستبعاد شهادة المسؤولين في البنك ومنهم الرئيس المدير العام الحالي، والتي كان بإمكانها إلقاء بعض الضوء حول طبيعة تلك الصفقات في المعاملات البنكية وقد تكون في صالح المتهمَيْن. أما الودغيري فلم يتم استدعاؤه أصلا. المعطيات تشيرإلى أن الهدف الوحيد لقاضي التحقيق هو إضفاء صبغة جدية على قضية ملفقة من ألفها إلى يائها .
في الوقت نفسه، يتم تطبيق استراتيجية الخناق ضد البنكي المقيم في العربية السعودية حيث تلقى رسائل مجهولة المصدر وانهالت رسائل السباب على البريد الإلكتروني للمساهمين في البنك الذي يديره .
أما والي بنك المغرب فقد اتصل بنظيره السعودي قائلا:
- ينبغي عليكم التوقف عن توظيف هذا الرجل فلدينا ملفات تدينه.
- حسنا، ابعثوا لي تلك الملفات إذن.
- لا، لا أردت فقط إخباركم شفويا. . .
خلال هذه الفترة، يقول الودغيري، ذهبت للعُ مرة من جدة إلى مكة المكرمة مع زوجتي وفي طريق العودة توقفنا في مطعم على جانب الطريق السيار.
هناك استوقفني مغني مغربي شهير فسلم علي بحرارة ثم أتى مصحوبا بعمِّ بوفتاس الذي اتهمني بالرشوة فبادرني بالقول: إنها قصة حزينة، لقد ألقوا القبض على ابن أخي ومارسوا عليه الضغط لإجباره على اتهامك 1.
في يونيو 2009 ، أرسل المحامي الفرنسي بيير هايك Pierre Haïk وهو محامي الودغيري رسالة إلى القاضي سرحان يطلب منه موعدا للقائه. بعد مدة عادت الرسالة إلى عنوانه فوجد أن الظرف قد تم فتحه وقد كتبت عليه هذه العبارة: مرفوض من طرف القاضي. ثم جاء دور الماجيدي للتدخل فاتصل بالسكرتير الخاص للملك السعودي ليخبره أن محمد السادس يرجو أن يتم طرد الودغيري فورا. هذه المحاولة الأولى لم تنفع فعاود الماجيدي الكرَّ ة بعد بضعة أسابيع وبأسلوب مفاجئ: "إن مَ لِكي سيتصل مباشرة بم لِكِ ك لأجل الحصول على ما يريد! "
أصبح الضغط قويا جدا على مشغلي الودغيري فغادر مهامه ثم غادر المملكة العربية السعودية في يوليوز 2009 عائدا إلى فرنسا ونصَّ ب محاميا، محمد التبر، أحد رفقاء بنبركة: "لقد اطلعتُ على الملف عند زميلي الذي يدافع عن الموثق فتبين لي أنه فارغ. لقد فعلوا ذلك عمدا، إنها قضية سياسية، والقضية السياسية لا تستدعي الترافع بل التفاوض ."
"لازلت أتذكر جيدا ، يقول الودغيري 2 ، الجلسة كانت مقررة ليوم الثلاثاء، وفي يوم الأحد الذي سبقها اتصل بي المحامي قائلا :
- هل أراك في باريس يوم الثلاثاء؟
- ولكن ألن تكون حاضرا في جلسة المحكمة ؟
- هناك جديد، والأمر خطير. قدم إلى باريس فقال لي:
1 Entretien avec l’un des auteurs, Paris, novembre 2011
2 Entretien avec l’un des auteurs, Paris, novembre 2011
- سوف يحكمون عليك بالسجن مدة طويلة بتهمة المساهمة في الرشوة، كشريك للموثق. فلا داعي لسفرك إلى المغرب.
- قلت بذهول: ماذا يمكن أن نفعل؟
ثم سرد لي أسطورة عن معركة غير متكافئة بين الذئب والحمل، كل هذا ليخبرني أنه لم يعد بإمكانه فعل أي شيء وأنه ينسحب. إن شبح القصر مخيف. لقد تلقى اتصالا هاتفيا من الماجيدي الذي حذره: "إذا كنت تدافع عن الودغيري فأنت ضد صاحب الجلالة 1 ."
أصدر القاضي قراره بالتأمل في ديسمبر 2009 ولكن وجب انتظار النطق بالحكم في شهر يوليوز 2011 ، لمعرفة قساوة العقوبات. الموثق حُ كم عليه بعشر سنوات سجنا، واعتقل على الفور والتهمة "التزوير في وثائق عمومية والنصب" أما الودغيري فقد حكم عليه غيابيا بخمسة عشر عاما سجنا. والاثنان حكم عليهما بغرامة 35 مليون درهم بالتضامن بينهما كتعويض لبوفتاس.
حقا كانت قضية غريبة حيث أن عبد الكريم بوفتاس وهو الطرف الذي وجه الاتهام بالرشوة واعترف بكونه راشيا للودغيري، لم تستمع إليه المحكمة إلا كشاهد، ثم كطرف مطالب بالحق المدني وينوب عنه محمد الناصري محامي الملك ووزير العدل آنذاك. لقد تم التخلي عن تهمة الرشوة لتتم إعادة تكييف التهمة لتصبح "التزوير في وثائق عمومية والنصب"، وهي جريمة يعاقب عليها بالسجن مدى الحياة. أما الموثق فإن حيثيات الحكم تعاملت معه كموظف والودغيري مساهم معه... تم بعد ذلك حجز ممتلكاته في المغرب وتشديد العقوبة في مرحلة الاستئناف شهر فبراير 2011 .
بينما كان يقبع الموثق البريء أيضا من التهم الموجهة إليه في سجن الدار البيضاء، أضيفت للودغيرى سنوات سجن أخرى ليصبح الحكم عشرين سنة. إن الهدف ببساطة هو أن تتحول حياته إلى جحيم وتضيق عليه الأرض بما رحُ بت. هكذا تكشف العدالة المغربية مرة أخرى عن وجهها القبيح فتتحول إلى آلة طحن لا أخلاق لها وذلك لإرضاء الإرادة الملكية .
يقول أحد المقربين من الملف معلقا: "عندما نقرأ قرار القاضي سرحان ندرك أنه ليس هناك أي دليل ولا أية شهادة ضد خالد الودغيري. كل حساباته البنكية وحسابات أسرته خضعت لمراقبة دقيقة بين عامي 2003 و 2008 حتى بعد رحيله من المغرب. الموثق نفى على الدوام دفع الرشوة للودغيري ولا يمكن إثبات أي صلة بين الرجلين. إنها قصة بئيسة تظهر قبل كل شيء أن السلطة في المغرب مرتكزة أولا وقبل كل شيء على مستويات من القرار ما يربط بعضها ببعض هوالخنوع والطاعة العمياء 1 .
المستوى الأول هو الملك طبعا ثم أولئك الرجال الذين يدَّ عون التحدث باسمه. يقال في كثير من الأحيان لقد مرت العدالة من هنا، لكنها في الحقيقة عدالة تستند إلى سلطة إقطاعية ومطلقة لملك يتبع تقاليد العصورالغابرة ."
لفضائحهم تتمة ...
نقلا عن "ينايري .كوم "
مواضيع ومقالات مشابهة