للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

المواطن هو السبب.. والمهرجان هو الحل لـ مايسة سلامة الناجي



قامت الدولة شهر يونيو 2014 بإخلاء كاريان سونطرال بالبيضاء بشكل تعسفي عبر جرجرة المواطنين على يد قوات الأمن، وأغلب هؤلاء السكان يمتهنون التسول أو باعة متجولون يعيلون أسرا بمداخيل زهيدة لا تكفي للخبز. ولكنهم كانوا متهمين... بالعزوف عن الشقق التي تمنحها لهم الدولة.

تلك الشقق لا تعني دورا سكنية إنما تعني بالمفرد شقة من فعل شقَّ، أي فتحة أو فلقة أو أخدود داخل حائط من شبر و"ربعة دالصباع" توجب الدولة على أسرة من 10 أشخاص أن تتكدس داخله على طريقة ملفات "وينرار"، أو تمنحهم بقعا أرضية لبناء منازل من طابقين ومن أين لهم البناء وهم لا يملكون ما يشترون به مسكن الدواء.. وفي نفس لحظة الإخلاء.. ولأن الدولة تهتم بالمواطنين فإنها كانت تخفف عنهم عبر مهرجان موازين الممول من المكتب الشريف للفوسفاط من تحت الدف إلى جمعية مغرب الثقافات، حيث كان "سترومواي" يغني مقابل الملايين: "جيتي فورميدابل.. تي إيتي فورمينابل"/ كنتُ رائعا وكنتَ حقيرا.

بعدها بأيام انتشرت صورة ياسمينة بادو واقفة بالمحكمة تحاسَب كرئيسة مقاطعة "أنفا" عن انهيار عمارات "بورڭون" التي حصدت أرواح المواطنين. وانتظرنا حكما عادلا من طرف القضاء.. إذا بالمحكمة تسجن عامل البناء! قالوا إن المواطن هو المسؤول... عن الفاجعة لأنه يبني أدوارا على منازل هشة بشكل غير قانوني ما يؤدي إلى سقوطها. وتحولت بادو إلى ضحية والسكان إلى متهمين عديمي المسؤولية. وأمام فاجعة سكان بورڭون المشردين واللاجئين بين منازل العائلة ومنازل الناس، فإن الدولة كانت تحاول تهدئتهم والتضامن مع أرواح أهليهم بمهرجان الموسيقى الروحية بفاس...

وحين أثير موضوع ترميم البنايات الآيلة للسقوط في الدار البيضاء، والتي عاد إليها المواطنون هذه الأيام دون ترميم ولا إصلاح بعد أن سرقت منها ممتلكاتهم وأموالهم ومجوهرات "تحويشة العمر" وضاعت أمتعتهم، عادوا دون إصلاح ولا ترميم ما ينذر بعودة سقوطها على رؤوسهم في أية لحظة، أصرت الدولة على مساندة الساكنة عبر تنظيم مهرجان بوزنيقة خيل وخير وتبوريدة، بميزانية 600 مليون.

مات مواطنون بالعشرات في فيضانات الجنوب نهاية شتاء 2014 وشرد الآلاف من طاطا إلى فڭيڭ، وطبعا هدد جينيرال الدرك الملكي حسني بنسليمان بمقاضاتهم لأنهم عبروا ممرا ممنوعا، واتهمت السلطات من ماتوا بأنهم "قلّبوا عليها" ومن تشردوا بأنهم لم يأبهوا بالنشرات الإنذارية! وكما العادة مر قرابة العام ولم تتوصل لجنة تقصي الحقائق بالبرلمان إلى أية نتيجة بسبب تناحر الاستقلال مع العدالة والتنمية! ولكن الدولة كانت في الموعد، بالمهرجان الدولي للسينما بمراكش، حيث واست عائلات الضحايا بتكريم السينما اليابانية.

اليوم نحن نعيش فاجعة جديدة، هي محرقة مات فيها 34 مواطنا على إثر صدام حافلة وشاحنة قيل إنها كانت تحمل خزانات مواد مشتعلة مهربة من الجنوب، وهي تجارة معروفة لدى الكل، رغم أن وزارة الداخلية نفت الأمر وحاول البعض التوريج لفكرة أن المواطن المغربي الفقير المسكين الذي سرقوا ماله ومآله هو سبب كل المآسي التي يعيشها هذا الشعب، لعدم احترامه وعدم التزامه وقلة وعية وسوء فهمه وما إليه من التهم التي تنضاف فوق رأسه على فقره وقلة حيلته. يحاولون إقناعه ببراءة الدولة ومسؤوليها الذين يزيدون غنى ويزيدون في الشعب تفقيرا وفي البلد إهمالا. لا طرقات لا مستشفيات لا تعليم لا إعلام لا دور سكنية لائقة، لا بنية تحتية لا وسائل نقل محترمة لا نظام لا التزام. بينما تجد أسماءهم في لوائح الفوربز مصنفين بين أثرياء إفريقيا والعالم، يحاولون إقناعه ببراءة الحكومة ووزرائها الذين لا يراقبون ولا يحاسبون ويتسترون على فضائح التماسيح ويصلحون الميزانية من جيوب المقطعين، يحاولون إقناعه ببراءة البرلمانيين والولاة والعمال الذين ينفخون بطونهم وقرافدهم بفلوس الشعب، بينما ضواحي المدن تعج بدور الصفيح والمغرب العميق يزيد عمقا وتهميشا.

كانت صدمة شعبية بمجرد مشاهدة صور الحادث وصور الأطفال الذين تفحمت أجسادهم الصغيرة.. وبالكاد قررت قنواتنا العمومية إلغاء سهرتي السبت والشيخات، ولم تلغها الإذاعات.. وقرر بنكيران في المجلس الوزاري أن يقسم للمرة الألف بأن يستقيل هو وحكومته إن ثبت تورطهم في الفاجعة مع أن رداءة الطريق في المناطق الجنوبية ـ والتي تسترت عليها القناة الثانية حين بثت خبر الحادث ـ وحدها كفيلة لأن يستقيلوا جميعا. ولكن الدولة طبعا آثرت أن تنسينا هول المحرقة وكل الفواجع.. بالإعلان عن بداية الترتيبات لمهرجان سلا الدولي للمسرح تحت شعار مسرح المغرب يجمعنا.

فعلا فعلا والله.... مسرح المغرب يجمعنا! شكرا على اختيار شعار المهرجان من صميم الواقع.

مايسة سلامة الناجي

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes