شخصيا أرفض التوقيع على التي يطالب فيها أصحابها بإلغاء تقاعد أعضاء الحكومة والبرلمان: لأن العريضة موجهة للملك، حيث يلتمس فيها أصحاب التوقيعات من "جلالته" إلغاء تقاعد البرلمانين والحكومة، وتخفيض عدد الوزارء.

لكن:

     لماذا أغفلت العريضة مطلب تخفيض ميزانية الملك الضخمة، التي تقترب من 700 مليون سنتيم في اليوم (250 مليار سنتيم في السنة)، والتي يمكنها أن تشغّل 40 ألف عاطل عن العمل بأجرة 5000 درهم شهريا؟

لماذا تناست العريضة العدد الضخم من مستشاري الملك الذين يتقاضون أجورا تعادل أجور الوزراء ولديهم أيضا تقاعدا مريحا دون أن نعرف ما هي مهامهم وما هي مردوديتهم؟

لماذا تجاهل كاتب العريضة تكلفة القصور التي هي في ملك الدولة الموضوعة تحت تصرّف للملك؟ ولماذا لم تطلب العريضة بيع القصور سيما وأن هناك أكثر من قصر في بعض المدن المدن؟ 

هل القضية مرتبطة فقط بإلغاء تقاعد البرلمانيين؟ وأين هو مطلب تخفيض عدد أعضاء مجلس النواب، وإلغاء مجلس المتشارين وباقي المجالس الصورية التي تستنزف أموال الشعب؟

لماذا تناست العريضة التدشينات التي تكلف أكثر ممّا تكلف أموال التشييد؟ وأين هو مطلب فضل الثروة عن السلطة؟

إن قضية تقاعد البرلمانيين لَهي آخر نقطة يجب أن تتضمّنها العريضة. أما أن يتم التركيز على تقاعد البرلمانيين وتوجيه عريضة للملك من أجل انصاف الشعب من جشع المنتخبين، فهذا يجعل الشك يتسرّب إلى الذهن في خلفية الموضوع برمّته. لذلك أقترح على بعض الأصدقاء الذين وقّعوا على العريضة بحسن نيّة، أن يراجعوا موقفهم لأن العريضة فاشلة ليس في مضمونها، وإنما لأن كاتبها أراد تحريف النقاش، وتفويت الفرصة على الرأي العام حتى لا تشكل قضية تقاعد البرلمانيين مناسبة لمساءلة النظام السياسي برمته وليس فقط بعض أدوات لعبه.

قديما قال الشاعر: إذا كـــان ربُ البيتِ بالدفِّ ضاربٌ فشيمـةُ أهلِ البيتِ الرقصُ

أما النقاش حول تقاعد المنتخبين فهو حيوي ويجب أن يستمر، لكن بدل أن يتجسّد في عريضة موجهة للملك، يجب أن تكون عريضة موجهة للرأي العام المغربي من أجل اتخاذ موقف من العملية السياسية في المغرب، وسلك كل السبل التي من شأنها تحقيق المطالب مجزأة أو شاملة.