الحشد السعودي لـ علي أنوزلا
الحرب الطائفية في الشرق الأوسط بدأت، ولا يجب انتظار إعلانها رسميا. لا ينبغي أن تخدعكم العبارات الدبلوماسية التي ينمقها السياسيون لإخفاء دخان هذه الحرب المشتعلة منذ خمس سنوات في سوريا، والتي لم تخمد نيرانها في العراق منذ زهاء عقدين، والآن انتقل لهيبها إلى اليمن وتهدد شظاياها المتطايرة بإشعال أكبر حريق في المنطقة.
اليوم، هذه الحرب لم تعد فقط فقهية أو عقائدية كما كانت منذ نحو أربعة عشر سنة، وإنما تحولت إلى حرب حقيقية مدمرة لها ضحاياها بالآلاف على امتداد رقعة الخريطة الإسلامية من بيشاور في أقصى الشرق إلى عدن جنوبا وإلى الحرائق المشتعلة فوق كل التراب السوري شمالا.
أيضا، هذه الحرب لم تعد مستترة، وإنما أصبحت لها جبهاتها المشتعلة في العراق وسوريا واليمن، وبؤرها المتوترة في البحرين ولبنان وشرق السعودية.. ووجوه أبطالها باتت معروفة من زعماء الشيعة وقادة الحشد الشيعي في العراق، والنظام السوري وأتباعه وحلفائه في سوريا ولبنان وإيران، وقادة وأعضاء التحالفات التي تقودها السعودية.
ومعارك هذه الحرب أصبحت لها أسماء وعمليات ومناورات وأحلاف. حرب اليمن والحرب في سوريا والعراق، وعملية "عاصفة الحزم" و"عاصفة الأمل"، و"التحالف العربي" و"التحالف العسكري الإسلامي" و"رعد الشمال"..
خطورة هذه الحرب المعلنة باسم الدين، أو بالأحرى باسم طائفة من الدين على طائفة أخرى من نفس الدين، أنها مثل الانفجار النووي عندما يقع تمتد إشعاعاته القاتلة عبر الجغرافيا والزمن. أو ليست هي نفس الحرب التي انطلقت قبل أربعة عشر سنة في شبه الجزيرة العربية لتستمر عبر القرون وتمتد إشعاعاتها لتغطي كل الرقعة الإسلامية من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب؟
وطيلة عمر هذه الحرب الطويلة لم تفرز لا غالب ولا مغلوب، ولكنها خلفت بالمقابل آلاف الضحايا من الأبرياء والجهلاء ممن يساقون أو ينساقون وراء شعاراتها الخادعة.
إن خطورة هذه الحرب اليوم تتجسد في ثلاثة عوامل مهمة. العامل الأول هو أجواء الفوضى الكبيرة التي تعم المنطقة. والعامل الثاني يتمثل في الإمكانات الكبيرة التي يرصدها كل طرف لمقاتلة خصمه. والعامل الثالث وهو الرئيسي والمحدد في كل ما يقع وما سيقع، وهو نفسي. إنه انعكاس للحالة السعودية التي تمر بمرحلة عصيبة نتيجة تراجع مداخلها من البترول، والشعور بتخلي الغرب وعلى رأسه الولايات المتحدة الأمريكية عن دعمها ومساندتها للوقوف في وجد خصمها العقائدي إيران، وأخيرا بسبب ما تكبدته وما تتكبده يوميا من خسائر في معاركها المفتوحة على أكثر من جبهة.
علي أنوزلا
مواضيع ومقالات مشابهة