للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

الملك محمد السادس يستشهد بحديث "نبوي مزور" في خطاب افتتاح الدورة البرلمانية


اختتم الملك محمد السادس خطابه يوم أمس مخاطبا البرلمانيين: "وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْئُولًا ". وهذا جزء من الآية 34 من سورة الإسراء، ولكن الآية 36 من نفس السورة تقول " وَلَا تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولَئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْئُولًا " فهل التزم بها الملك بنفسه عندما أورد في نفس الخطاب حديثا زعم أنه منسوب لرسول الله عليه الصلاة والسلام " اللهم كثِّر حُسادنا" بينما هو كلام فقط لا هو حديث نبوي ولا شريف حسب تصريحات أهل الاختصاص، علما أن الملك يحمل لقب أمير المومنين، وقيل مؤخرا أنه من ضمن قائمة أكثر 15 زعيم ديني إفريقي مؤثر.
فما رأي المجلس العلمي الأعلى وما رأي الرابطة المحمدية للعلماء التي يبتدئ ظهير تأسيسها بهذه الفقرات: 
" استلهاما من روح أصالتنا الإسلامية العريقة، وسيرا على سنن أسلافنا الميامين في إعلاء منارة العلم والمعرفة، واستنفار الهمم، وشحذ العزائم، وتعبئة القدرات وتجميع الطاقات. وقياما بالأمانة المنوطة بنا بوصفنا أميرا للمؤمنين، وما تستلزمه الإمامة العظمى من واجب حراسة الدين وإقامة شعائره وشرائعه، وتمنيع قيمه ومكارمه مما قد يلابسها من ذرائع الزيغ والانحراف أو شوائب التنطع والابتداع..." فهل تكون حراسة الدين هكذا ؟

قال الدكتور رشيد بوطربوش عضو مؤسس للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين وعضو رابطة علماء المغرب، في تعليقه على الحديث الذي أورده الملك في خطاب افتتاح الدورة الأولى من السنة التشريعية الرابعة من الولاية التشريعية التاسعة، "في الحقيقة هذا الحديث ما وقفت عليه أبدا لا في كتب الحديث الصحيحة التي درستها على مشايخي ولا في غيرها ولا أعرف له أصلا، لا عند الصحاح ولا عند الضعاف".

واستطرد الدكتور بطربوش قائلا هناك بعض "الأحاديث المشتهرة على الألسن"، وممكن أن يكون هذا الحديث من هذا النوع وهي في الغالب ضعيفة جدا أو لا أصل لها"، وأضاف "في جميع الأحوال الإشكال يكون بالاستشهاد بحديث ضعيف أو موضوع من أجل استنباط أو إثباث حكم شرعي"

و أضاف قائلا: "ربما من كتب هذا الخطاب رأى أن هذا الكلام رائج فاعتمده في الخطاب دون أن يعود إلى أهل الاختصاص، لأن العلماء الشرعيين لا وزن لهم ولا يستشارون في مثل هاته المناسبات".

من جهة أخرى قال أحد الباحثين في العلوم الشرعية أن الحديث الذي أورده الملك في خطابه "لم أجده في كتب الحديث". وأضاف "أستغرب أن يكون حديثاً لمعارضته للقرآن. فالله تعالى أمرنا بالاستعاذة من شر الحساد حين قال: ((ومن شر حاسد إذا حسد))، وفي الحديث في صحيح مسلم، عَنْ أَبِي سَعِيدٍ رضي الله عنه، أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام، أَتَى النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ اشْتَكَيْتَ؟ فَقَالَ: «نَعَمْ» قَالَ: «بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيْءٍ يُؤْذِيكَ، مِنْ شَرِّ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَيْنِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ بِاسْمِ اللهِ أَرْقِيكَ»".

وتساءل "كيف يأمرنا الله بالاستعاذة من شيء ويعتبره جبريل عليه السلام حامل الوحي، شراً يُرقى منه، ثم يدعو رسول الله للاستكثار منهم؟".

وتفيد كل المعطيات بعدم وجود هذا الحديث في المراجع والمصادر الدينية وباللغة الدينية “لا أصل له” نهائيا. في هذا الصدد، وخبر “اللهم كثر حسادنا” لم يرو لا في الصحاح مثل صيح البخاري وصحيح مسلم ولا في السنن مثل سنن ابن ماجة ولا في المسانيد مثل مسند الإمام أحمد ولا في الأجزاء ولا في الأطراف ولا في غيرها. و لم يروه حتى أولئك الذين جمعوا الأحاديث الموضوعة (الأحاديث المكذوبة) وصنفوها لتحذير الناس منها. و عموما كما يقول أهل الصنعة من المحدثين:هذا حديث لا أصل له.

ويذكر أن التحري عن درجة الحديث من أولويات كل متحدث خاصة إذا كان ذا ولاية على الناس أو كان إماما متبوعا أو عالما معروفا وتكون المسؤولية أكبر إذا كان المرء يحمل صفة أمير المؤمنين.

والمفارقة أن هذا الحديث المزعوم يتعارض ومعالجة القرآن للحسد، وجاء في سورة الفلق “قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ”.

و قد اعتاد العلماء واهل الدين الاستشهاد بالأحاديث المتواترة (الصحيحة) التي هي أعلى درجات الصحيح المسند هي التي روتها جماعة عن جماعة من بداية السند إلى منتهاه بحيث يستحيل تواطؤ رواتها على الكذب، وهي قليلة و معدودة للشروط التي شرطها علماء الحديث فيها. وفي الوقت ذاته، عندما يتم الاستشهاد بالحديث يذكر من رواه ومصدره.

ويبدو أن المكلف بالتحرير اللغوي للخطاب الملكي في نسخته الأخيرة الخاص بافتتاح الدورة الخريفية للبرلمان لم يعرضه على العارفين بخبايا الدين في الديوان الملكي لمراجعة الحديث الذي تم نسبه الى النبي قبل القائه من طرف الملك على نواب الامة.

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes