ملك عشق اللهو و العب و هيأ البلاد للاستعمار
ملك عشق اللهو واللعب وحكت عنه أجيال أنه باع بلاد المغرب مقابل دراجة هوائية، وهيأ البلاد للاستعمار، إنها حكاية مثيرة عن السلطان مولاي عبد العزيز يرويها فرنسي لازمه لسنوات طويلة. “يجب التأكيد على أن لا أحد مطلقا قام بتهييء عبد العزيز للدور الكبير، الذي نؤدي عليه خطأ من أجل لعبه كنا نعرف أن عليه فقط أن يسود؟” هكذا يصف غابرييل فيري Gabriel Veyre ”مهندس” ألعاب السلطان جانبا من شخصية ملك حكم المغرب طيلة 14 سنة أمضى الست سنوات الأولى منها تحت وصاية الحاجب القوي أحمد بنموسى”باحماد”.ويرسم صاحب كتاب “في حميمية السلطان” صورا أخرى عن مولاي عبد العزيز قائلا: “السلطان كان مجرد مراهق كبير بدنيا طويل القامة له ملامح شخص قوي من دون أن يتوفر على العضلات الضرورية”.
السلطان مولاي عبد العزيز هو الابن السادس للسلطان مولاي الحسن الأول. ولد سنة 1880 وتولى الحكم وهو لم يتجاوز بعد ربيعه الرابع عشر ليظل تحت سلطة وصاية الصدر الأعظم “باحماد” ووالدته للا رقية. وعندما سيكمل السلطان العشرين سنة سيكون المغرب قد ولج القرن العشرين وهو يعاني أزمات متعددة. مغرب بداية القرن العشرين كان يعاني من تزايد الضغوط الأجنبية وارتفاع وثيرة المشاكل الداخلية والاقتراض من الدول الأجنبية. وفيما كان الريسوني وبوحمارة يعلنان تمردهما عن السلطان كان هذا الأخير ينتظر على أر من الجمر وصول “الإمدادات” من اللعب الجديدة. وأمام ندرة المداخيل وانتشار الجراد والمجاعة وتزايد حجم القروض الأوروبية لم يجد مولاي عبد العزيز من وسيلة سوى فرض ضريبة” الترتيب” على المواد الفلاحية من أشجار وبهائم ومواشي على جميع السكان بدون استثناء مما أجج غضب العمال والقواد والشرفاء وشيوخ القبائل والتجار والأعيان والمحميين.
وسط هذه الأجواء يقدم “غابرييل فيري” تفاصيل دقيقة عن شخصية وانشغالات واهتمامات السلطان خلال سنوات حرجة من تاريخ المغرب. سلطان مشغول باللعب ويستقدم لديه خبراء ومهندسين من الخارج وينفق أموالا باهظة من أجل ذلك. ومثل أي طفل يفرح بقدوم اللعب ويغضب لتأخيرها أو إصابتها بأعطاب بل إنه جلب ذاة مرة ثلاثين عبدا لكي يستمر في اللعب أثناء الليل بأول دراجة نارية حصل عليها. كان السلطان كما يحكي صاحب الكتاب مولعا بالتكنولوجيا الحديثة وبآخر التقنيات التي ابتكرها الغرب. غير ان هذا الانبهار لم يوضف للنهوض بالبلاد وإنما وظف في اتجاه آخر: اللهو واللعب. تعرف السلطان على الكهرباء وافتتن بها غير انه لم يستثمره لـ “ينير المغرب” بل ليكون وسيلة للعب. أدخل السكة الحديدية فقط ليتنزه في حدائق الأﮔدال بفاس ليتركها بعد ذلك عرضة للصدأ. كتاب غبريل فيري لم يقف عند حكاية لهو ولعب سلطان المغرب في بداية القرن العشرين وإنما أورد بعض الحكايات التي تقدم صورة عن المغرب تلك المرحلة من خلال الكيفية التي كان يجري بها الحكم بالبلاد بينما دول أوربا تتوسع في العالم خارج نفوذها الجغرافي. خرج السلطان مولاي عبد العزيز من وصاية الصدر الأعظم “باحماد” ليدخل تحت وصاية دراجته الهوائية والنارية وسياراته ولعبه المختلفة تحت إشراف المنبهي وزير الحربية إلى أن تم غزله سنة 1908 عاصر لحظات عصيبة من تاريخ المغرب حيث عمت “السيبة” مختلف المناطق وهرع المغاربة لطلب “الحماية” عند البعثات الأجنبية ليشكل كل ذلك مقدمة لـ توزيع المغرب بين الدول الاوروبية بمقتضى مؤتمر “الخزيرات”عام 1908 لينتهي الامر على فرض الحماية سنة 1912 حيث دخل المغرب عهد الحماية والاستعمار الذي رسم مصير مغرب القرن العشرين وما زالت آثاره مستمرة إلى الآن. اشتهر مولاي عبد العزيز عند المغاربة بـ “السلطان الذي باع المغرب مقابل دراجة هوائية” وعرفه التلاميذ والطلبة كفصل من دروس التاريخ تحت عنوان ” مظاهر التدخل الاستعماري بالمغرب في بداية القرن العشرين” جانب من شخصية هذا السلطان الذي عاش تحت وصايتين وقاد المغرب نحو وصاية ثالثة يقدم تفاصيل عن غابرييل فيري في كتابه “dans l’intimité du sultan” ”في حميمية السلطان” الذي صدر سنة 1905 وأعادت إصداره في طبعة جديدة منشورات “إفريقيا الشرق”. ”الحياة” تقدم جانباً من ” الانشغالات” التي كانت تستحوذ على اهتمام السلطان كما رواها غابرييل الذي لازم مولاي عبد العزيز طيلة أربع سنوات.
عن صحيفة “ساشانيت” الالكترونية ملف أعدته أسبوعية “الحياة” عن “حماقات” ملك مغربي غير ناضج فكريا وسياسيا.
بتصرف
مواضيع ومقالات مشابهة