المخرج كين لوش في كان بفيلم "Moi, Daniel Blake" يعالج فيه كرامة المواطن
يعود المخرج الانكليزي "كين لوش" هذه السنة للمشاركة في الدورة التاسعة والستين لمهرجان "كان" بفيلم "Moi , Daniel Blake"، ويعتبر "كين لوش" من الوجوه المألوفة بمهرجان كان، حيث يشارك للمرة الثالثة عشرة في المهرجان، كماتم تتويجه بالسعفة الذهبية سنة 2006، عن فيلمه "Le vent se lève" ، الذي يعالج فيه مشكلة الحرب الإرلندية. نظرا لاحتفاظ هذه التظاهرة الدولية بطابعها الفني والابداعي الذي ينتصر لسينما المؤلف، أمثال وودي آلان والأخوين داردان .
يعرض كين لوش فيلمه المعنون" أنا، دانيال بلاك"، الذي يحكي قصة رجل ستيني يدعى "دانيال بلاك"، الذي كان يشتغل في معمل للنجارة، الا انه اضطر للتوقف عن عمله استجابة لنصيحة طبيبه المعالج، على إثر إصابته بنوبة قلبية. غير أنه وجد نفسه مضطرا للبحث عن عمل آخر لكي يحتفظ بخدمات الضمان الاجتماعي، وفي تيهه داخل الشبكة الإدارية وتعقيداتها، سيلتقي أما عازبة شابة، رفقة طفليها بدون عمل وبدون ماوى، وبما أنه قد فقد زوجته، وقد وجد في هذه العائلة ظالته حيث استضافها في بيته. غير أن أزمة عدم وجود الشغل ومتطلبات العيش اليومي سيجبر هذه الأم الشابة إلى اللجوء إلى التعاونيات الخيرية للبحث عن بعض المواد الغذائية، وسينتهي بها الطريق الى القاء بإحدى وسيطات العهارة، مما سيؤزم دانيال بلاك الذي حاول أن ينقذها من الغرق في الوقت الذي يعيش فيه هو نفسه، نفس المصير.
غير أن كرامة دانيال وعزة نفسه لم تسمح له باللجوء إلى الجمعيات الخيرية. وأثناء استعداده لرفع دعوى قشائية ضد المصالح الإدارية التي قررت أن تحرمه من التعويضات الاجتماعية، أعد مرافعة يبين فيها أنه مواطن صالح قضى كل حياته يعمل ويدفع الضرائب، ويحترم كل قواعد اللعبة.
غير أن فخ الشبكة الإدارية انقض عليه. لكنه رغم ذالك، لن يستسلم لأنه يطلب من الدولة أن تعامله كمواطن له كرامته لا أقل ولا أكثر . غير أن هذه الرسالة المرافعة ستصبح بيان إدانة و اتهام للنظام السياسي للدولة بشكل عام. لأن السيد دانيال بلاك سيسقط صريع أزمته القلبية قبل أن تنعقد الجلسة التي كان من المطلوب منها أن تنصفه. وستقوم صديقته الأم العازبة بقراءة هذه الرسالة نيابة عنه.
يظل كين لوش بهذا الفيلم وفيا لخطه الفني ولرؤيته للعالم ولحسه السياسي والاجتماعي. وقد استطاع أن يقدم فيلمه بفنية عالية تعتمد العرض الصوري والمشهدي البعيد عن الباثولوجيا والخطاب البُرهاني المباشر. إنه يدافع عن طبقة مهددة بالسقوط في الهاوية، طبقة متروكة لنفسها، بعد أن تخلت عنها الدولة والحكومة والنقابات، ولم يبق أمامها إلا الذات والآخر. إن فيلم المواطن بلاك هو فيلم عن الكرامة الإنسانية، وعن الفئة الهشة فينا، لذا فهو فيلم جارح يصيبك ببرودة مؤلمة تجتاح عمودك الفقري.
و عند نهاية الفيلم لم يصفق المتفرجون كعادتهم مع الأفلام الرائعة، بشكل تلقائي وسريع. بل تطلب ذالك لحظة من الصمت المريب، لان الامر تطلب بعض الوقت لكي يستعيدوا واقعهم بعد ان رحلوا مع دانيال بلاك و عايشوا القصة بكل الجوارح والاحساس ، وبعد نفض الشلل الذي تسرب للأعضاء والاحاسيس، بسبب ما ينتظر الإنسان في الحياة المعاصرة الخاضعة لما يسمى بالسيستيم.
بتصرف
مواضيع ومقالات مشابهة