حوار مع المناضل اليساري الراديكالي عبد العزيز المنبهي حول قضايا سياسية و تنظيمية لمنظمة "الى الامام"
أعيد نشر نص الحوار الذي اجراه الصحافي سليمان الريسوني بجريدة المساء مع المناضل اليساري عبد العزيز المنبهي الذي عان من المنفى لسنوات طويلة، و هو رئيس المؤتمر الـ 15 للاتحاد الوطني لطلبة المغرب، المؤتمر الذي جاء في سياق المد الثوري الوطني و الاقليمي و الدولي، كما صادف محاولة الانقلاب الثانية على الحسن الثاني في غشت 1972، فخرج المؤتمرالذي هيمن عليه الطلبة الجبهويون "فصائل اليسار الجديد" بمواقف قوية و نوعية طبعت مسار المنظمة الطلابية الى يومنا هذا، حيث اعتبره عزيز المنبهي ورفاقه على أنه تصحيح وتصليب لمسار المنظمة الطلابية "أوطم".
التقى الصحافي سليمان الريسوني بالمناضل اليساري الراديكالي عزيز المنبهي في مدينة "روزي" الفرنسية، ليقوم باجراء الحوارمعه حول العديد من القضايا التاريخية والانية بالمغرب، فاعترف له بأنه ما يزال مناضلا ماركسيا ثوريا، رغم العمر والقهر، ورغم الداء وشراسة الأعداء "الطبقيين".
حكى له المنبهي تفاصيل أشهر مؤتمرات الاتحاد الوطني لطلبة المغرب الذي انتخب رئيسا له، قبل أن يتم حظر المنظمة الطلابية بتاريخ 24 يناير 1973، واعتقال قياداتها بتهم صورية وثقيلة؛ وتوقف عند انتمائه إلى المنظمة الماركسية اللينينية "إلى الأمام" ثم عند تجربة الاختطاف والاعتقال؛ كما تطرق المنبهي إلى حكايته مع ادريس البصري الذي رفض، بعد الإفراج عنه، منحه جواز السفر حتى بعدما أثبتت كل التقارير الطبية ضرورة علاجه خارج المغرب، ليقرر مغادرة المغرب بجواز سفر شخص أوربي يشبهه.
توقف عبد العزيز طويلا عند سيرة أخته الشهيدة سعيدة المنبهي، ويكشف عن جوانب إنسانية في مسيرة هذه المرأة التي ماتت في سن الخامسة والعشرين بعد 34 يوما من الإضراب عن الطعام في السجن. و اليكم نص الحوار:
س: كيف أصبحت علاقة كريستين دور، زوجة أبراهام السرفاتي، بكم في منظمة "إلى الأمام"، في فرنسا، بعدما رفضتم انضمامها إلى منظمتكم؟
ج: أصبحت تسيء إلى سمعتنا لدى مجموعة من الرفاق الماركسيين من "إلى الأمام" في بلجيكا، حيث أخذت تنقل إليهم إشاعات كاذبة ومغرضة عن بعضنا، وهي الإشاعات التي كان لها تأثير سلبي على علاقتنا بهم إلى درجة أنه، خلال فترة معينة، انقطع الاتصال بيننا وبينهم، قبل أن يصبح الصراع على أشده سمة تطبع علاقتنا الثنائية، حتى إن أحد المناضلين توجه إلى الجزائر بعد أن تعرض في هذه المرحلة للطرد من قبل السلطات الفرنسية ولم يكن بإمكانه العودة إلى المغرب.
س: من هو هذا المناضل، وبأي مبرر تمّ طرده من فرنسا، وما دخل كريستين دور السرفاتي في إبعاده من فرنسا؟
ج: يتعلق الأمر بالمناضل سعيد السميحي. لكن كريستين لم يكن لها أي دخل في اعتقاله. ما أردت أن أقوله فقط هو أنه في عز خلافاتنا مع رفاقنا في بلجيكا، والتي لعبت فيها كريستين دُور السرفاتي دورا سلبيا، تم إبعاد الرفيق السميحي من فرنسا بطلب وضغط من المغرب على السلطات الفرنسية.
س: لماذا؟
ج: لقد كانت السلطات المغربية تعتبر أن السميحي يعمل لصالح الجزائر في ما يتعلق بقضية الصحراء، وقد قمنا بحملة تضامنية كبيرة للتنديد بهذا الطرد، مما اضطر السلطات الفرنسية إلى التراجع عن قرارها، والسماح لسعيد السميحي بالعودة إلى فرنسا.. لقد كانت كريستين تنقل إشاعات خاطئة وتبثها بين المناضلين، وكان ذلك يتسبب أحيانا في خصومات بين الرفاق، كما أنها كانت تأتي أحيانا وتخبرنا بأن أبراهام يوجه إلينا تعليمات من داخل السجن بفعل كذا وكذا، فكنا نجيبها بأننا لا نعمل بالتعليمات، فنحن تنظيم أفقي لا قيادة فيه.
س: هل تذكر مثالا على هذه الأوامر التي كانت تحملها إليكم كريستين على أساس أنها منقولة عن أبراهام السرفاتي من سجنه؟
ج: على سبيل المثال، فمنظمة "إلى الأمام" في فرنسا كانت تعرف خلافات داخلية حول قضية الصحراء، إذ كان بيننا من يدافع عن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره، كما كان بيننا من يقول بمغربية الصحراء، مثل حسن الحاج ناصر وريمون بن نعيم.. في ظل هذا الوضع، جاءت كريستين ذات مرة وأخبرتنا بأن أبراهام يطلب منا أن نذهب إلى الصحراء ونحمل السلاح ونصطف إلى جانب رفاقنا الصحراويين. وقد كانت تجلب هذه التعليمات مكتوبة على الورق وتقرؤها علينا كمن يقرأ تعليمات على الجيش.
س:هل كانت "تعليمات" صادرة بالفعل عن أبراهام أم إنها كانت من تخطيط كريستين؟
ج: من الصعب جدّا أن أقطع في هذا الأمر أو أجزم فيه. المهم أنها حين وجدت الباب موصدا أمامها في منظمة "إلى الأمام" تخلت عن فكرة التعليمات هاته.
س: في هذا الخضم، سينسحب من فرع "إلى الأمام" في فرنسا العديد من المناضلين الذي بقوا يخالفونكم موقفكم من قضية الصحراء؟
ج: نعم، فبعد ذلك انسحب عدد من المناضلين الذين كانوا ينادون بمغربية الصحراء، مثل ريمون بنّعيم وحسن الحاج ناصر، ثم انسحب بعد ذلك سعيد السميحي، لكن هذا الأخير لم يكن بيننا وبينه خلاف حول قضية الصحراء، وإنما قرر الانسحاب من المنظمة لاعتبارات شخصية.
س: عندما غادر أبراهام السرفاتي السجن في شتنبر 1991 وأبعد إلى فرنسا، أصبح يحضر اجتماعاتكم. كيف أصبحت الأمور تسير في حضوره؟
ج: أصبح أبراهام رئيس تحرير مجلة "إلى الأمام" وأخذ يساهم فيها بكتاباته، بعدما كنا في السابق قد سمينا مدير نشر ورئيس تحرير وهميا.
س: هل كان عبارة عن اسم غير موجود في الواقع؟
س: لا، كان الشخص موجودا فعلا، لكنه سمح لنا بوضع اسمه وعنوان بريده على "ترويسة" المجلة، دون أن تكون له أي علاقة فعلية بها. لكن، بعدما أفرج عن أبراهام ونفي إلى فرنسا، قمنا بإعادة هيكلة المجلة وتمت تسمية امرأة فرنسية مديرة لنشرها، ويتعلق الأمر، على ما أذكر، ببرلمانية أوربية، لكنها كانت مديرة بالاسم فقط، إذ لم تكن تحضر اجتماعات هيئة التحرير. وكنا قد قمنا بذلك كإجراء يمكننا من الاستمرار في إصدار المجلة دون عرقلة. وقد مضينا في العمل على ذلك النحو إلى حدود بدء التفكير في تأسيس النهج الديمقراطي، حيث زارنا في باريس كل من عبد الله الحرّيف وعبد المومن الشباري، ونقلا إلينا رغبة عدد من الرفاق داخل المغرب في تجميد عمل منظمة "إلى الأمام" في فرنسا وتوقيف إصدار لسان حالها، المجلة الصادرة باسمها. وفي حين عارضنا نحن هذا الأمر، قبل به أبراهام السرفاتي.
س: على أي أساس قبل أبراهام بتوقيف المجلة وتجميد نشاط منظمة "إلى الأمام"؟
ج: على أساس أن العمل الرئيسي يجب أن يتم داخل المغرب، وعلى أساس أنه يجب توحيد نضالات اليسار وعدم التشويش من قبلنا نحن في الخارج على نشاط رفاقنا في الداخل. بعد ذلك، تم إصدار جريدة "الأفق" ثم جريدة "النهج الديمقراطي" التي كان مدير نشرها هو عبد المومن الشباري. وفي النهاية، قرر أبراهام تجميد نشاط منظمة "إلى الأمام" وتوقيف المجلة الحاملة لاسمها. وقد عارضنا الأمر بشدة، حيث كان عدد من الرفاق يقولون إنه ليس من حق أبراهام توقيف المجلة وحلّ المنظمة هكذا، وأنه على المجلة أن تستمر في الصدور وتكون متنفسا للرفاق الذين لا يمكنهم التعبير عن كل قناعاتهم وأفكارهم داخل المغرب.
بتصرف / عن المساء عدد :2212 بتاريخ 06 نونبر 2013
مواضيع ومقالات مشابهة