للنشر اتصلوا بنا على الاميل التالي: yahayamin1@gmail.com '
.

بـانورامـا

حقوق الانسان و الحريات

اخبار اجتماعية

حراك الريف والوضع السياسي بالبلاد لـ المعطي منجب





انطلقت شرارة الاحتجاج الأولى في أواسط الخريف الماضي على إثر حادث مهول تمثل في مصرع الشاب محسن فكري في حاوية نفايات بعد ان أتلفت الشرطة بضاعته أمام عينيه. ازدادت قوة الحراك مع مر الأسابيع والشهور وهو الآن يكمل شهره السابع حيث خرج للتظاهر منذ أيام، حوالي خمسين ألف مواطن ومواطنة في مدينة الحسيمة. اضطرت الرباط إلى إرسال لجنة حكومية تتكون من سبعة وزراء لاستقصاء الأمور في محاولة لإيجاد الحلول وتهدئة الوضع. إلا أن إيجاد مخرج يرضي الطرفين أي الحكم في الرباط والمتظاهرين يبدو شبه مستحيل، وذلك لأسباب عديدة نكتفي هنا بذكر البعض منها.

تفاوض يبدو غير مجدي
إن السلطة تكتفي بالتفاوض مع المنتخبين المحليين وبعض أطراف المجتمع المدني والسياسي، محاولة تهميش زعماء الحراك الشعبيين الذين يتحكمون بقوة في الميدان. إن ضعف تمثيلية المنتخبين تتجلى في ضعف نسبة المشاركة في اقتراعي 2015 و2016 كما أن حزب الأصالة والمعاصرة المقرب من القصر والذي يقود الجهة يبدو عاجزا تماما عن التأثير في الأوضاع رغم أن أهم مسؤوليه ينتمون لمنطقة الشمال. بل إن أمينه العام يترأس المجلس الجهوي لطنجة-تطوان- الحسيمة. هذا بالإضافة إلى أن العدالة والتنمية وهو الحزب الأكثر مشروعية على المستوى الانتخابي الوطني يعيش في ما يشبه الشلل السياسي منذ إعفاء أمينه العام عبد الإله بنكيران مع ما ترتب عن ذلك من غضب في قواعده. فأمينه العام الذي كان قد طلب في بداية الحراك من المتعاطفين مع حزبه عدم المشاركة في احتجاجات الشمال قد توقف عن فعل ذلك منذئذ. والفرق هو أنه كان آنذاك قد عين لتوه من لدن الملك رئيسا معينا للحكومة ولم يكن المغرب قد دخل بعد أزمة ما سمي بالبلوكاج.
وهنا يجب التذكير كذلك أن إبعاد الاستقلال عن المشاركة في الأغلبية الحكومية قيد التشكيل قد تسبب في تأزيم العلاقة بين حزب علال الفاسي والنظام وهذا لا يمكن إلا أن يصيب قواعد هذا الحزب بخيبة كبيرة ساهمت ولاشك في زخم الحراك. فبعض أعضاء الحزب شاركوا في المظاهرات المؤيدة لحراك الريف والتي جرت الأسبوع الماضي في عدة مدن في المملكة.

ما نريد قوله هنا هو أن الأزمة السياسية الخانقة التي تعيشها البلاد بسبب تداعيات البلوكاج ثم ما يمكن أن نسميه بشبه القطيعة بين القصر وبنكيران ساهمت في تأجيج الأوضاع بالشمال رغم الاستقلال التنظيمي التام للجنة القائدة للحراك عن كل الأحزاب ورغم أن الشرارة الأولى كانت لأسباب محلية بحتة.

مطالب تتجذر وتخرج من المحلي إلى الوطني

إن شعارات الحراك ومطالبه العامة تدور كلها حول قضية احترام كرامة أهل الريف وحقوقهم المدنية والاقتصادية والاجتماعية، كما أن الحراك يطالب بنهاية الفساد والاستبداد تماما كما فعلت منذ سنوات حركة عشرين فبراير بل إن قياديي الاحتجاج قد دعوا منذ أيام إلى «مليونية» يوم عشرين تموز/ يوليو المقبل في إشارة لا تخفى على أحد إلى تعلقهم الوجداني وعلاقتهم السياسية بالحراك الديمقراطي لعام 2011. زيادة على هذا فإن ناصر الزفزافي الزعيم الأكثر شعبية للاحتجاج كان قد شارك في حركة عشرين فبراير كما أنه يضع على رأس المطالب، بعد التحقيق الشامل في مقتل محسن فكري، الكشف عن من تسبب في مقتل خمسة شبان وجدوا جثثا هامدة داخل وكالة للبنك الشعبي بالحسيمة وذلك بعد أولى مظاهرات عشرين فبراير سنة 2011 في المدينة.

أما النظام عموما والائتلاف الحكومي على الخصوص فيحاول نشر مقولة ان الحراك تتحكم فيه أيادي خفية انفصالية وأجنبية وأن تمويله يأتي من الخارج. كما أرسلت الرباط تعزيزات أمنية ضخمة تتمثل في الدرك الحربي والقوات المساعدة وقوى الأمن الوطني إلى مناطق الاحتجاج وذلك للضغط النفسي والسياسي على مسؤوليي الحراك. إن محاولة عزلهم سياسيا بالتشهير والتشكيك في دوافع ونوايا نشطاء الاحتجاج، رافقتها مبادرات ترمي إلى عزلهم إعلاميا وذلك بتجاهلهم من لدن الإعلام الرسمي وشبه الرسمي وكذلك بالتضييق على تواجدهم في الشبكات الاجتماعية، وهكذا فإن استجواب رمز الحراك ناصر الزفزافي مع موقع «لكم.كوم» والذي سجل ارقاما قياسية في المتابعة والمشاركة قد تعرض لهجوم إلكتروني من قبل قراصنة مجهولين ينسقون فيما بينهم بشكل جيد، مما أدى إلى حجب المادة على صفحات الفيسبوك.

كان رد فعل أهل الريف على الموقف الرسمي هو الاضراب العام يوم 18 أيار/ مايو والخروج في أكبر مظاهرة منذ بداية الاحتجاج كما ذكرنا أعلاه. كما أن الشعارات أضحت أكثر راديكالية وأقل محلية حتى أصبح يبدو وكأنه من الضروري، إذا أرادت الدولة إرضاء المتظاهرين ليعودوا إلى سكينتهم المعهودة فإن عليها أن تحل باختصار معضلة الديمقراطية في البلاد. وهذا ما أشار له زعيم الحراك في استجوابه الذي سبقت الإشارة إليه: «لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يفرقنا المخزن…ونحن نقول إن مطالبنا هي نفس المطالب الموجودة في كافة المدن المغربية تقريبا، وتضامن باقي المدن سيعطينا قوة أكثر… إن حراك الريف هو حراك الشعب المغربي ضد الحكرة (احتقار البسطاء) والتهميش والفقر».

المعطي منجب

مواضيع ومقالات مشابهة

/* ------------------------------ اضافة تعليقات الزوار من الفيس بوك ------------------------------ */
Organic Themes