المعتقلون الفلسطينيون يعلقون إضرابهم بعد استجابت الاحتلال الإسرائيلي للحوار

علق حوالي 120 أسيراً فلسطينياً أمس إضرابهم المفتوح عن الطعام الذي استمر 62 يوماً بعد اتفاق مع سلطات السجون في إسرائيل على الشروع في حوار حول الاعتقال الإداري الذي طالبوا بإنهائه، فيما اعتقل الجيش الإسرائيلي ليل الثلثاء الأربعاء 17 فلسطينياً في إطار الحملة التي يشنها للعثور على ثلاثة مستوطنين اختفت آثارهم قبل نحو أسبوعين.
وقال رئيس نادي الأسير أن الأسرى «خاضوا إضرابهم ببسالة»، وأنهم «نجحوا في تحريك ملف الاعتقال الإداري ووضعه على طاولة المفاوضات». وأضاف أن الأسرى يناضلون من اجل إلغاء سياسة الاعتقال الإداري منذ حوالى عشرين عاماً، وأنهم سيواصلون كفاحهم الرامي إلى تحقيق هذا الهدف، واصفاً الاعتقال الإداري بأنه «قديم وعنصري ومتخلف».
وبدأ الأسرى الفلسطينيون معركتهم الأخيرة ضد الاعتقال الإداري قبل ثلاث سنوات حينما خاض عدد منهم إضراباً مفتوحاً عن الطعام لأكثر من ثلاثة شهور، مطالبين بوقف هذا النوع من الاعتقال الذين يتيح للسلطات تمديد اعتقال الأسير من دون سقف زمني وإلى ما لا نهاية. وأوقف المعتقلون إضرابهم بعد موافقة السلطات على تمديد محدود لاعتقالهم.
وبحسب القانون الإسرائيلي الموروث من الانتداب البريطاني، يمكن اعتقال مشتبه به لستة أشهر من دون توجيه تهمة إليه بموجب اعتقال إداري قابل للتجديد لفترة غير محددة زمنياً من جانب السلطات العسكرية. وخاض أكثر من 88 معتقلاً إدارياً الإضراب المفتوح منذ أكثر من شهرين تحت شعار إنهاء الاعتقال الإداري، وساندهم في إضرابهم مئات الأسرى الذين خاضوا معهم إضراباً تضامنياً متقطعاً. وقال فارس إن الأسرى كانوا مستعدين للتوصل إلى حلول وسط، لكن السلطات رفضت مناقشة مطالبهم، وأصرت على بحث هذه المطالب بعد انتهاء الإضراب.
ونقل جميع الأسرى المضربين إلى المستشفيات الإسرائيلية جراء تدهور حالتهم الصحية. وقال فارس إن الاتفاق ينص على بقاء الأسرى في المستشفيات لحين شفائهم التام ثم سيجري نقلهم إلى السجون ووقف جميع الإجراءات العقابية بحقهم.
واتخذت السلطات الإسرائيلية سلسلة عقوبات بحق الأسرى المضربين، منها مصادرة جميع أغراضهم الشخصية خاصة أجهزة التلفاز والراديو ومنع وصول الصحف إليهم ومنع عائلاتهم من زيارتهم ومنع وصول أموال إليهم لشراء احتياجاتهم. ووافقت السلطات الإسرائيلية، في الاتفاق الذي توصلت إليه فجر أمس مع اللجنة القيادية للإضراب، على إعادة جميع أغراض الأسرى ووقف العقوبات بحقهم.
ولفت فارس الى «تقدم في طرح قضية الاعتقال الإداري، وبسالة وصمود لمجموعة من الأسرى، التي قاتلت المحتل وهي داخل السجون، فهم من فتحوا جبهة المواجهة داخل الأسر، وهذا قمة النضال الشعبي والسلمي».
وأوضح رئيس نادي الأسير أن التطورات الأخيرة التي شهدتها البلاد، وفي مقدمتها اختفاء ثلاثة مستوطنين في الضفة الغربية المحتلة في 12 الشهر الجاري، تركت أثراً على مسار الإضراب، مشيراً إلى أن إسرائيل ليس فقط لم تكن مستعدة لبحث إلغاء الاعتقال الإداري في هذه الظروف، وإنما اعتقلت أكثر من 500 فلسطيني جديد وحوّلت حوالى 150 منهم إلى الاعتقال الإداري.
