معطيات عن عمل لجنة متابعة مشروع السواني-سفيحة لـ جمال الكتابي
مع استئناف أعمال التدمير من طرف الشركة العقارية العامة "CGI" في حق غابة السواني-السفيحة، أود أن أوضح هنا على ماذا نتصارع مع هذه الشركة (ومن وراءها السلطة من طبيعة الحال)، وأي مشروع سياحي نريد وأي مشروع عقاري يريدون؟ سأحاول أن أوضح ذلك اعتمادا على معطيات جمعتها لجنة متابعة مشروع السفيحة-السواني.
تقع غابة السواني على بعد 10 كلم من مدينة الحسيمة على مساحة تقدر بحوالي 90 هكتارا ( منها الطايث) وهي عبارة عن غابة من أشجار الصنوبر والأوكالبتوس تم غرسها من طرف المستعمر الإسباني سنة 1942 بهدف مكافحة زحف الرمال على الأراضي الزراعية علما أن رمال شاطئ السفيحة/السواني دقيقة جدا. الأراضي التي أقيمت عليها الغابة نزعتها أو رهنتها سلطات الاحتلال من ملاكيها لمدة 50 سنة والتي انتهت هذه المدة في 1992. إن الاتفاق الذي وقعه مالكي هذه الأرض من سكان أجدير مع سلطات الاحتلال، يقضي بضرورة إرجاع هذه الأرض إلى أصحابها مباشرة بعد انقضاء مدة 50 سنة من الرهن. ومباشرة بعد انتهاء هذه المدة، تحركت مندوبية المياه والغابات لتضمها إلى الأراضي الغابوية التي انتزعتها سرا من ملاكيها الأصليين. ويذكر ان أصحاب الأرض والسكان المحليين وكذا لجنة السواني، قد رفضوا رفضا مطلقا إقامة مشاريع عقارية على أرضهم كونهم أولى بالتصرف فيها أو بيعها إذا تعلق الأمر بالبناء العقاري. إنهم مع المشاريع السياحية شرط الحفاظ على الغابة كسد منيع أمام زحف الرمال على الأراضي الفلاحية في سهل النكور، والذي يعتبر المزود الوحيد بالمنتوجات الفلاحية والحيوانية بالمنطقة، فضلا عن كون خليج السواني من أهم المواقع الخاصة لتوالد الأسماك السطحية كالسردين و أنشوة/بوكرونيس، خصوصا عند مصب الوديان وعلى بعد عشرات الأمتار من الشاطئ.
لقد تم اختيار مشروع السفيحة-السواني في البداية كمشروع سياحي رائد في إطار فلسفة جديدة لتهيئة المناطق الساحلية في المتوسط بكامله في إطار برنامج ( PAC تهيئة المناطق الساحلية) وإطاره القانوني اتفاقية حماية البيئة البحرية والمناطق الساحلية في البحر المتوسط المعتمد في برتوكول برشلونة في 16 فبراير لعام 1976 والمعدلة في 10 يونيو عام 1995 والتي صادق عليه المغرب في 21 يناير 2009 ( انظر خريطة توزيع مشاريع ال PAC في عموم المتوسط). وهذا النوع من المشاريع الرائدة في المتوسط تساندها وتشجعها وزارات البيئة والتنمية المستدامة في أوربا لأنها تشكل البديل للمشاريع السياحية التي اعتمدتها إسبانيا مثلا في بداية الثمانينات من القرن الماضي بحيث دمرت غابات نادرة في إقليم الأندلس لإقامة وبناء ‘البِطون’ (بكسر الباء). غير ان الإسبان ندموا في الأخير على ذلك…
وتم اختيار السواني لإقامة هذا المشروع السياحي الرائد ( project Pilot) لأن المنطقة تتوفر على شروط بيئية ومناخية وجمالية نادرة ( خليج الحسيمة الذي تقام على جزئ منه غابة السواني من أجمل الخلجان.
وزارة السياحة المغربية والسلطات المحلية عوض أن يعملوا على إنجاح هذه المهمة و تحقيق مشروع سياحي مندمج وفق هذه المواصفات، سلموا الغابة بكاملها إلى الشركة العامة العقارية CGI وبموافقة المجلس البلدي لأجدير. هذه الشركة المخزنية التي لا تتقن إلا بناء العقار/البِطون وبجودة رديئة جدا (مشروع مدينة بادس الجديدة بالحسيمة شاهد على كلامي هذا) ليس لها أية دراية بالمشاريع السياحية المندمجة والحفاظ على الغابة. هذه الشركة ومن وراءها المخزن، عملت العكس تماما لما ينص عليه برنامج ال PAC. هذا المشروع الذي يستند اساسا على الاتفاقيات السالفة الذكر يوصي أساسا:
- الحفاظ على مسافة 100 متر ( المد البحري الأقصى أو الملك البحري) خالي من أية بناية أو مرافق أخرى. لكن CGI تريد أن تقيم عليه بنايات ومسابح وملاعب رياضية…
- إيجاد حل لتصريف النفايات السائلة والصلبة بدون إنشاء الحفر الصحية لتجنب تلويث الفرشة المائية والبحرية، لأن السكان المحاذين للغابة يشربون من الفرشة المائية نفسها.
- عدم إنشاء العقارات للبيع، بل انشاء مشاريع سياحية مندمجة وصديقة للإنسان والبيئة… -تقليص استعمال ‘البطون’ (بكسر الباء) إلى مداه مع البحث عن مكانيات بديلة كبناء مرافق من الخشب مثلا.
- إذا كانت هناك ضرورة قصوى لاستعمال "البطون" فعلى البناية أن لا تعلوا على الأشجار بثلاثة أمطار.
- إذا كانت هناك ضرورة لقطع بعض الأشجار فيجب تعوضيها وغرس مثيلاتها في المكان المجاور.
- العمل على تنمية المناطق المجاورة لهذا المشروع وبالخصوص التي تندرج في المتنزه الوطني الممتد على الشريط الساحلي الممتد من الحسيمة حتى "يلش" وذلك لخلق مجال سياحي حيوي للمشروع ( بالخصوص المناطق المحاذية لحد الرواضي وإزمورن…).
لا بد من التذكير أن الشركة العامة العقارية CGI تريد أن تقيم هذا المشروع بمحاذات أو ربما على جزئ من المدينة الأثرية "المزمة" الموجودة في الغابة والتي تعتبر من أقدم المدن المتوسطية، بل لقد خربت أجزاء مهمة من أصوارها.
حاولت هنا بعجالة أن أوضح حجم هذا الملف التي اشتغلت عليها لجنة السواني لمواجهة مافيا العقار، التي (اللجنة) حاولت بكل الوسائل ولمدة ثلاث سنوات العمل لتوقيف هذا المخطط. وفعلا تحقق ذلك ولو جزئيا. ولتحقيق ذلك راسلت اللجنة عدة جهات في المغرب من بينها الوزارات الوصية و "الديوان" من أجل التدخل لتوقيف هذا المخطط، كما اتصلت اللجنة بعدة جهات دولية من بينها المنظمة الدولية لأجمل الخلجان في العالم وكانت تلك هي البداية لانضمام خليج الحسيمة لأجمل خلجان العالم. اللجنة تحاورت مع جميع العمال والولات والقواد والباشوات الذين تعاقبوا على المسؤولية في إقليم الحسيمة في هذه المدة. كما خاضت اللجنة عدة معارك واعتصامات ونظمت عدة ندوات وأيام تحسيسية ودراسية لفائدة الساكنة والمهتمين.. بالإضافة إلى ذلك شاركت اللجنة في منتديات دولية ذات الصلة بالموضوع. اللجنة أنجزت بحثا تحت عنوان "انشغالات وتوصيات" باللغتين العربية والفرنسية في أكتوبر 2009. على أساس هذا البحث تم رفض ترخيص لمشروع CGI هذا حتى من طرف "نيابة/مفتشية إعداد التراب" بالحسيمة بالخصوص ما يتعلق بجوانبه التقنية والبيئية. هذا بدون أن ننسى أن اللجنة أدارت هذه المعركة القاسية بإمكانيتها الذاتية رغم العنف اللفظي والجسدي الذي مورس في حق بعض أعضاءها. مولت اللجنة هذا العمل الجبار بالإمكانيات الذاتية لأعضائها والذي يقدر بالملايين. خلاصة القول: هذه معركة الجميع ويجب أن ينخرط ويخوضها الجميع وبالخصوص ساكنة أجدير، لا يمكن أن يقبل العقل إقامة مشاريع عقارية للبيع و"البيزنس" على أجمل مكان بيئي وطبعي في المتوسط وهذا الموقع هو الذي أهل هذا الخليج ليصبح عضوا في "منظمة أجمل خلجان العالم". لهذا يجب على منتخبي ونواب "الأمة" أن يتحركوا قبل فوات الأوان. كما يجب أن يصطف الجميع في إطار مدني جديد مستندين على تجربة لجنة السواني.
تنبيه: الصور المنشورة هنا هي من أرشيف لجنة السواني وإذا تم إعادة نشرها ،وحدها بدون الموضوع، في المواقع الاعلامية أو التواصل الاجتماعية يجب الإشارة إلى المصدر..
جمال الكتابي- عضو لجنة السواني أمستردام 25 -10-2015.
مواضيع ومقالات مشابهة
