وضع سياسي مغربي بئيس
ناشر الموضوع اسفله Unknown | الثلاثاء، 21 مايو 2013 |
إن واقع الحال الذي يعيشه المغرب بعد التعديل الدستوري لسنة 2011 ، وتعيين حكومة من أربعة أحزاب مختلفة النشأة والمذهب والتنظيم ، ومرور مدة لابأس بها تمكننا من إبداء ملاحظات وحكم على تنفيذ الوعود والبرامج الانتخابية لأحزاب الحكومة ، واقع يجعلنا نقول بعد قرار " شباط " الأمين العام لحزب الاستقلال ، أو قرار المجلس الوطني للحزب ، أننا نعيش وضعا سياسيا بئيسا بامتياز ، حيث مازالت النخبة السياسية المغربية ( الأحزاب ) حبيسة ثقافة سياسية مغلقة ، ترتكز على أسلوب ودستور يكرس هيمنة السلطة الملكية في ظل انعدام فصل حقيقي للسلط كمبدأ أساسي لإرساء الديمقراطية .
وهذا ما نلحظه في التجاذب الحاصل بين رئيس الحكومة ( حزب العدالة والتنمية ) ومسانده الأول ( حزب الاستقلال ) في الاتلاف الحكومي ، حيث أوكل حزب الاستقلال تنفيذ قرار انسحابه من الحكومة إلى الملك بناء على فهم لمضمون الفصل 42 من الدستور: " الملك، رئيس الدولة، وممثلها الأسمى، ......... والحكم الأسمى بين مؤسساتها، يسهر على احترام الدستور، وحسن سير المؤسسات الدستورية، وعلى صيانة الاختيار الديمقراطي، ............... " ، بينما رئيس الحكومة وأعضاء حزبه يريدون اقتران هذا الانسحاب بالفصل 47 من الدستور الذي ينص على : " ... ولرئيس الحكومة أن يطلب من الملك إعفاء عضو أو أكثر، من أعضاء الحكومة، بناء على استقالتهم الفردية أو الجماعية " .
فما الهدف من إقحام المؤسسة الملكية في هذا التجاذب السياسي الظاهر أسلوبه والخفي أسبابه ؟
فبدل تنشيط الحياة السياسية المغربية بالاختلاف في البرامج وطرق تنفيذها ، واقتراح الحلول للمشاكل الاقتصادية والاجتماعية ... التي يعرفها المغاربة ، ومحاولة إقناع أفراد الشعب بنجاعة الحلول المقترحة ، والقدرة على إخراج البلاد من الأزمة ، وتفعيل مقتضيات الدستور بالشكل الإيجابي عند عدم الوصول لتفاهم لتدبير الأزمة كما نلاحظ اليوم عند اتخاذ قرار " الانسحاب " من الحكومة ، مما يجعل الهيئات السياسية الحزبية والفاعلين الاجتماعيين والأكاديميين يبدون رأيهم ووجهات نظرهم في القضايا المطروحة لإنعاش الحياة السياسية وإغنائها وتنشيطها .
نلاحظ محاولة تلجيم كل دينامية مجتمعية يمكن
لها أن تؤدي إلى مشاركة فعالة لجميع الفاعلين السياسيين وغيرهم ، لأن من شأن هذه
المشاركة أن تعبد الطريق لتقليص الفجوة بين النخب السياسية ( الأحزاب ) والمجتمع
وإعادة الثقة في مفهوم المشاركة السياسية ، بهدف إعطاء صلاحيات كاملة لهؤلاء
الفاعلين السياسيين ، ورفع الحجر الجاثم عليهم ، وبإغناء النقاش الفكري
والإيديولوجي بين مكونات الأحزاب المغربية ، لبلورة مشاريع مجتمعية متقدمة وجديدة
تتماشى مع الدينامية المتغيرة للمجتمع المغربي ، ومقاومة كل أشكال التوجيه السياسي
، ووضع حد للتدخل المباشر أو غير المباشر في المجال السياسي من أجل بلوغ وعي سياسي
جديد يدفع عجلة الفعل الديمقراطي إلى الأمام .
أما ما نلحظه الآن بعد الخطابات المتكررة والمملة لرئيس الحكومة بإقحام الملك في كل مناسبة سواء حكومية أو حزبية بسبب أو بدونه ، وأمين عام حزب الاستقلال الذي رهن قرار انسحاب حزبه من الحكومة بالملك عند اعتماده على الفصل 42 من الدستور ، واليوم الثلاثاء 21 ماي 2013 وبعد مضي 10 أكثر من أيام على اتخاذ قرار الانسحاب من الحكومة ، وبعد التدخل الملكي عبر الهاتف من فرنسا ، وانتظار عودته ، ماذا يقع ؟
-رئيس الحكومة يتخذ قرارا حزبيا بتلجيم أفواه مسؤولي وقياديي حزبه بإعلان عبر بلاغ أنه هو الناطق الرسمي باسم الحزب ، وأن كل رأي يصدر عن غيره فهو غير رسمي ولا يهم الحزب .
-حزب الاستقلال لم يستطع أن ينفذ ويفعل قراره ، بحيث مازال الوزراء الاستقلاليون يمارسون مهامهم داخل الحكومة ، ولم يستطع الحزب أو امينه سحبهم منها .
-إظهار أن الفاعل السياسي
الحقيقي هو الملك ، وأن كل تفسير إيجابي لمضامين الدستور توحي بأن للفاعل السياسي
الحزبي مكانة وفعل حقيقي في اتخاذ القرارات الكبرى أنه مجرد وهم .
إن هذا الأسلوب الماكر في تنفيذ مقتضيات الدستور وتنفيذ السياسات الحكومية بإرجاع كل القرارات إلى المؤسسة الملكية بدل العمل على تقوية وتعزيز مكانة الأحزاب السياسية كفاعل رئيسي داخل الساحة السياسية ، واعتبارها كائنات راشدة تتخذ قراراتها بحرية تامة وبشكل ديمقراطي بعيدا عن أي توجيه أو تدخل يؤدي إلى تمييع الحياة السياسية ونفور النخب والشعب المغربي من ممارستها بالشكل المطلوب ، سيعود بنا إلى الوراء وبالضبط إلى ما قبل 20 فبراير 2011 ، مما سيدخل البلد إلى متاهات غير محسوبة العواقب .
إن هذا الأسلوب الماكر في تنفيذ مقتضيات الدستور وتنفيذ السياسات الحكومية بإرجاع كل القرارات إلى المؤسسة الملكية بدل العمل على تقوية وتعزيز مكانة الأحزاب السياسية كفاعل رئيسي داخل الساحة السياسية ، واعتبارها كائنات راشدة تتخذ قراراتها بحرية تامة وبشكل ديمقراطي بعيدا عن أي توجيه أو تدخل يؤدي إلى تمييع الحياة السياسية ونفور النخب والشعب المغربي من ممارستها بالشكل المطلوب ، سيعود بنا إلى الوراء وبالضبط إلى ما قبل 20 فبراير 2011 ، مما سيدخل البلد إلى متاهات غير محسوبة العواقب .
إن الانتقال الديمقراطي لا
يمكن اختزاله في وجود وثيقة دستورية فقط ، بل لابد من اتخاذ إجراءات مصاحبة من فعل
ونقاش حول كل القضايا التي تدفع بإغناء هذه الوثيقة لمراجعتها ، والدفع بالمسار
الديمقراطي إلى الأمام والأحسن ، للخروج من هذا التيه والبؤس السياسي .
مصطفى حكي
مواضيع ومقالات مشابهة
منشور بقسم