نصائح إلى دولتنا العزيزة....لـ عبدالعزيز العبدي
يجب الاعتراف بإن الدولة ليست ملاكا ولا حملا بريئاً في نازلة ما أصبح يعرف بأزمة القبطان أديب والجنرال عبدالعزيز البناني.... فإذا كان لوم هذا المعارض الذي نبت بين صخرتي الأنا المتنطعة والقليل من المبادئ مستحق وظاهر، فإن على الدولة أيضاً مؤاخدات و تنبيهات عليها أن تأخذ بها، خاصة وأنه في أقل من نصف سنة، تواترت قضايا دبلوماسية هي في شكل أزمات، يسوقها الإعلام المغربي على أن الضحية فيها هو المغرب، لكن الحقيقة، في السياقات التاريخية الحالية والمعروفة، هي غير ذلك....
لا علاقة لدولة فرنسا بما يصيب المغرب على أرضها، فالشكايات المقدمة ضدها، أطرافها مغاربة، وهي تقدم إلى القضاء الذي يبقى مستقلا عن الدولة الفرنسية استقلالا تاماً...
الدولة في المغرب لم تستوعب أنها تعيش في زمن عولمة حقوق الإنسان، ومفهوم السيادة الوطنية الجديد، والذي لا يشمل الحقوق المتأصلة في الإنسان بالنسبة لمواطنيها، وتعيش أيضاً في زمن ما يسمى بالاختصاص القضاء الدولي، والذي يفيد أن مرتكبي جرائم التعذيب ضد المواطنين يمكن ملاحقتهم على أرض كل الدول التي يسمح قضاءها بذلك....
لذا فالخروج من هذه الورطة لن يكون بافتعال الأزمات الدبلوماسية التي لا تظهر سوى المستوى المحدود لذكاء هذه الدبلوماسية ومعها الدولة برمتها، ولكن بمباشرة حلول جذرية على طريق استئصال ظاهرة التعذيب هذه، وإعطاء إشارات واضحة للمنتظم الدولي للقطع معها، وتصفية تركتها وتفديم المسؤولين عنها، مهما علت مناصبهم، إلى المحاسبة... وأخيرا القطع مع إمكانية تكرارها...
ولأنه لا يمكنها مباشرة ما سلف لعوائق بنيوية، لا بأس من إسداء بعض النصائح الكفيلة بتجنيب هذه الدولة العزيزة مآزق الإحراج مع فرنسا وأمريكا وغيرها...
أولى النصائح، يجب استبدال التعذيب بالقتل، إذ أن وفاة المعذب لن يترك له فرصة التنقل إلى الخارج، واكتساب جنسية البلد الأوروبي ثم التربص بالمسؤول الذي عذبه أو أصدر أمرا بتعذيبه، ووضع الشكاية ضده تم استدعاءه من طرف القضاء الأوروبي والبحث معه وربما اعتقاله... قتل المعارضين أو حتى الأبرياء الذين قد يكونوا تعرضوا للتعذيب هو حل جذري لتفادي الأزمات الدبلوماسية مع فرنسا.....
النصيحة الثانية، بناء مستشفى رفيع المستوى، بإمكانيات ضخمة وعالية الجودة وبأطر بشرية لا نظير لكفاءتها في العالم برمته، وذلك لتمكين المسؤولين المتورطين في قضايا تكيفها فرنسا على أنها تعذيبا، من اللجوء إليها من أجل التطبيب... لا بأس أن نضع على بواباتها جنودا فرنسيين، أو مغاربة بقبعات فرنسية أو أمريكية، لنعطي للمرضى فيها ذلك الانطباع المستلب، كونهم يعالجون في الخارج....
بناء مركب يحوي نماذج شبه مصغرة لمراكز التسوق العالمي، لأن هؤلاء المتورطين في التعذيب، وبعد استشفاءهم في المصحات الطبية، يرغبون في التسوق والسياحة، فلا بد من بناء هذه المراكز وجعل فضاءها تابع للمناطق الحرة، حيث التداول بالأورو والدولار، كي يتمكنوا من ممارسة هوايتهم وإنفاق الأموال التي جلبوها رفقتهم من المغرب....
طبعا وكي لا نثير حنق المواطنين، ضحايا التعذيب الذي لن يتوقف بالطبع في المملكة السعيدة، ينصح بالسماح لهم بتقديم دعاوى في المحاكم ضد مرتادي هاته المستشفيات، على أن يقدموا ضمن عريضة الدعوى، صورا توثق لحظات تعذيبهم ثانية بثانية ودقيقة بدقيقة، وشهادة إدارية تفيد وجود المتهم بالتعذيب قيد الاستشفاء، وأخيرا نموذج مصغر عن أداة الجريمة: سوط صغير، زجاجة كوكا صغيرة، شيفون صغير وما إلى ذلك من أدوات الإيضاح والتوثيق....
يستحسن بعد هذا أن تسحب الدولة المغربية تصديقها على اتفاقية مناهضة التعذيب وبالتالي سحب تحفظاتها بشأن المادة 20 و21 منها...
هي نصائح مؤقتة، لأن المنتظم الدولي يسير نحو تحريك دباباته وطائراته من أجل حماية الفرد البشري المنتمي إليه في كل الدول، بما فيها مملكتنا السعيدة هذه، حينها لن أقول لكم سوى: أنه لي عقدها بيديه يفكها بسنيه.
المصدر: عبدالعزيز العبدي
مواضيع ومقالات مشابهة