سقوط الإخوان وضع شعبية التيار الإسلامى فى مأزق
شكل خروج الإخوان المسلمين من السلطة صدمة عديدة للعديد
من فئات الشعب المصرى، فأصبح هناك الكثير من المعارضين لهذا النظام، وقليلون من
المؤيدين له، وذلك بسبب ما قام به الإخوان به من أخطاء متعمدة مثل وعود لم تتحقق
ومحاولتهم بالتشبث بالحكم والسيطرة على المسرح السياسى، وهذا ما أثار القلق الكبير
حول شعبية التيار الإسلامى والدعوة الإسلامية فى مصر وباقى دول العالم بسبب
استغلال الإخوان المسلمين للعواطف الدينية، لكى يصلوا إلى الحكم، ويكون لهم كلمتهم
فى الحياة السياسية، فهل ستقل شعبية التيار الإسلامى بعد سقوط الإخوان؟ أم أنها
سوف تظل كما هي؟
يقول عادل القلا، رئيس حزب مصر العربى الاشتراكى، إنه من المفترض أن يتجه التيار الإسلامى إلى العمل الدعوى فقط وليس العمل السياسى، لأنه بذلك يفقد الكثير من مصداقية العمل الدعوى أمام الجميع، ولهذا السبب فقد قلت شعبية التيار الإسلامى حاليًا بسبب ما فعله الإخوان المسلمون فى الفترة السابقة، مثل خطابات الرئيس المعزول محمد مرسى والمواقف غير الحقيقية التى كان يتحدث عنها، فكان لابد له أن يتخلى عن منصبه عندما خرج إلى الشارع حوالى 33 مليون مواطن مصرى لخلعه، فالشارع المصرى عندما يغضب سوف يخسر التيار الإسلامى والدعوة الإسلامية الكثير، مثلما فعل الرسول صلى الله عليه وسلم، عندما هاجر من مكة إلى المدينة لكى يحافظ على الدعوة الإسلامية ويقوم بنشرها فى جميع أنحاء البلاد, فكان على محمد مرسى أن يتعلم من كل ذلك وأن كلمة الشعب المصرى هى الأعلى. وأضاف القلا أن ما فعله الإخوان المسلمون فى الفترة السابقة من موقفه العنيد فى الاستجابة لتسليم السلطة أدى إلى فقدان شعبية التيار الإسلامى، وخصوصًا الدعوة الإسلامية، فقد أصبحت الآن الدعوة الإسلامية فى موقف صعب للغاية ومتهمة أمام الشعب المصري.
كما أن من يوجد الآن فى رابعة العدوية يحاولون أن يخفون أغراضهم خلف كلمة الشرعية، إلا أن أغراضهم واضحة وهى التى تتلخص فى الحفاظ على السلطة وكرسى الرئاسة، وكل ما يفعلونه الآن يتسبب فى إراقة الدماء المصرية. ويقول الدكتور حاتم الأعصر، عضو الهيئة العليا لحزب الوفد، إنه سقطت بالفعل شعبية التيار الإسلامى بسقوط الإخوان المسلمين، وأصبحت غير موجودة بسبب ما فعلوا من محاولة إشعال فتنة طائفية بين الشعب المصرى، فقبل ما فعلوا، كان الشعب المصرى ينقسم بين محبى التيار الإسلامى وبين المنتمين إليه الذين يصل عددهم إلى 200 ألف فقط، بينما كان مؤيدو التيار الإسلامى ملايين المصريين، أما الآن فأصبح كل محبى التيار الإسلامى أعضاء أحزابهم فقط بسبب انكسار شعبيته، وأصبح معظم الشعب المصرى ضد التيار الإسلامى بكل طوائفه وأحزابه متخوفين منه إلى أبعد الحدود.
الى جانب أن الإخوان المسلمين قاموا باستغلال الدين الإسلامى والدعوة الإسلامية أسوأ استغلال عندما تحدثوا مع الناس فى بداية الأمر باسم الدين لكى ينفردوا بالسلطة، وذلك أدى إلى قلة مصداقية الدعوة الإسلامية أمام الجميع سواء داخل مصر أو خارجها. بدوره، قال الدكتور مختار غباشى، نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن فشل الإخوان المسلمين فى إدارة الحكم فى فترة الرئيس السابق محمد مرسى جعل شعبية التيار الإسلامى كله فى تناقص مستمر، إضافة إلى تراجع شعبية التيار الإسلامى والإخوان المسلمين، وأن فشل كوادرهم سياسيًا وإداريًا جعل الجميع يثور عليهم، وأدى ذلك إلى عدم الثقة مرة أخرى فى التيار الإسلامى السياسى كله.
واعتبر نائب رئيس المركز العربى للدراسات السياسية والاستراتيجية، أن أهم ملامح الفترة الحالية هو التوافق الوطنى بين كل الأطياف ذات الأيديولوجيات المختلفة ولا بد من توافق وعدم استقصاء تيار عن بقية التيارات الوطنية، ولا بد أن يبعد الجميع عن العنف الذى يتعاملون به الآن. ولا بد أن تشهد الفترة الحالية نوعًا من التوافق الوطنى بين كل التيارات السياسية، ولابد من وجود مجموعة من الحكماء السياسيين غير منتمين إلى أية تيارات أو أحزاب سياسية يحاولون أن يقربوا جميع وجهات النظر المتباعدة، حتى نستطيع أن نعيد الاستقرار مرة أخرى إلى الوطن المصرى، خصوصًا الآن أن الجيش أصبح فى اللعبة السياسية بحكم عزله الرئيس السابق محمد مرسى، فلابد من تكاتف الجميع لبدء بناء مصر.
ويقول عبد الغفار شكر، رئيس حزب التيار الشعبى الاشتراكى، إن شعبية الإخوان تراجعت بالفعل قبل وبعد 30 يونيه بسبب الأخطاء الرهيبة التى وقع فيها الإخوان منذ أن تولى الرئيس محمد مرسى الحكم، فالسياسات الخاطئة والقرارات غير الصائبة واللغط السياسى الذى أقحموا فيه الشارع المصرى والمشاكل التى أغرقوا الشعب المصرى فيها هى التى جعلت شعبية الإخوان تتراجع، ولم يكتفوا بما فعلوه فى كل هذه الفترة حتى بعد ما خرج الشعب المصرى بالملايين فى الشارع وعبروا عن غضبهم. ولكن مع ذلك فليس كل التيارات الإسلامية تتعامل بذلك المنطق، وخاصة التيارات الإسلامية الوسطية التى أدانت أعمال العنف والتى لم تورط نفسها وتلطخ يدها بدم المصريين، مثل حزب النور السلفى وحزب الأصالة وحزب البناء والتنمية، وكانت هناك قيادات واضحة لها دور فى تهدئة الشارع، وأنه ما زالت التيارات الإسلامية تستطيع عودة شعبيتها فى أى وقت، لأنها تجيد اللعب بالوازع الدينى الذى يتمتع به المواطن المصرى، لأن عقيدة المصريين التى تغلب عليها الطابع الدينى يمكن أن تعطى الثقة مرة أخرى للتيار الإسلامى،
هذا بالإضافة إلى أنه من أسباب ازدياد تراجع شعبية الإخوان أكثر، هو خطاب مرسى الأخير الذى استفز به مشاعر أكثر من 20 مليون مصرى واستهان بهم، مما أدى إلى ازدياد الغضب وكشفهم بأنهم متمسكون بالسلطة والكرسى وتشبثهم وتقديم مصلحتهم على حساب مصلحة الوطن. وبدوره، قال اللواء عادل عفيفى، رئيس حزب الأصالة السابق، إن شعبية الأحزاب الإسلامية لم تتراجع بسقوط دولة الإخوان، بدليل جموع أنصار مؤيدى الرئيس مرسى ووجودهم فى ميدان رابعة العدوية وميدان النهضة وفى كل محافظات مصر، وكل ما حدث من تشويه المعارضة لصورة الإخوان المسلمين هو تشويه للإسلام نفسه، وبالإضافة إلى أن حركة الاعتقالات المستمرة لقيادات الإخوان سوف تعمل على كسب تعاطف الكثير من الشعب المصرى الذى يمتلك عقيدة دينية ولا يسمح لقيادته ومشايخه بالإهانة مرة أخرى.
فقد تؤدى حركة اعتقال بعض السلفيين مثل حازم صلاح والجبهة السلفية إلى الانضمام إلى الإخوان وزيادة قوتهم مرة أخرى، فلا يمكن للشعب أن يغض الطرف على إهانة الكثير من المشايخ، وهناك الكثير من القوى الإسلامية التى تقف إلى جوار الشرعية وعودة الرئيس المنتخب، حتى يتم استفتاء شعبى، ثم ترضى جميع القوى بالنتيجة، هذه هى الديمقراطية.
مواضيع ومقالات مشابهة