وكانت جهات حقوقية فلسطينية وأوروبية تقدمت باقتراحات حل وسط بين الأسرى المضربين والسلطات الإسرائيلية، منها عدم تمديد اعتقال الأسير لأكثر من مرة واحدة، لكن السلطات رفضتها.
واتفقت قيادة الأسرى المضربين عن الطعام مع سلطات السجون الإسرائيلية على تعليق الإضراب مقابل وقف جميع الإجراءات العقابية التي اتخذتها الإدارة بحق الأسرى، وإعادتهم إلى السجون التي كانوا محتجزين فيها قبل بدء الإضراب، والشروع في بحث الاعتقال الإداري معهم.
وقال فارس: «لا نستطيع أن نتحدث عن نصر كبير للأسرى، لكنهم حققوا خطوة مهمة في كفاحهم من أجل إنهاء الاعتقال الإداري».
وقال وزير شؤون الأسرى والمحررين، شوقي العيسة في مؤتمر صحافي أمس إن الأسرى علقوا الإضراب بعد تحقيق بعض المطالب، موضحاً أن أحد المعتقلين الإداريين الأسير أيمن اطبيش المضرب عن الطعام منذ 108 أيام يواصل إضرابه.
وكان طبيش بدأ إضرابه قبل باقي الأسرى الإداريين بأكثر من شهر بسبب تمديد السلطات اعتقاله منذ سنوات من دون توقف.
وأكدت المتحدثة باسم إدارة السجون الإسرائيلية س1يفان وايزمان لوكالة «فرانس برس» أن «حركة الإضراب علقت ليل الثلثاء الأربعاء». وقالت إن «ترتيباً محدود النطاق تم التوصل إليه بين المعتقلين المضربين وإدارة السجون سمح بوضع حد للحركة».
لكنها أضافت إن «أياً من نقاط هذا الترتيب لا يتعلق باحتمال إلغاء أو تعليق الاعتقال الإداري، وسنواصل اللجوء إلى هذا الإجراء» رافضة كشف المزيد من التفاصيل.
ورحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو في بيان بجهود «وزير الأمن الداخلي (اسحق اهارونوفيتش) ومصلحة السجون لتصميمهم ومهنيتهم وحزمهم مما أدى إلى إنهاء إضراب المعتقلين عن الطعام».
ووصف (رويترز) اهارونوفيتش تعليق الإضراب بـ «تطور مهم في إطار إصرار دولة إسرائيل على حقها في حماية نفسها بكل الوسائل بما في ذلك الاحتجاز الإداري عند الحاجة». ويوجد ما لا يقل عن 5400 فلسطيني في السجون الإسرائيلية. ويرتفع الرقم يومياً مع احتجاز مشتبه بهم جدد إثر اختفاء المستوطنين الثلاثة.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم اعتقال 17 فلسطينياً خلال الليل ليرتفع بذلك عدد المحتجزين بسبب الحادث إلى أكثر من 500 فلسطيني. وكان من المقرر أن تصوّت الكنيست الإسرائيلية الأسبوع الحالي على مشروع قانون يدعمه رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو يسمح بتغذية السجناء الفلسطينيين المضربين عن الطعام قسراً. لكن تم تأجيل الاقتراع مع مواصلة مناقشة أعضاء الكنيست لابعاد القانون المثير للجدل.
وتصف نقابة الأطباء الإسرائيلية، التي تمثل معظم الاطباء في البلاد التغذية القسرية، بأنها عمل غير أخلاقي.
ويرى الاسرى الفلسطينيون، العالقون في السجون الاسرائيلية لمدة غير محددة، في الاضراب عن الطعام السبيل الوحيد للاحتجاج على نظام الاعتقال الاداري الذي تفرضه اسرائيل عليهم، ولو ادى ذلك الى وفاتهم.
من جهة أخرى واصلت اسرائيل عمليتها العسكرية في الضفة الغربية، واعتقلت اثنين من اعضاء المجلس التشريعي هما خالد طافش وانور زبون. وارتفع بذلك عدد اعضاء المجلس التشريعي المعتقلين الى 23 نائباً.
من جهة اخرى داهم الجيش الاسرائيلي قرية يطا في منطقة الخليل حيث تتركز عمليات البحث عن المستوطنين الثلاثة. واتهم بعض السكان عناصر الجيش الاسرائيلي بالاعتداء على عدد من الفلسطينيين اثناء تفتيش منازلهم، فيما سرق جنود آخرون اموالاً او قطعاً من الذهب من بيوتهم.
رام الله – محمد يونس(الحياة)
مواضيع ومقالات مشابهة



