للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

متى نتعلم الدرس ؟ لـ عمرو حمزاوي


في سبعينيات القرن العشرين وإذا ما استثنينا عرب آسيا وإيران وأفغانستان وباكستان، توقفت شعوب القارة الآسيوية عن التورط في حروب أو صراعات عسكرية ونزاعات مسلحة واسعة النطاق.

هزت الحروب آسيا في أعقاب انتهاء الحرب العالمية الثانية (1939-1945)، من حرب الكوريتين إلى حرب فيتنام وبينهما حروب أهلية دامية في كمبوديا ولاوس وصراعات عسكرية على الحدود وبعد الانفصالبين الهند وباكستان وغيرهما. غير أن شعوب القارة الأكثر كثافة سكانية في العالم بدت منذ سبعينيات القرن الماضي وقد تعلمت درسا وجوديا في أولوية السلم والعمل على إنهاء النزاعات تفاوضيا لكي تنجح في تحقيق معدلات تنموية جيدة وترفع من مستويات المعيشة والخدمات الأساسية للمواطن، وامتنعت من ثم عن التورط في الحروب ولم تسمح للقوى الخارجية بجرها إليها، هذا إذا ما استثنينا عرب آسيا وإيران وأفغانستان وباكستان. والحصيلة الآسيوية هي تنمية مستدامة غيرت للأفضل واقع الشعوب، ومراكز عالمية مؤثرة للفعل الاقتصادي والتقدم العلمي في الصين واليابان والهند وكوريا الجنوبية وماليزيا، واستقرار ديمقراطي في بعض الدول الآسيوية الكبرى كالهند وكوريا الجنوبية وبدرجة أقل في ماليزيا وإندونيسيا وولاية هونج كونج "الصينية"، واقتصار السلوك الخارجي غير المسئول لكوريا الشمالية على يعض الاستفزاز الحدودي لجارتها الكورية الجنوبية وبعض تجارب إطلاق الصواريخ دون اقتراب من إشعال الحروب.

تعلمت شعوب القارة الآسيوية الدرس.

خلال السنوات الماضية، وإذا ما استثنينا عرب إفريقيا في الشمال وفي القرن الإفريقي وبعض المناطق في وسط القارة السمراء، توقفت الحروب بين الدول والحروب الأهلية والصراعات العسكرية والنزاعات المسلحة في إفريقيا بعد أن شهدت طوال الفترة الممتدة بين انتزاع التحرر الوطني من قوى الاستعمار القديم في ستينيات القرن العشرين وبين المذبحة المروعة في رواندا في تسعينيات القرن العشرين استنزافا مستمرا للدماء وللقدرات الاقتصادية والاجتماعية المحدودة.

لم تعد إفريقيا خلال السنوات الماضية قارة المذابح والجرائم ضد الإنسانية، ولا قارة المجاعات والكوارث المتكررة والنزوح الجماعي للسكان ومخيمات اللاجئين. تعلمت شعوب القارة الإفريقية أيضا درس الترابط العضوي بين السلم والعمل على الوصول إلى حلول تفاوضية للنزاعات وبين الشروع في عمليات تنمية مستدامة حقيقية وإنجاز استقرار اقتصادي واجتماعي وسياسي يمكن من النظر إلى المستقبل بإيجابية.في غرب إفريقيا اليوم تحقق غانا معدلات تنموية جيدة ويستقر تحولها الديمقراطي، ومن الشرق تأتي نماذج تنموية هامة مواقعها في إثيوبيا وأوغندا وكينيا، وفي الجنوب تتوازن جنوب إفريقيا اقتصاديا واجتماعيا بعد سنوات التحول الصعب من نظام الفصل العنصري إلى مواطنة الحقوق المتساوية وتترك كل من أنجولا وموزمبيق عقود الحروب الأهلية من وراءهما وينجحان في دفع برامج التنمية المستدامة إلى الأمام.

إذا ما استثنينا عرب إفريقيا وبعض المناطق في الوسط، تعلمت شعوب القارة السمراء أيضا الدرس.

بين سبعينيات القرن العشرين والسنوات الماضية، توقفت حروب الدول والحروب الأهلية في أمريكا الوسطى وأمريكا الجنوبية وتمكنت بعض الدول كالبرازيل وشيلي من تقديم نماذج ملهمة للتنمية المستدامة والتحول الديمقراطي وتطبيق نظم العدالة الانتقالية لإغلاق ملفات الماضي فيما خص انتهاكات الحقوق والحريات. بين سبعينيات القرن العشرين والسنوات الماضية، نجحت العديد من شعوب أوروبا الشرقية والوسطى وإقليم البلقان من دفع إجراءات التحول الديمقراطي قدما ورفع معدلات الأداء الاقتصادي والاجتماعي للحاق بعضوية الاتحاد الأوروبي، ولم تتكرر الخبرة الدامية لحروب تفتيت يوغسلافيا السابقة والحرب الأهلية في البوسنة والهرسك التي هزت أوروبا في تسعينيات القرن العشرين - طبعا، إذا ما استثنينا الأوضاع الراهنة في أوكرانيا وهي أقرب إلى الصراع المنضبط بين روسيا وبين الغرب في ساحة لا يريد أحد دفعها إلى حرب مفتوحة. بين سبعينيات القرن العشرين والسنوات الماضية، تواصل استقرار الغرب في أمريكا الشمالية وأوروبا ولم تتورط جيوش الغرب في حروب أو صراعات عسكرية أو نزاعات مسلحة سوى في بلاد العرب وجوارها الشرقي حول إيران وأفغانستان وباكستان.

متى نتعلم نحن العرب درس الترابط العضوي بين السلم والعمل على الوصول إلى حلول تفاوضية للنزاعات وبين الشروع في عمليات تنمية مستدامة حقيقية وإنجاز استقرار اقتصادي واجتماعي وسياسي؟ متى ندرك أن الغرب والقوى الخارجية الأخرى والإقليمية الطامعة كإيران وتركيا وإسرائيل تفيد من حروبنا ومن الحروب الأهلية المدفوعة بجنون الطائفية والمذهبية والقبلية؟ متى ندرك أن عصابات الإرهاب تعتاش على تواصل حروبنا ودينامية تفتت المجتمعات والدول؟

غدا .. هامش جديد للديمقراطية في مصر.

عمرو حمزاوي 

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes