مراسلون بلا حدود: تضييق مستمر على الصحافة المستقلة في المغرب
افادت منظمة "مراسلون بلا حدود" ان حرية الإعلامية في المغرب تعرف تراجعاً على مدى الأشهر القليلة الماضية مع اتخاذ السلطات في المملكة إجراءات صارمة بحقّ صحفيين، بينما توقف البرلمان عن مناقشة ثلاثة مشاريع قوانين مقدمة من الحكومة يمكن أن تحسّن البيئة التشريعية بالنسبة للإعلام.
كما اشارت منظمة مراسلون بلا حدود ان المسؤولين المغاربة يمارسون ضغوطاً على الصحافة لضمان عدم تغطية المواضيع بحرية واستقلالية خاصة التي تعتبرها السلطات بـ"الحساسة" و على سبيل المثال لا الحصر لهذه الاجراءات الصارخة قيام السلطات المغربية في 16 فبراير/شباط بترحيل صحفيين فرنسيين، هما جان لوي بيريز وبييرشوتارد، كانا يُعدّان تقريراً صحفيا للقناة الفرنسية الثالثة يعالج الوضعين الاقتصادي والاجتماعي في المغرب بعد أربع سنوات من "الربيع المغربي".
وأفاد التقريران قبل مصادرة تسجيلاتهما المصورة وترحيلهما على متن رحلة جوية متجهة إلى باريس، "اعتقلتهما" السلطات في مقر"الجمعية المغربية لحقوق الإنسان"، وهي من المؤسسات غير الحكومية الرائدة في البلاد والتي تُعنى بحقوق الإنسان وقد اتهمتها وزارة الداخلية بأنها "تقوّض عمل قوى الأمن". وقد تم تنفيذ هذه العملية من قبل 20 ضابطاً من الشرطة وممثلين عن "ولاية الرباط" (الحكومة المحلية) وأدت إلى جرح ناشط، كما قاموا بمداهمة مقر "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان". و سبق للمنظمة ان صدرت بيانا لها عقب هذه المداهمة، حيث أدانت منظمة مراسلون بلا حدود عملية الرقابة الشائنة وحثّت السلطات على إعادة المواد المصورة التي تمت مصادرتها.
وفي يناير/كانون الثاني، تم منع فريق يعمل لصالح قناة "فرنسا 24″ من تصوير برنامج "حديث العواصم" في قاعة استأجرتها في الرباط. وبمرافقة ضباط شرطة، وصل مسؤول من وزارة الداخلية وأمر الصحفيين بإيقاف تصوير البرنامج الذي يحمل عنوان "هل يمكننا السخرية من كل شي؟". كما قام بمصادرة الشرائط المصورة لتتم إعادتها في اليوم التالي بعد مشاهدتها بحسب مراسلون بلا حدود.
كما قامت السلطات دون أي توضيح بمنع انعقاد ندوة دولية عن الصحافة الاستقصائية في فندق في الرباط في 22 يناير/كانون الثاني وهي مبادرة من مؤسسة "فريدريتش نومان" الألمانية. كان من المنتظر أن يُشارك في الندوة صحفيون وخبراء من المغرب وفرنسا ومصر وتونس والجزائر ودول أخرى، بالإضافة إلى وزير الاتصال(الإعلام) مصطفى الخلفي. وعشية عقد الندوة، أصدرت وزارة الداخلية تعليمات شفهية لإدارة الفندق من أجل منع عقدها. مما توجب على المنظمين تغيير مكان انعقاد الندوة ونقلها إلى مقر "الجمعية المغربية لحقوق الإنسان" دون الوزير.
و ذكرت المنظمة ان الصحافي الصحراوي محمد الحيسن تم تمتيعه بالسراح المؤقت في 25 فبراير/شباط بعد ثمانية أشهر من اعتقاله في مدينة العيون عاصمة الصحراء الغربية (منطقة تسيطر عليها المغرب منذ عام 1975)، ولكنه لا يزال يواجه محاكمة بتهم المشاركة في "تجمع مسلح" وعرقلة السير ومهاجمة أفراد القوة العمومية وإتلاف الممتلكات العامة.
و تجدر الاشارة ان الحيسن يعمل مراسل صحفي لحساب قناة تلفزيونية تديرها "جبهة البوليساريو"، وهي حركة صحراوية تدعو للاستقلال وتدعمها الجزائر. وبحسب منظمات غير حكومية محلية، فقد تم اعتقاله نتيجة تغطيته لمظاهرات في الصحراء الغربية تلت مباراة في كأس العالم بين منتخبي الجزائر وألمانيا في 30 يونيو/حزيران وسرعان ما تحوّلت إلى مظاهرات مؤيدة للاستقلال. وقد استقطبت تغطيته للاهتمام بسبب القوة التي استخدمتها الشرطة المغربية لتفريق المتظاهرين.
و تفيد المنظمة ان البرلمان المغربي لم يقم حتى الآن بتبني مشاريع قوانين الإصلاح الإعلامي الثلاثة المتعلقة بـ:"الصحافة والنشر" و"ووضع الصحفيين المحترفين" و"المجلس الوطني للصحافة" والتي كشفت النقاب عنها وزارة الإعلام في 18 أكتوبر/تشرين الأول. وفي تعليقها على حزمة الإصلاحات(LINK) في نوفمبر/تشرين الثاني، أشارت منظمة مراسلون بلا حدود إلى أن إلغاء أحكام السجن على جنح الصحافة (باستثناء إهانة الملك أو الدين أو الإساءة إلى الوحدة الوطنية) يمثل تطوراً هاماً. إلا أن الصحفيين يخشون من أن غرامات مالية كبيرة ستحلّ مكان أحكام السجن، وطالبوا بإدخال تغييرات على هذه الحزمة التشريعية.
وقالت منظمة مراسلون بلا حدود "الأحكام المتعلقة بسرية المصادر أو تلك التي تتطرق لمسألة التشهير تمثل تقدماً كبيراً في هذاالاتجاه، بيد أنها قد لا تشكل ضمانات فعالة إلا في حال إيضاح مقتضياها وتعزيزها.
مواضيع ومقالات مشابهة