للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

التهمة.. شبيه الملك لـ علي أنوزلا


تناولت الصحافة المغربية خبرا طريفا بنهاية مأساوية لشاب مغربي اعتقل وحكم عليه بالسجن ثلاث سنوات نافذة، بتهمة "انتحال صفة شخصية سامية والنصب واستغلال النفوذ". الجانب المأساوي في هذه القصة، وحسب ما نشرته الصحافة، يكشف عن شاب تشبه قسمات وجهه ملامح الملك محمد السادس، كان يستغل هذا الشبه الموجود بينه وبين الملك للاحتيال على ضحاياه.

لكن الشاب الموجود بالسجن قال لصحيفة "أخبار اليوم المغربية"، إن الشبه الوحيد بينه وبين الملك هو شكل القبعة التقليدية التي عادة ما يضعها الملك في مناسبات تقليدية، والنظارات الشمسية، والسيارة الرياضية، ويتساءل مستغربا: " كيف يُعقل أن أَنصٌب باسم الملك وأطلب من المواطنين أن يسلموا لي المال؟ هل يمكن لملك البلاد أن يطلب المال من مواطنين عاديين؟"، أسئلة منطقية لا أعرف ما إذا كان القضاة قد وضعوها على أنفسهم قبل أن يصدروا حكمهم القاسي على ما بات يسمى في الصحافة المغربية بـ "شبيه الملك".

أما الجانب الطريف في القصة فيرويه الشاب نفسه، الذي يقول بأنه لا يعرف كيف تطورت الأمور بسرعة حتى وجد نفسه في السجن. وتعود قصة الشاب حسب روايته إلى شهر غشت (آب) الماضي، عندما كان على متن سيارته الرياضية الفخمة فلحق به عدد من المواطنين الذين اعتقدوا أنه ملك البلاد. وعندما وصل إلى حاجز لرجال الدرك حرصوا على إخلاء الطريق من جميع السيارات ليفسحوا له المجال لتمر سيارته، وما إن اقترب منهم حتى ألقوا التحية العسكرية. وعندما وصل إلى حاجز أمني آخر خفف السرعة وحاول التوقف لفهم ما يجري، ففوجئ بنفس التعامل الغريب من طرف رجال الدرك ومن مواطنين تجمهروا حوله وهl يصيحون "عاش الملك". مغامرة هذا الشاب ستنتهي بالاعتقال والإدانة بتهمة النصب والاحتيال باسم الملك.

الغريب في هذه القصة ليس انتحال الشاب لصفة الملك، وإنما تصرف الناس وتصرف رجال الدرك معه. فهل كان هذا الشاب سيفكر في انتحال صفة الملك، مع افتراض أن هذه التهمة ثابتة، لو لم يعامله الناس كملك؟ فأغلب هؤلاء الناس كانوا يسعون إلى لقائه ليس فقط لأنه ملك وإنما لأنه صاحب أكبر سلطة في المغرب بيدها الحل والعقد حتى لو تعلق الأمر بقضاء حاجات الناس الصغيرة مثل طلب منصب عمل أو مورد رزق أو فقط تحقيق زيارة عمرة!

ما تكشف عنه هذه القصة هي الفكرة المختزنة في الخيال الشعبي عن السلطات الواسعة للملك. فالمواطنون يسعون إلى التوجه مباشرة إلى الملك بدلا من التوجه إلى المؤسسات لقضاء حاجاتهم حتى الصغيرة منها، لأنهم يعتقدون أن الملك قادر على حل كل مشاكلهم. ففي الكثير من الاحتجاجات ذات الطابع الاجتماعي تعود المحتجون على إشهار صور الملك، وتوجيه شعاراتهم وطلباتهم واستعطافاتهم إلى الملك مباشرة متجاوزين جميع المؤسسات. الأمر لا يتعلق فقط بالسلطات الواسعة للملك التي يخولها له الدستور في إطار نظام ملكي سلطوي، وإنما بفقدان المواطن للثقة في مؤسسات الدولة وأحزابها وجمعياتها الأهلية.

وما يرسخ هذه الصورة، لدى عامة الناس، عن سلطات الملك الواسعة هي وسائل الإعلام الرسمية من خلال الحضور اليومي والقوي للملك كفاعل ديني وسياسي واجتماعي في البرامج والتقارير الاخبارية. كما أن الخطاب الإعلامي والسياسي لأجهزة الدولة الرسمية يساهم في إضفاء هالة من التقديس على الملك. يضاف إلى كل ذلك مجموعة من التصرفات والسلوكات الصادرة عن الدولة، والتي تكرس فكرة تقديس، حتى لا نقول عبادة، الشخص. فلا تكاد تخلو أية مدينة مغربية من معالم تحمل اسم الملك، من شوارع، ومساجد، ومدارس، ومعاهد، وجامعات، ومؤسسات اجتماعية، ومركبات رياضية، ومتاحف، بل هناك مدينة بكاملها تحمل اسم الملك! وأهم الأنشطة الفنية والرياضية والعلمية يسعى منظموها إلى أن يحظوا بالرعاية الملكية، وفي كل الإدارات العمومية والشركات الخاصة والأماكن العامة والفنادق والمقاهي والمطاعم توجد صور للملك.

إن من يصنع المستبد ليس ماله ولا جاهه ولا سلطته، وإنما الناس الذين يسعون إلى التقرب منه والتزلف إليه. فالمستبد يصنعه شعبه، وليس كل شعب قابل للاستعباد.

وقصة الشاب المغربي "شبيه الملك" ما كان لها أن تنتهي تلك النهاية المأساوية لو أن الناس لم يعاملوه كشبيه للملك. ففي البلدان الديمقراطية تتحول مثل هذه القصص إلى برامج ترفيهية وأفلام للتسلية يجني من ورائها أصحابها مداخيل مهمة من دون أن يٌتهموا بالنصب أو الاحتيال!

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes