للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

أزمة الحركة الطلابية والمآمراتولوجيا (الحلقة الثانية) لـ علي بلمزيان


صحيح أن النظام هو من خرب الجامعة وغرس العنف وسطها للقضاء على الاتحاد الوطني لطلبة المغرب ، لكن الخطأ القاتل هو أن نعطي ذريعة لهذا العنف أو نصطاد في أفخاخ المآمرات التي ظلت دائما تحاك لاجتثاث القاعديين .قافلة من الشهداء حصدتهم آلة العنف والقمع كان دائما النظام له يد مباشر أو غير مباشر في العمليات الاجرامية التي ذهب ضحيتها عدد من الأبرياء : زبيدة ، الاجراوي ، بوملي ، أيت الجيد وأخيرا وليس آخرا الحسناوي ولو اختلفت ظروف كل واحد من هؤلاء.. هؤلاء جميعا قتلهم النظام سواء بترسانته القمعية أو بأيادي تنظيمات ظلامية واستئصالية زجت بالحركة الطلابية في أتون حرب قذرة كانت نتائجها كارثيةومأساوية .

الطلبة القاعديين ومنذ أخذهم لهذا الاسم في غمرة مواجهتهم للانقلاب على شرعية الاتحاد الوطني لطلبة المغرب إبان المؤتمر الوطني السادس عشر المنعقد في غشت سنة 1979 لم يشهدوا ، فيما مضى ،أي تطاحنات فيما بينهم وصلت إلى حد استخدام السيوف والعنف الدموي . لقد كانت تظهر وسطهم ،بين الفينة والأخرى ، خلافات لكن سرعانما يتم احتواءها بمنطق النزوع نحو الوحدة ،استشعارا لأهمية توجيه المعركة الأساسية ضد الخصوم الحقيقيين الذين يتربصون بمنظمتهم العتيدة أوطم .وبفضل الالتحام التنظيمي وحنكة مناضلي ومناضلات هذا التنظيم وتفاعله واغتناءه الإيجابي من أطروحات ورصيد اليسار الجديد وخصوصا منظمة إلى الأمام التي تصدت بكل كبرياء ورباطة جأش وتكبدت خسائر بشرية هم من أشرف مناضلي ومناضلات الشعب المغرب، تكلفة غالية إذن بسبب الحملة القمعية الشرسة التي شنها النظام في أعقاب ترويجه للإجماع الوطني والمسلسل الديمقراطي من أجل السلم الاجتماعي كصفقة سياسية أبرمت وقتدئذ في جنح الظلام وعلانية مع القوى الإصلاحية من اجل استئصال الفكر الثوري واليساري الراديكالي . ولقد كان لهذا المجهود الجبار والتضحيات الجسام صدى حقيقي وسط الجامعة ، في غضون ذلك تأسست لائحة القاعديين كلائحة انتخابية تمكنت في ظرف وجيز من تحقيق الاكتساح لانتخابات الأجهزة التحتية لأوطم : تعاضديات ومجالس القاطنين ومجالس الفروع وظلت اللجنة التنفيذية للمؤتمر 16 معلقة في السماء..لقد ذهبوا بهذه الدينامية إلى حدود المؤتمر الوطني17 المنعقد في شتنبر /أكتوبر1981الذين دخلوه بأغلبية هامة لم يتم استثمارها لإنجاح هذه المحطة المصيرية في تاريخ أوطم عبر تمتين الوحدة بين مختلف الفصائل الطلابية .. المؤتمر كما هو معروف انتهى إلى فشل ذريع أو إفشال حسب بعض التقييمات ، فشل أو إفشال ليس هذا هو المهم ، بل الأهم هو أن الاتحاد الوطني لطلبة المغرب خسر رهان تنظيمي هام ومصيري كانت له تداعيات خطيرة من حيث تفكك هذا التنظيم النقابي وانفلاته من أي سيطرة تنظيميــة .

كما هو معلوم انتهى المؤتمر الوطني 17 لأوطم إلى إعادة الثقة فيما تبقى من أعضاء اللجنة التنفيذية للمؤتمر الوطني السادس عشر بعد أن استنزف السجال العنيف كل الفصائل الطلابية لمدة قاربت 15 يوما حتى بدأ المؤتمر يفرغ من المؤتمرين ولم يكن أمام القاعديين سوى القبول بالأمر الواقع وتزكية ما تبقى من أعضاء اللجنة التنفيذية السابقة وتكليفها للدعوة لعقد مؤتمر استثنائي في ظرف سنتين .

ونحن على مسافة من هذه المحطة تسمح لإعادة قراءة وتحليل ، ولو بسرعة، الاسباب الحقيقية لفشل هذا المؤتمر ؟ ولعل في إدراك مغزى ذلك ما يفيد قوى اليسار الطلابي في تفادي السقوط الأخير إن كانت ما تزال هناك إمكانية للإنقاذ فعلا؟ وسأجيب عن هذا السؤال من خلال الإشارة للنقاط الحاسمة التي صنعت الفشل أو الافشال ؟

1. عدم مراعاة القاعديين لأهمية موازين القوى السياسية بشكل فعلي داخل المجتمع برمته وانسياقهم وراء القوة العددية في الجامعة واعتقادهم أن ذلك سيؤدي إلى انتصار حاسم كما حدث في المؤتمر الوطني 15 .

2. الدفاع بشكل مبالغ فيه على لائحة رفاق الشهداء الذين دخلوا للمؤتمر بخلفية وحيدة هي تصفية الحسابات السياسية مع الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية ويتضح ذلك من خلال تخليهم عن التحالف مع القاعديين بمجرد انسحاب لائحة الإتحاد بل والدخول في صراع معهم وإبراز حقيقتهم السياسية .

3. خلق الانطباع بأن القاعديين بصدد إعادة إنتاج المؤتمر الوطني 15 من خلال الإصرار على تضمين مواقف في البيان السياسي يصعب أن تلقى تراض بين كافة الفصائل .

4. عدم الإصغاء الجيد لبعض الآراء داخل القاعديين والتي كانت تدعو إلى تبني تكتيك سياسي لإنقاذ المؤتمر .

مباشرة بعد المؤتمر بدأت تظهر بعض الآراء والاختلافات وسط القاعديين نذكر بشكل أساسي تيارين : المبادرة الجماهيرية ومجموعة 7 أو مجموعة بنيس ، وكانت هذه التوجهات انعكاس لبعض الصراعات التي كانت تجري وسط مكونات اليسار الجديد وخصوصا إلى الأمام لا سيما بالنسبة للتيار الأول الذي كان يشرئب من التأثير الذي مارسته مجموعة الآفاقيين التي كان ينظر لها عبد اللطيف اللعبي الذي وجه نقدا لاذعا لتجربة إلى الأمام وادعاءه أنه من المستحيل بناء حزب الطبقة العاملة من خلال أنوية ثورية لفئات من البرجوازية الصغرى ، على أي حال فهذه الأفكار كانت معروفة في الأدبيات الماركسية من خلال تنظيرات باكونين والفوضويين .

هذه المجموعات ظلت على الهامش دون أي تأثير يذكر على القاعديين لكونها كانت تحكمها حوافز رد الفعل ولم تكن تعبر عن آراء يمكن أن تطرح بهدوء في سياق التفاعل الإيجابي والبناء، مما جعل التوجه المهيمن على القاعديين يرد بقوة على هذه الطروحات التي أنتهت إلى الهامش ولم تجد أي صدى يذكر وسط الحركة الطلابية .

بعد المؤتمر الوطني السابع عشر ساد غموض وسط القاعديين لم ينقذه سوى أرضية الكراس التي طرحت وسطهم ودعت إلى أفكار سديدة تشكل خارطة الطريق للدعوة للمؤتمر الاستثنائي لإنقاذ أوطم من التفكك والفراغ التنظيمين ، وكانت فكرة ندوة الأطر التي جاءت بها النسخة الأولى للكراس إحدى المرتكزات الممكنة لتنقية الأجواء بين الفصائل الطلابية ومختلف مكونات الصف الديمقراطي من خلال الإسهام الإيجابي لإعادة بناء أوطم على قاعدة الحد الأدنى . غير أن انفجار انتفاضة يناير 1984 غيرت الحساب السياسي وخلقت ارتباكات قوية لأرضية الكراس فضلا عن كون طريقة صياغتها وتوجيهها للقاعديين عبر إقصاء عدد منهم من المساهمة في إعدادها كان لها أثر سلبي على وحدة القاعديين ، وكان منطلقا لبروز اختلافات عنيفة وسط هذا التنظيم الطلابي الذي دخل في مسار من الغموض والصراعات الشاقة لم تنل في واقع الأمر من وحدتهم حتى حدود نهاية الثمانينات التي انفجرت وخرجت للعلن كصراع بين القاعديين أنصار الكراس والقاعديين التقدميين .

حدث هذا الانشقاق ولا سيما بظهر المهراز بفاس بعد اعتقالي رفقة مجموعة من القاعديين سنة 1988 في ملف شهير سمي بملف بوعلي ومن معه وكنت آخر من اعتقل في هذه المجموعة ، بينما كنت ناطقا رسميا باسم القاعديين فيما كان آخرون لهم وزن أساسي في الساحة الطلابية ولم يكن هناك أي صراع علني يستحق الذكر بين القاعديين إلا بعد أن تمكن النظام من اعتقال أهم مجموعة قاعدية وتلفيق متابعات قوية في حق عدد من أطر القاعديين ولا سيما بوجدة وخصوصا الرفيق سعيد الفارسي الذي نجا بأعجوبة من محاولة الاغتيال على يد القوى الظلامية .

II. الاتحاد الوطني لطلبة المغرب في مواجهة مخلفات فشل الؤتمر 17: تبادل الاتهامات بين الفصائل الطلابية .

ساد غموض كبير وتردد في كيفية مواجهة مخلفات فشل المؤتمر 17 لأوطم منذ الموسم الدراسي 1982 الذي دخله طلبة فصيل الاتحاد الاشتراكي وحزب التقدم والاشتراكية بقوة في محاولة لتحميل المسؤولية للطلبة القاعديين من خلال اهتداءهم إلى وصفة لتقييم المرحلة التي يمر بها الاتحاد الوطني لطلبة المغرب عبر اعتباره يعيش "حضرا ذاتيا" لإبعاد المسؤولية عنهم وعن النظام على السواء فيما رد القاعديين برفض هذه التقييم واعتبار أوطم يعيش حضرا عمليا بسبب الحملة القمعية التي واكبت المؤتمر 17 وسعي الحكم مباشرة إلى عسكرة الجامعات من خلال خلق ما يسمى بالحرس الجامعي الأواكس ( تشبيها باسم الطائرات"الأواكس" التي كانت السعودية قد اقتنتها بشكل متزامن مع غرس هذا الجسم البوليسي في الجامعات ) وضرب مجانية التعليم من خلال إصلاحات طبقية ستمهد الطريق لمشروع أخطر هو التقويم الهيكلي الذي جاء وفق إملاء صندوق النقد الدولي الذي فرض نوع من الوصاية على الدولة .
يتبع ../..
علي بلمزيان

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes