للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

الذكرى التاسعة و الخمسون لـ"إحتـقلال" المغرب


تحل اليوم الذكرى التاسعة و الخمسون لاستقلال المغرب ، هذا الاستقلال الذي قسم المغاربة الى معسكرين واحد يؤمن بالديبلوماسية و التفاوض مع فرنسا البلد المستعمر، فيما المعسكر الثاني كان يؤمن بحمل السلاح حتى جلاء آخر جندي. هذا الفريق ظل منبوذا و محاربا و الى يومنا هذا لم يحمل لهم الاستقلال أمجادا ولا عرفانا داخل المملكة. بطل الريف وأسد المجاهدين و"أمير" الجاهدين، أفنى حياته في حمل السلاح ومواجهة الاحتلالين الفرنسي والإسباني معبئا جيشا غير مسبوق تاريخيا، مؤلفا من قبائل الريف المغربي، لكنه مات مُبعدا شبه منفي في العاصمة المصرية القاهرة، حيث يرقد جثمانه إلى اليوم. و قد شكلت مباحثات إيكس ليبان محطة بالغة الأهمية في تاريخ كفاح الشعب المغربي لاسترجاع حريته واستقلال بلاده. التي كان من نتائجها المنشودة والتي كانت تطالب بها الأحزاب المفاوضة عودة السلطان محمد بن يوسف إلى عرشه التي قورنت بمثابة لديهم بالاستقلال. إذن ما موقف الأمير محمد بن عبد الكريم الخطابي من هذه المباحثات؟

ظل الخطابي يتابع من القاهرة بكل اهتمام مباحثات ليبان، وما أن أخذت تلوح في الأفق نتائجها وملابساتها السياسية حتى حدد الخطابي موقفه منها في بلاغات صحفية واستجوابات إذاعية تناقلتها كبريات الصحف العربية والدولية. فبخصوص مائدة إيكس ليبان قال محمد بن عبد الكريم الخطابي”… إن الشعب الفرنسي ليس في نيته أن يحارب مرة أخرى ليخلق هندا صينية جديدة في شمال إفريقيا، واقتدت جماعة الرباط بجماعة تونس المستسلمة فأبرمت اتفاق ليبان إلى حيز العمل والتنفيذ. وأخذت تدلس وتغري عرب المغرب بالكلام المعسول وهي سائرة في نفس طريق اتفاق تونس، وستطالب المناضلين بإلقاء السلاح بعدما طلبت منهم الهدوء بحجة أن المفاوضة لا تكون إلا في هدوء والهدوء لا يكون إلا بإلقاء السلاح وتسليمه لهذه الجماعة (الرباطية) الجالسة على عرشها، حين ذاك يتفرغ الأعداء للقضاء على الجزائر، فحذار من السقوط في الفخ المنصوب، وإننا على يقين من أن الشعب المغربي سوف يستمر في الكفاح والنضال إلى أن يخرج من المغرب العربي كله آخر جندي فرنسي يحمل السلاح من جماعة المستعمرين .

ولهذا اعتبر محمد بن عبد الكريم الخطابي أن مباحثات إيكس ليبان المشؤومة قد أجهضت الثورة التحريرية وهي في طور المخاض، التي حطمت أعماله ومشروعه أو كما قال بالحرف الواحد " لقد كانت كبوسا ثقيلا حملنا النكسات والنكبات. ولهذا ظل الخطابي ناقما على أولئك الذين أجهضوا هذه الثورة، في وقت كان الفرنسيون في أشد حاجة للراحة ونفض اليد من واجهة مغربية للتفرغ للجزائر. فيقول محمد بن عبد الكريم " فلو صمدوا وتركوا الثورة قائمة لجلى الفرنسيون عن إفريقيا كافة ولما تمكنوا من هذه الفرصة التي سوعدوا فيها من طرف خفي بإطلاق أيدهم على الأخوان في الجزائر.

إذن هذا هو موقف محمد بن عبد الكريم الخطابي من مائدة أيكس ليبان الذي اعتبر دخول فرنسا في المفوضات خيانة وطنية ومناورة من مناورات الاستعمار التي منحت للمغرب استقلال أعرج على حد قوله، كما أن الأمير لم يخف غضبه على كل من ساهم في بلورة صيغته، واعتبرها خيانة للقضية الوطنية. فلفهم موقف الأمير عبد الكريم الخطابي من المفاوضات ينبغي وضعه في إطار رفض مبدأ التفاوض أصلا مع الاستعمار قبل الاستقلال التام للأقطار المغاربية، فهذا مت نص عليه أحد بنود ميثاق لجنة تحرير المغرب العربي" لا مفاوضة مع المستعمر في الجزئيات ضمن النظام الحاضر" والبند "H" "لا مفاوضة إلا بعد إعلان الاستقلال". ولهذا استنكر الخطابي ما يحاك ضد المغرب في إيكس ليبان .

ويواصل الخطابي نضاله ضد الوجود الفرنسي والاسباني في مغرب الاستقلال من خلال ما يقوم به من نشاط سياسي وإعلامي، وبما يصدره من بيانات وتصريحات صحفية يعبر فيها عن مواقفه، مطالبا الشعب المغربي والتونسي بمواصلة الجهاد ضد الجيوش الفرنسية الاحتلالية المتواجدة في البلدين، ومحذرا من السياسة الاسبانية التي تتظاهر بتعاطفها مع الشعوب العربية وهي لا تسعى في واقع الأمر سوى الحفاظ على مصالحها، كما كان يطالب الشعب المغربي بمواصلة الجهاد لأنه لا سلام مع الغاصبين. كما واصل الخطابي نضاله بمخاطبة قادة الحركة الوطنية المغربية وشخصيات سياسية ووزراء في الحكومة المغربية، خاصة في الرسالة التي بعث بها بتاريخ 30 مارس 1956، أي بعد توقيع اتفاقيات الاستقلال بأسابيع قليلة إلى الكولونيل امبارك البكاي التي جاء في متنها "… كان عليكم أن تثوروا على الخونة وتنظموا إلى المجاهدين المغاربة والجزائريين والتونسيين كما يقتضي بذلك الشرف العسكري والكرامة وحرمة الرجولة السليمة من الشذوذ (…) مضيفا إن "المغرب أغرقه الخونة في الاحتلال وكأن الزمن لم يبتعد عن مؤامرة الجزيرة الخضراء سنة 1906".
لذا دعى الحكومة المغربية الى انذار القوات الأجنبية بضروة الجلاء عن اراضي المغرب أو "ترك الشعب بحريته ليجبر هو هذه القوات على الجلاء عن الوطن" . ونصح بعزل الفرنسيين من المناصب الحساسة التي ستمروا فيها حتى بعد اعلان - الاستقلال - ودعى الحكومات المغربية التي تشلكت بعد ايكس ليبان في غير ما مرة الى" ارسال البعثات الى الأقطار المختلفة للتمرن والتدريب على مختلف أعمال الدولة الحديثة من العلوم والفنون" مما يظهر اهتمام محمد بن عبد الكريم الخطابي ببناء مغرب قوي وحديث ومواكب للروح العصر.

لقد فهم الرجل أن الأستقلال لا يقف عند خروج الجنود الأجانب من الأراضي المغربية بل يجاوز هذا ليشمل بناء دولة وفق أسس سياسية وعلمية حديثة، فالاستقلال كما تصوره عبد الكريم الخطابي ليس مجرد حادث أو اتفاقية رغم معارضته منذ البدء لما منح للمغرب في اكس ليبان .. فسيادة الوطن وبناءه تأتي عبر صيرورة من التغييرات والاصلاحات السياسية والتوراث العلمية والفكرية والفنية توافق عليها الحاكم والشعب، نابعة من عمق المشاركة الشعبية ومبنية بسواعد الوطن وليس مجرد استقلال تبعي يفرض من خلاله على المغرب أجندات من الخارج.
ضدا غلى رغبة من دافعوا على حرية المغرب وفوق دماء من استشهدوا من أجل كرامة شعب المغرب، تخدم مصالح الدول المستعمرة وأذنابها في الداخل اكثر ما تخدم الوطن والمواطنيين..

لذا ظل طوال حياته ومن منفاه يشجب الالتفاف على مطالب المقاوميين ،ويصدر البيان تلو الآخرمنددا، ومبرزا تصوراته لمغرب الغد،كان على يقين تام أن ايكس ليبان تشكل باب استعمار من نوع آخر للمغرب.. وخدعة من الامبريالية الفرنسية آمن بها بعض رجال الحركة الوطنية رغم رفض جيش التحرير ورموز المقاومة المسلحة للمشاركة في حواراتها ، ولم يتقبلوا نتائجها.

وهو الأمر الذي لم يعيه البعض الى بعد مرور سنوات كثيرة على عقد المحادثاث.الأمر الذي دفع أحد أبرز المشاركين فيها وهو المهدي بن بركة الى الاعتراف علانية وفي نقد ذات تحت عنوان "الاختيار الثوري" بأن الذهاب الى ايكس ليبان من الأخطاء القاتله التي ارتكبها رجالات الحركة الوطنية ودعى بدوره الى استكمال استقلال المغرب داعيا الى عدم القبول مرة أخرى بأنصاف الحلول في اشارة واضحة للمعاهدة..

عبد الإله أفلاح

ننشر لكم إحدى رسائل محمد عبد الكريم الخطابي التي كان يصدرها لفضح المتخاذلين ويدعو الشعب لمتابعة النضال التحرري، وهذا نص النداء:

أيها الإخوان
إن الظروف قد حتمت علينا أن نوجه إليكم هذا النداء حتى لا يفوت الأوان. هناك جماعة متضامنة من المستغلين تتربص بكم الدوائر وتريد أن توقعكم من جديد في قبضة الاستعباد بعدما حملتم أسلحتكم وأدركتم ما يجب عليكم أن تفعلوه لأخذ حريتكم واستقلالكم.
هذه الجماعة قد باعت الكرامة والشرف والوطن وسلمت البلاد لطائفة قليلة من المستعمرين بثمن بخس، هي تلك المناصب الزائفة الحقيرة المهينة. وقد سبق أن عملت مثل هذه الفئة في تونس فسودت تاريخ هذا البلد المسكين، لولا أن قيض الله في الآونة الأخيرة لها رجالا لم يرضوا بتلك المهانة وصاروا يحاربون الاتفاقية اتفاقية الخزي والعار. ويمكننا أن نقول إن تونس اليوم ثائرة على الذين سلموا بلادهم وماضية في محو العار، وهي بلا شك ناجحة بإذن الله لأن الحق يعلو ولا يعلى عليه، وكل ما كان أبرم بواسطة جماعة دعاة الهزيمة وعشاق المناصب قد انهار تماما، وسوف ينهض التونسيون لاستئناف الكفاح في الوقت اللائق والمناسب. إن الشعب الفرنسي ليس في نيته أن يحارب مرة أخرى ليخلق هند صينية جديدة في شمال إفريقيا.
وقد اقتدت جماعة الرباط بجماعة تونس المستسلمة فأبرزت اتفاقية إكس ليبان إلى حيز العمل والتنفيذ، وأخذت تناور وتدلس وتغري الشعب المراكشي [المغربي] بالكلام المعسول. وهي سائرة في نفس طريق اتفاقية تونس وستطالب المناضلين بإلقاء السلاح،بعدما طلبت منهم الهدوء بحجة أن المفاوضة لا تكون إلا في الهدوء، والهدوء لا يكون إلا بإلقاء السلاح وتسليمه لهذه الجماعة الرباطية الجالسة على عروشها حين يتفرغ الأعداء للقضاء على الجزائر. فحذار من السقوط في الفخ المنصوب، وإننا على يقين من أن الشعب المغربي سوف يستمر في الكفاح والنضال إلى أن يخرج من بلاد المغرب بل من شمال إفريقيا كلها آخر جندي فرنسي يحمل السلاح من جماعة المستعمرين.
أيها الإخوان
دعاة الهزيمة موجودون في الأقطار الثلاثة من بلادنا، فلا يجوز بأي حال من الأحوال بأن يسمح لهم أن يثبطوا من عزائمنا أو يوهنوا من عقيدتنا في الكفاح الشريف. فالنصر حليف المناضلين في سبيل الحق.
وإننا لا نريد أن تفوت هذه الفرصة من غير أن نلفت نظر الشعب الفرنسي إلى أن إهدار كرامة الشعوب ليس من شيم الأمم المتمدنة، ولا من خصال المؤمنين بالأديان السماوية .. وبالله التوفيق.
عبد الكريم الخطابي

و هذا مقتطف من رسالة اخرى وجهها محمد عبد الكريم الخطابي إلى الأمين العام لحزب الشورى والاستقلال محمد حسن الوزاني من منفاه بالقاهرة عام 1960 و هذا نصها:

...أيها الأخ العزيز، كلنا يعلم أن المحتل لبلادنا لا يستطيع البقاء أبدا في تربتنا بقوة، بل انه بمجرد ما يشعر بأننا نعتبره ضيفا ثقيلا سيترك البلاد هاربا لا يلوى على شيء. وقد لاحظتم ذلك ولا شك في مناسبات كثيرة عندما تشتد الأزمات كيف يتودد وكيف يستعين بالدسائس والتفرقة.

والحربان العالميتان ثم بعض الثورات المحلية تشهد بأنه كان على وشك الرحيل. لولا تمسك بعض المغرضين به، ولولا انخداع الأمة بالكلام المعسول الذي يقوم به هؤلاء المغرضون..؟ وأرى أنه لا حاجة إلى الزيادة في البيان. فإنكم تعلمون الحقيقة حق العلم..؟ إذن، فلماذا التمادي في هذا السكوت وفي هذا التخاذل والتكاسل والجبن الفاضح والرضى بهذه المخازي التي لا يرضاها رجل له كرامة؟ كيف نعتبر هذا تافها ؟ وكيف نقر هذه الأوضاع ..؟ وكيف لم نتعظ بما شاهدناه سابقا ؟ وكيف الصبر على ما وقع ويقع ويحدث في بلادنا من الاعتداءات المتكررة التي يقوم بها العدو على ممتلكاتنا وأهلنا، ويدوس حرماتنا، ويجعل بلادنا ممرا لجنوده، وجسرا لسلاحه الجوي الذي يسحق به إخواننا الجزائريين.

ولقد وصلت بهم الجرأة إلى تحبيذ مفاوضة فرنسا التي تهدف أولا وأخيرا إلى استسلام المجاهدين الأبطال، في الوقت الذي كان يجب علينا أن نشجع إخواننا المجاهدين المناضلين ونمنع الخونة المتآمرين مع الفرنسيين من الجزائريين والتونسيين والمراكشيين. وفي نفس الوقت يجب علينا أن نقوم بعمل إيجابي فعال لطرد الفرنسيين من بلادنا ومن شمال إفريقيا كلها، كيف نسمح لأنفسنا أن نعيد تاريخ ( 1830) ونترك الجزائريين يقاتلون وحدهم. حتى نمكن الفرنسيين الغاصبين من هذا القطر الذي هو رأس القنطرة لابتلاع بلادنا بعدها.

ألا سحقا للظالمين، وتبا للمنافقين، وخسرانا للمذبذبين، وهلاكا للانتفاعيين الذي داسوا كرامتهم وكرامة أمتهم، مفضلين الراحة والتمتع بالشهوات حتى فوتوا فرصة الدفاع عن بلادهم. وأوقعونا في النهاية في نفس الكارثة التي وقعت فيها الجزائر. أليس هذا هو التاريخ ؟ أليس هذا هو الواقع؟ أليست هذه هي الحقيقة المرة التي نعاني من جرائها الأمرين؟...
محمد عبد الكريم الخطابي 

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes