تواطئ سلطات باريس مع الرباط في مخطط الافلات من العقاب لـ باتريك بودوان
بعد توقيع وزير العدل و الحريات المغربي مع نظيره الفرنسي على اتفاقية التعاون في مجال القضاء و زيارة وزير الداخلية الفرنسي للمغرب و لقائه بنظيره المغربي وعزم السلطات بارس توشيح مدير المخابرات المغربية عبد اللطبف حموشي رغم مطالبته من طرف القضاء الفرنسي على خلفية دعوى تتهمه بالتعذيب.. اعتبر المحامي "باتريك بودوان" الرئيس الفخري للاتحاد الدولي لحقوق الإنسان "FIDH" ذلك تواطئ خطير يمس بقيم و مبادئ الجمهورية الفرنسية ونشر مقالا في جريدة لوموند الفرنسية.
في بداية المقال تسائل المحامي "باتريك بودوان" هل بالفعل فرنسا ظلت فاضلة في افعالها كما هو الحال في الخطاب عندما يتعلق الأمر بمكافحة التعذيب ، محاكمة جرائم ضد الإنسانية والدفاع عن حرية التعبير؟ الجواب هو سلبي للأسف في ضوء الأحداث الأخيرة في العلاقات الفرنسية المغربية.
يضيف باتريك ان بعد عدة شكاوى التعذيب التي رفعت في فرنسا ضد رئيس المديرية العامة لمراقبة التراب المغربي، عبد اللطيف حموشي تم التأكد من مشاهدته خلال عبوره لباريس في فبراير عام 2014، حيث قامت محكمة فرنسية بطلب السماع اليه. يقول باتريك رئيس الاتحاد الدولي لحقوق الإنسان، هذه الجرأة، غير مفهومة من طرف دولة حيث أن القضاء غير مستقل عن السلطة السياسية، أثار ردود فعل غاضبة من الرباط مما أدى إلى تعليق التعاون القضائي والأمن.
و اشار باتريك، ان فرنسا سعت لوضع حد لتدهور العلاقات الفرنسية -المغربية، الا انه لم يكن متفقا ان يكون ذلك على حساب صفقة مخزية. حيث قام وزير الداخلية برنار كازينوف بزيارة للمغرب في منتصف فبراير، أعلن فيها رسميا أن السيد حموشي، المتابع بتهمة التعذيب، سنراه يوشح بوسام الشرف من درجة قائد.
دون أي اعتبار أوادنى حشمة، او تحفض يقول باتريك، انه كان على باريس ان تخشى فعل اي شيء مشين بمنح الوسام، لمن يستحقه من شخصيات لا تشوبها شائبة، ليس لرئيس الأجهزة الأمنية في بلد يستخدم التعذيب الذي تستنكره منظمات حقوق الإنسان. من الناحية الرمزية، السياسية والقانونية والأخلاقية، وصف ذلك باتريك بانها كانت رسالة "كارثية" للإفلات من العقاب.
و الاخطر من ذلك بالنسبة لباتريك بودوان، من أجل تجنب المخاطر المستقبلية من إزعاج المسؤولين المغاربة المشتبه فيهم بممارسة التعذيب، يمكنهم عبور الأراضي الفرنسية بدون حرج، حيث تم التخطيط له في السر لتعديل اتفاقية المساعدة الجنائية الفرنسية -المغربية. والآن أي شكوى جنائية ضد اي مغربي يقع في فرنسا سيتم نقلها على الفور إلى المغرب ليقوم باختصاصه.
وهذا يعني على سبيل المثال في قضية السيد الحموشي أن حتى بالنسبة لشكوى أي مواطن فرنسي، سيقوم القضاء الفرنسي برفضها مع تتمة ما يمكن تخيله. وبالنظر إلى الحماية التي يتمتع بها المتورطون في ممارسة التعذيب في المغرب بحسب بارتريك.
وبعبارة أخرى يضيف باتريك، انها مكافأة تمنح للإفلات من العقاب. بينما وفقا للقانون المعمول به، فرنسا لديها التزام بمتابعة، اعتقال ومحاكمة أي شخص يشتبه فيه قام بالتعذيب اثناء تواجده على أراضيها، فإن مثل هذا التراجع يكون أكثر خطورة على البلدان الأخرى و على المغرب لجعل نفس المتطلبات. وهذا التخلي عن فكرة العدالة الكونية ماهي سوى إشارة ترحيب بجميع الجلادين والمعتدين الاخرين.
يقول باتريك ان فرنسا كذلك اهينت عندما تخلت عن رعايها الصحفيين الفرنسيين الذين ألقي القبض عليهم وتم ترحيلهم عنوة من المغرب على نفقتهم. في ظل وجود هذا الشرط الذي يميز حرية الصحافة، لم تشهد فرنسا أي رد فعل رسمي مناسبا للاحتجاج أو استنكار ذلك، مرة أخرى حتى لا يسيء إلى مشاعر الصديق الكبير المغرب. من كان يظن أن الحكومة تقوم بمثل هذا الإنكار، بعد وقت قصير جمعت كل العالم؟ من اجل الدفاع عن حرية التعبير.
و يختم باتريك مقاله بقوله ان هذه إشارة الرضا التي تقدمها للاستخبارات والجلادين لايمكن الا ان تسجل تشكيك في مصداقية خطاب فرنسا. لا منطق المصالح التجارية و لا الضرورات الأمنية ينبغي أن تؤدي إلى الاستسلام والابتزاز للوصول الى خيانة القيم العالمية التي وجب على فرنسا الدفاع عنها وتعزيز دون كلل.لا يكفي التفوق في التغني بالحقوق والحريات، فإنه لا يزال من الضروري الإقناع للظهور كقدوة في تنفيذها.
ترجمة
مواضيع ومقالات مشابهة