فاطمة ناعوت عن "أضحية العيد": مذبحة تتكرر بسبب كابوس أحد الصالحين
اشتعلت مواقع التواصل الاجتماعي، ومقالات الكتاب والسياسيين ضد الكاتبة فاطمة ناعوت وذلك بعد انتقادها لشعيرة "نحر أضحية العيد"، حيث وصفته بأنه "أهول مذبحة يرتكبها الإنسان كل عام منذ 10 قرون".
كتبت "ناعوت"، في تدوينة لها عبر صفحتها الشخصية على موقع التواصل الاجتماعي "فيس بوك" تحت عنوان "كل مذبحة وأنتم بخير": "بعد برهة تُساق ملايين الكائنات البريئة لأهول مذبحة يرتكبها الإنسان منذ عشرة قرون ونصف ويكررها كل عام وهو يبتسم".
وأضافت: "مذبحة سنوية تتكرر بسبب كابوس باغت أحد الصالحين بشأن ولده الصالح، ورغم أن الكابوس مرّ بسلام على الرجل الصالح وولده وآله، إلا أن كائنات لا حول لها ولا قوة تدفع كل عام أرواحها وتُنحر أعناقها وتُهرق دماؤها دون جريرة ولا ذنب ثمنًا لهذا الكابوس القدسي، رغم أن اسمها وفصيلها في شجرة الكائنات لم يُحدد على نحو التخصيص في النص، فعبارة ذبح عظيم لا تعني بالضرورة خروفًا ولا نعجة ولا جديًا ولا عنزة".
وأردفت: "هي شهوة النحر والسلخ والشي ورائحة الضأن بشحمه ودهنه جعلت الإنسان يُلبس الشهيةَ ثوب القداسة وقدسية النص الذي لم يُقل"، مضيفة: "اهنأوا بذبائحكم أيها الجسورين الذين لا يزعجكم مرأى الدم، ولا تنتظروني على مقاصلكم، انعموا بشوائكم وثريدكم وسأكتفي أنا بصحن من سلاطة قيصر بقطع الخبز المقدد بزيت زيتون وأدس حفنة من المال لمن يود أن يُطعم أطفاله لحم الضأن الشهي، وكل مذبحة وأنتم طيبون وسكاكينكم مصقولة وحادة".
واستطردت ناعوت في ردها على هجوم المنتقدين لتدوينتها، بقولها: "توضيح أخير: أنا مسلمة لكنني لا أطيق إزهاق أي روح حتى ولو نملة صغيرة تسعى، وليحاسبني الله على ذلك فهو خالقي وهو بي أدرى".
مما دفع بالكاتبة فاطمة ناعوت، الى اصدار بيان في الموضوع حيث اوضحت انها لم تقل سوى أنها لا تقدر على ذبح مخلوق حي، وأنها لا تنكر فعل ذلك على أي مسلم، مثلما يرفض البعض الزواج الثاني على زوجته رغم أنه حلال.
وفيما يلي نص البيان:
هنا بيانٌ يوضح ما هو واضح! وأعلم أن الكلامَ على الكلام صعبٌ، مثلما صبّ الماء على الماء غير مُجدٍ، لكن ما حيلتُنا مع أناس يتصيدون ليداووا أمراضَ أرواحهم.
سأوجز توضيحي في نقاط محددة.
1. ضعيفُ الإيمان هو المشغول بتتبع إيمان الآخرين والتشكيك فيه، لكي يملأ صدوعَ روحه وشروخها بأحجار بنيان الآخرين المتين، أما قويّ الإيمان فهو دائمُ القلق على إيمانه؛ مشغولٌ طوال الوقت بتكريس علاقته بالله، فلا يجد فُسحة من عقله ولا وقته لتتبع إيمان الآخرين. ولأنه ذو “نفس لوّامة”، فهو يعلم أنه غيرُ أهلٍ لحساب الناس، فلا يزاحم الَله في محاسبة عباده معه، وقبل يوم الحساب.
2. أعتزُّ بأنني قرأتُ القرآنَ الكريم عشرات المرات قراءة متعمّقة، وأحفظُ أجزاءً ثلاثة منه منذ طفولتي، مثلما أعتزُّ بأنني قرأتُ التوراة والأناجيل الأربعة في وقت مبكّر من حياتي، ولم أكتف بدراسة الرسائل السماوية وحسب، بل قرأت كل الفلسفات الوضعية كالبوذية والزرادشتية والطاوية وغيرها من اجتهادات بشرية تصبو لمعرفة هذا الخالق العظيم الذي نعبده جميعًا ونتطلع إلى عليائه، وإن عبر مساراتٍ ودروبٍ مختلفة، إنما جميعها في الأخير يُفضي إلى إله واحد لهذا الكون، لا شريك له سبحانه، مثلما تُفضي أنفاقٌ كثيرة إلى نور واحد في نهاية تلك الأنفاق.
3. لديّ رفٌّ في مكتبة بيتي يحمل القرآن الكريم إلى جوار تمثال تخيّلي للسيدة العذراء عليها وعلى ابنها السلام، جوار تماثيل للزاهدين: بوذا وزرادشت ودلاي لاما وغيرهم، أسميه: رفَّ: “الباحثون عن الحقيقة”. فأنا أحترمُ من يجتهد للوصول إلى الله، حتى وإن عبر طريق مغاير لطريقي.
4. رغم أنني مسلمةٌ وأحفظ من القرآن، إلا أنني سمحت لنفسي أن أنتقي من “الفلسفات”، (ولا أقول “العقائد”)، الأخرى ما يناسب تركيبتي النفسية. لهذا حاكيتُ البوذيين والزرادشتيين في الامتناع نهائيًّا عن إزهاق أي روح، لأنني لم أخلقها لأُميتها، ولم أمنحها الروحَ لأسلبها منها. لهذا فإن تركيبتي الذهنية لا تستوعب فكرة إهدار الدم والقتل، حتى قتل الحيوان والطير المُباح والحلال شرعًا في شريعتنا الإسلامية، وفي جميع الشرائع السماوية الأخرى. امتناعي عن ممارسة الذبح “الحلال”، لا يعني إنني أستنكرها على غيري، أو أُنكر شريعتها الربوبية. إنما هو عدم مقدرة مني على اتباعها. تمامًا مثل تعدد الزواج المباح شرعًا في الإسلام، قد تجد رجلا يرفض أن يتزوج على امرأته رغم الرخصة الإسلامية بذلك. هذا الرجل ليس كافرًا لأنه لا يستخدم رخصته، بل هو لا يستسيغ فعلها، وإسلامه صحيح.
5. مثلي مثل سائر البشر لديّ ما يُحيرني من أمور وجودية وتاريخية ودينية، تأملتها كثيرًا وسألتُ فيها فقهاء ولم أصل ولم يصلوا معي إلى جواب شافٍ بشأنها. لهذا أرجأتُ هذه الأمور الغيبية ليوم الحساب علّني أسأل فيها ربّ العزةّ علام الغيوب. منها مثلا أن الله رفض قربان قابيل، ابن آدم، رغم إنها زرعٌ استغرق منه الوقت والجهد، في حين قبِل قربان شقيقه هابيل، وهي ذبيحة لم تكلفه سوى نحر عنق كائن أعجم. لا أنكرُ القصة لكن عقلي البشري البسيط لا يفهمها؛ مثلما لا أفهم العديد والعديد من الأمور شأن كل البشر. ومن يزعم أنه أدرك الحقيقة كاملة هو كاذب مدّع جهول.
6. نأتي للأفاضل الذين شككوا في إيماني فكفّروني وألحدوني ونصّروني وشيّعوني وبهأأوني (من بهائية)، ورموني بصفات منحطة ونعوت أخلاقية لا تليق إلا بهم وبانحدارهم. أشكر الله أن جلّ من سنّوا سكاكينهم المسمومة فوق اسمي من أنصاف الأُميين الذين يخطئون في الإملاء، فضلا عن النحو والصرف. ودلالة ذلك أنهم لم “يقربوا” القرآن الكريم، ولا أقول: لم يقرأوه، بل لم يقربوه أصلا. لأن من قرأ القليل من القرآن ومَن يحفظ ولو سورة متوسطة الطول منه، لا يلحن في اللغة ولا يخطئ في الإملاء والنحو والصرف على هذا النحو المذري، فضلا عن ركاكة الصوغ الهزلية التي يتمتعون بها، فضلا عن المعاجم البذيئة التي لا يعرفون سواها. ماذا تقول عن رجل يدافع عن (القرآن) وهو يكتبه هكذا: “قران- قرأن”! ماذا تقول عمّن نصّب نفسه محاميًا عن الله، حاشاه، وهو يكتب لفظ الجلالة هكذا: “اللة”! ثم يقول لي: “لا تستحقين اسم (فاطمه)”” لاحظوا كيف كتبها بالهاء لا بالتاء المربوطة!
7. أحد من رموني بالكفر على تويتر يضع اسم: (الإبادة للإخوان). ولما سألتُه: “هل يسمح له إسلامه بالمطالبة بإبادة ملايين البشر، مهما اختلفنا معهم سياسيا وفكريًّا؟! قال: “دول أعداء الوطن ولا زم يُبادوا.” هذه هي العقلية التي تهاجمني وترميني بالكفر!! لم يطالب، مثلنا، بإقصائهم سياسيًّا، أو بمحاكمة المخطئين منهم، بل بإبادتهم! تلك هي العقلية التي تُبيد من يختلف معها في الرأي! هم الدواعش الذين يختبئون داخل كل عربي.
8. رماني الجهلاء بأنني أهاجم، بل وأهين، أبا الأنبياء خليل الله سيدنا إبراهيم عليه السلام! وما دليلهم؟ دليلهم أنني قلت إنه: “رجلٌ صالح”! مَن الذي يُهين مَن؟ إنهم ينزعون عنه صلاحَه، ثم يطمئنون إلى إيمانهم برسالته!
9. رماني الكذابون بأنني أُنكر شريعة نحر الأضحية في عيد الأضحى! وما حدث هو أنني قلت: “لا تنتظروني معكم على مقاصلكم”. فهل حين لا أقدر على الذبح ولا أطيق مرأى الدم، أخرج من الملّة وأُكفَّر؟! إنما هو فقر إيمانهم يجعلهم ينتقصون من إيمان سواهم.
10. استنكروا مفردة “مذبحة”! فماذا نسميها؟ أليس الفعل هو: “ذبح يذبح ذبيحةَ”؟! وإذن الناتجُ هو “مذبحة”؟! أم أسميها: عصفور؟ أم كرسي؟ أم منضدة؟ هي “مذبحةٌ” للخراف بحكم التقييم اللغوي، وليس بحكم التقييم الشرعيّ. محض توصيف لغوي.
11. أما مفردات من قبيل: “عاهرة- فاجرة- مومس- عاقر (رغم أنني أمٌّ لشابين جميلين)، فلا تعليق لديّ بشأنها سوى أنها صحائفهم يكتبون فيها ما يشاءون. فكل إنسان يُغذي معجمَه من البيئة المحيطة به، ولنا أن نتستنج شكل البيئةَ التي أفرزت لنا هذه المفردات.
12. جلّ المهاجمين من اللجان الإلكترونية الإخوانية الذين لم ينسوا لي أنني كنت أحد الدعائم الأساسية في إسقاط الإخوان وطفلهم المدلل “عمّ مرسي”، لهذا يكيدون لي ويشوّهون اسمي ويكفرّونني لأن سجالي مع فصيل الإخوان لم يبدأ في الحقيقة مع صعودهم للنظام في مصر، بل منذ 2005 حينما احتلوا 88 مقعدًا بالبرلمان، وهو ما رأيته رقما مبالغًا فيه بالنسبة لعددهم على الأقل، فبدأتُ من يومها سجالي الفكري والسياسي معهم.
13. هذا البيان ليس موجهًا لأولئك الدواعش الصغار الذين يملأون فضاء فيس بوك وتويتر بثغائهم وعويلهم وبذاءاتهم وروثهم، فليس سوى الله قادرٌ على إفهام الصخر بديهيات واضحة، إنما هذا البيان موجّهٌ لقرائي الذين ارتبكوا إثر ما حدث وملأتهم الحيرةُ بشأني. ولا أنسى أن أقدم خالص احترامي وتقديري وفخري بقرائي الذين لم يشكّوا لحظة في وعيي وثقافتي وإيماني، لأنهم ببساطة يتقنون فنَّ القراءة الأدبية، ويعرفون معني كلماتي على نحوها الصحيح، تلك التي أثارت الدواعش التعساء.
14. أود أن أطمئن قرّائي وأحبتي إلى أنني مطمئنةٌ لإيماني بالله وأعرف أنه أدرى بي من نفسي، فلا أخشى شيئًا لأنه عالمٌ بصدقي مع الناس وحبي له ولخلقه وإيماني بأنبيائه ورسله وكتبه.
تحية للجميع ومحبة
فاطمة ناعوت
مواضيع ومقالات مشابهة