منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب يعلن انخراطه الجدي في أشغال المنتدى بمراكش
بيــــان بمناسبة تنظيم الدورة الثانية للمؤتمر العالمي لحقوق الإنسان
يحتضن المغرب أيام 27/28/29/30 نونبر 2014 المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في ظل ظرفية تتسم عموما باستمرار التأثير القوي للعولمة في تمظهراتها الاقتصادية والثقافية على وجه الخصوص بالشكل الذي يعمق توجها دوليا أحادي البعد في رؤيته وتصوراته لمستقبل ومصير المجتمع الدولي بما يعمق الاستفراد بالثروة على حساب التدمير الممنهج للموارد البيئية والطبيعية، والقيم الملازمة لها وفرضها كبديل عن قيم حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها عالميا من جهة وما رافق هذا التوجه من انتشار واسع لردود أفعال لا تقل تطرفا في إطار صراع بات يهدد قيم السلم والأمن الدوليين وانتشار حركات وتوجهات إقليمية تهدد قيم التسامح والحق في الاختلاف وخاصة فيما يتعلق بالتسامح الديني وجعل هذا الأخير مطية لزعزعة استقرار وأمن الشعوب وشرعنة انتهاك الحقوق الأساسية للإنسان وعلى رأسها الحق في الحياة وعودة كل المظاهر البائدة التي أطرت علاقات اجتماعية تجاوزها التاريخ. ولعل ما يحدث اليوم في بعض دول الشرق الأوسط وإفريقيا خير دليل على ذلك من انتهاك للحرية والكرامة الإنسانية من خلال الانتشار المريب للإعدامات خارج نطاق القانون والتجنيد القسري المكثف للأطفال القاصرين في الحروب والنزاعات الداخلية والدولية وظهور ملامح الرق والاستعباد خاصة في العلاقة مع وضعية المرأة.
إن السياق العام لانعقاد المنتدى الدولي لحقوق الإنسان لا يمكن استحضاره دون الوقوف عند طبيعة العلاقات الدولية خاصة بعد الحراك الشعبي لدول شمال إفريقيا والشرق الأوسط والمس بحق الشعوب في تقرير مصيرها عبر التدخلات العلنية منها والسرية بهدف التحكم في الصراعات الداخلية للدول عوض إقرار الاستقرار والأمن والمناخ الديمقراطي كمدخل لإحقاق حقوق الإنسان واحترامها. إن حضور السياسي وبالشكل المكثف في العلاقات الدولية بات يشكل دون أي مجال للشك إعاقة حقيقية أمام أية مقاربة تستمد روحها من القيم والمبادئ الكونية لحقوق الإنسان وعلى العكس من ذلك تحضر التوازنات الدولية كهدف أسمى على حساب مصالح الشعوب كان من بين أهم نتائجها استمرار الكيان الصهيوني في انتهاك حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره والدفع بالقضية الفلسطينية كقضية إنسانية باتجاه النفق المسدود بشكل يخدم مصالح الكيان الصهيوني.
إن منطق التوازنات الناظم للعلاقات الدولية و المفرغ من كل القيم الإنسانية والحقوقية على وجه الخصوص كان من بين أهم نتائجه تهميش واستغلال دول وقارات بأكملها بما أثر سلبا على حقوق الإنسان في شموليتها وكونيتها، ولعل من بين أهم ملامح هذه السياسات ارتفاع معدلات الهجرة واللجوء خاصة بالقارة الإفريقية، حيث استفحال الأمراض والأوبئة الفتاكة في غياب مساعي حقيقية للقضاء أو الحد منها، إضافة إلى المس بحقوق الشعوب الأصلية والدفع باتجاه تشويه ذاكرتها وتاريخها في أفق احتوائها واندثارها.
إن منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب وهو يستحضر هذه المحطة الدولية، يعتبر أن المسؤولية الملقاة على عاتق الدولة المغربية في تنظيم هذه التظاهرة، تتجاوز حدود المسؤولية التقنية إلى ما هو أعمق وأهم. لذلك فإن موقف منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب من المشاركة في المنتدى الدولي لحقوق الإنسان يأتي في إطار التعبير عن مواقفه الثابتة من مجموع القضايا التي لا يزال يعتبرها قضايا عالقة وعلى رأسها تجربة العدالة الانتقالية بالمغرب التي تم إفراغها من محتواها بتأمين الإفلات من العقاب للمسؤولين والعمل على إقبار الذاكرة والتاريخ وخاصة في العلاقة مع شمال المغرب / الريف الكبير الذي تم تغييبه بشكل كلي من التقرير النهائي لهيئة الإنصاف والمصالحة مما يعيق أية مصالحة حقيقية مع أهالي الريف الكبير وضمد جراحات الماضي بدء بالمسؤولية الثابتة للدولة المغربية في حرب الغازات السامة وتواطئها مع المستعمر الإسباني بتحالفاته الدولية لسنوات عقد العشرينات من القرن الماضي مرورا بالإبادة الجماعية لأهالي الريف أواخر الخمسينات وصولا إلى قمع ومحاصرة كل الانتفاضات المشروعة في وجه الاستبداد منذ 1984 وإلى حدود الاستعمال المفرط للقوة وبعقلية انتقامية لمشاركة الشمال وخاصة الريف الأوسط في الحراك الاجتماعي لحركة 20 فبراير والتي ذهب ضحيتها مائات المنتفضين ومن بينهم المعتقل السياسي والحقوقي محمد جلول الذي لا يزال رهن الاعتقال. هذا دون إغفال الوضعية الحقوقية بالمغرب التي لا تزال تراوح مرحلة الهشاشة خاصة فيما يتعلق بالحريات العامة ومجموع المضايقات التي يتعرض لها الطيف الحقوقي بالمغرب وعلى رأسه المضايقات التي تتعرض لها الجمعية المغربية لحقوق الإنسان. من جهة أخرى فإن منتدى حقوق الإنسان وهو يتخذ موقفه بالحضور في المنتدى الدولي لحقوق الإنسان يستحضر الوضع الاجتماعي المتردي للمسألة الاجتماعية التي تعاني من تصريف الأزمة الاقتصادية والمالية على حسابها كان من بين أهم نتائجها المساس بمصالح الطبقة الشغيلة والرفع من سن التقاعد بالشكل الذي يضمن أريحية العمل الحكومي على حساب مكتسبات الطبقة العاملة. واستحضارا لكل ما سبق فإن منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب يعلن للرأي العام الدولي والوطني ما يلي:
انخراطه الجدي في أشغال المنتدى الدولي لحقوق الإنسان بما يضمن تحقيق الأهداف والنتائج المنتظرة من المشاركة.
استعداده للتعاون والتفاعل الإيجابي مع كل القوى الحية الدولية منها والوطنية وخاصة الحقوقية منها من أجل تحقيق الهدف.
دعوته إلى تشكيل قطب حقوقي دولي على هامش المنتدى العالمي لحقوق الإنسان يضع على عاتقه الإسهام المشترك في معالجة القضايا الحقوقية المشتركة والضغط على المؤسسات الحقوقية الدولية من أجل التدخل الفعال والناجع لتحصين المكتسبات الدولية في مجال حقوق الإنسان وفرض احترامها.
إصراره ومطالبته الدولة المغربية إطلاق كافة المعتقلين السياسيين على خلفية الحراك الاجتماعي لحركة 20 فبراير و على رأسهم المعتقل السياسي والحقوقي محمد جلول.
دعوته إلى تكثيف الجهود من أجل نشر قيم التسامح والاختلاف لضمان عالم جدير بتعدد مكوناته .
دفع الدولة المغربية إلى احترام تعهداتها الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان الفردية والجماعية.
مطالبته الدولة المغربية بالكف عن التضييق على الحريات العامة ومضايقتها للمنظمات الحقوقية بما يعيق حق المجتمع المدني في المشاركة في بناء دولة الحق والقانون.
دعوته الدولة المغربية إلى استكمال تنفيذ توصيات هيئة الإنصاف والمصالحة وعلى رأسها إلغاء عقوبة الإعدام والمصادقة على نظام روما المتعلق بالمحكمة الجنائية الدولية.
دعوته الدولة المغربية لتعميق الاشتغال في مجال الذاكرة والتاريخ بما يضمن معالجتها معالجة موضوعية تفيد في ضمان الحق في معرفة الحقيقة كمدخل جوهري لأية مصالحة مع الدولة.
مراكش في 27 نونبر 2014
عن التنسيقية العامة : المنسق العام
إمضاء : عبد الوهاب تدموري
مواضيع ومقالات مشابهة