للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

لماذا يجب اعتقال القاضي....لـ عبد العزيز العبدي



قضية المواطن وضابط الشرطة، والتي تدور أحداثها في مدينة كلميم، تعتبر منعرجا أو مفصلا في السجال الدائر في البلاد حول ممارسة التعذيب من عدمه، وذلك بين الدولة في أعلى تجلياتها، وهو الملك الذي صرح في حضرة المفوضة الاممية لحقوق الانسان نافي بيلاي بأن التعذيب غير موجود في المغرب أو أنه ليس ممنهجا، ثم السعار الذي أصاب الموظف العمومي المكلف بالحريات والعدل، وهو يتوعد كل من يتهم الدولة باختطافه أو تعذيبه، ونفذ وعيده ضد الناشط العشريني أسامة والجمعوية وفاء شرف واللذان أدينا بالسجن النافذ وبالغرامة جراء تصريحهما بتعرضهما للاختطاف والتعذيب على أيادي مجهولة.... وبين الفاعليين الحقوقيين الذين ما فتئوا يدقون ناقوس الخطر ضد ظاهرة تكاد لا تخلوا منها دائرة شرطة أو مقر قيادة أو جناح سجن....

في قضية كلميم هناك صك قضائي، بمثابة قرار صادر عن محكمة الاستئناف، يلغي حكما ابتدائيا بدعوى أن اعترافات الضنين انتزعت منه تحت التعذيب والاكراه ... وفي بحث عن خبايا هذا الملف، تصادف تصريحات المواطن وهو يسرد تفاصيل ما تعرض إليه حين كان ضيفا في مخفر الشرطة في اطار الحراسة النظرية، من ركل ورفس واطفاء اعقاب السجارة في جسده واثار الحذاء الرياضي على لحمه....في تفاصيل الملف، سنجد اسم الضابط الذي ورد في ملفات حقوقية عديدة، وكان في كل مرة يواجه الحقوقيون بالتسويف والمماطلة وفي مرات عديدة بالتهديد المبطن وعدم الاكتراث الذي اتخد شكل ترقية هذا الضابط.... هو ذاته الضابط المعني بملف الشهيد كمال العماري وآخرين...
لنفترض حسن النية لدى المسؤولين السياسيين، ملكا ووزراء وغيرهم، ولنجعل من الحكم القضائي هذا فرصة لاستدراك مدى الاستغفال الذي قد تمارسه بعض الاجهزة الامنية ضد مصلحة البلد برمتها، ولنعترف أن التعذيب لا زال ممنهجا في مخافر الشرطة، ويمارس بوعي له جذور سياسية متأصلة في ما نعيشه من تناقضات المشهد السياسي الوطني....
لم يكن انفتاح الدولة على الخطاب الحقوقي نابع من ارادة داخلية للرقي بحقوق الانسان في البلد، بل كان استجابة لضغوط خارجية ونضالات وطنية جعلت الدولة مضطرة للتأقلم مع هذا الخطاب دون أن تحضنه وتجعله في صلب مبادئها... كان الحديث عن الاعتقال السياسي وعن احترام حقوق الانسان وعن الكف عن التعذيب في وسائط الاتصال، لكن كان ايضا التوجيهات التي يأخذها حماة الامن من رؤسائهم: المخزن ما معاه لعب، خطاب حقوق الانسان سيولد نوعا من السيبة والانفلات، العصا هي خير ضابط لاعتراف المشبوهين، وغيرها من التوجيهات والتي تطفوا بصلافة على واقع الممارسة حين ممارسة اي شكل احتجاجي واعد، أو في مواجهة قضية شائكة، حينها مكيبقا لا حقوق الانسان ولا عبو الريح....
كان آخر تجلي هذه العقلية وهذا الخطاب، هي ما فاه به السيد الامين العام لحقوق الانسان، وهو يعتبر أن التصرفيقة ليست بخرقا لحقوق الانسان.... وبالقياس، تبقى الفلقة ليست بخرق لحقوق الانسان، ورسم آثار الحذاء الرياضي ليس بخرق لحقوق الانسان، وتقييد المتهم إلى كرسي لمدة ليلة كاملة ليس بخرق لحقوق الانسان....
على هذا الحكم القضائي أن يشكل فارقة تعيد فيه الدولة حساباتها وسياستها، وتحضن الخطاب الحقوقي الجدي، عبر تأهيل القائمين على أمن المواطنين، والقطع مع ازدواجية الخطاب، وكأنها تساير الخارج والفاعلين الحقوقيين بخطاب يرضيهم، بينما تصرف خطابها الاستبدادي وسط رجالها، مما يجعل هؤلاء يتورطون في ممارسات لن تجلب سوى صداع الرأس لهذه الدولة الغبية.،..
دون ذلك، وباش تكمال الباهية، وحتى تبقى الدولة منسجمة مع نفسها، يجب اعتقال القاضي الذي أصدر حكمه هذا، فهو لا يتهم الدولة بممارسة التعذيب فقط، بل يدينها عبر الغاء حكم ابتدائي مبني على ما مارسته من تعذيب وقمع....
ملاحظة أخيرة، إذ أنه رغم التنصيص على ممارسة التعذيب في قرار قضائي صادر عن محكمة الاستئناف، إلا أن الضابط المعني لا زال حرا طليقا، لم يوضع تحت تدابير الحراسة القضائية ولا تم اعتقاله.... فقط لنتذكر أن وفاء شرف واسامة اعتقلا قبل ادانتهما بالمنسوب إليهما... فقط لأنهما اتهما الدولة باختطافهما....

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes