و اليكم نص المقال حسب ترجمة قام بها الصحفي سعيد السالمي المتعلق بقضية "ابتزاز محمد السادس" التي يُتابع فيها الصحافيان الفرنسيان "إيريك لوران" و"كاثرين غراسييه امام القشاء الفرنسي .
رغم الترويج الاعلامي الواسع لقضية الصحفيين "إريك لوران" (68 سنة) و"كاثرين غراسييه" (41 سنة) المتابعين بتهمة الابتزاز، من طرف أحد أكثر محامي القصر الملكي المغربي تمرّنا على الإعلام، "إريك دوبون موريتي"، فإن القضية أكثر تعقيدا مما قد تبدو عليه. ذلك أن التسجيلات التي يتضمنها الملف القضائي والأقوال التي أدلى بها المتهمان خلال مرحلة الحراسة النظرية ــ والتي اطلعت عليها “مديابارت” ــ تظهر واجهة أخرى لهذه الواقعة الشائكة التي اصطدمت فيها الانتهازية المكيافيلية الملكية بمرونة صحفيين تاها عن مرجعيتهما الأخلاقية.
لقد بدأت مجريات التحقيق الذي تشرف عليه القاضية "إيزابيل ريش فلامون"، بغير قليل من الحذر، سيما أن التسجيلات الصوتية التي أرفقها محامي الملك محمد السادس، هشام الناصري، بشكايته، قد تكون تعرضت للتزوير وفقا للاستنتاجات الأولية للشرطة العلمية، حيث جاء في تقرير بعثه قائد فرقة مكافحة الجرائم ضد الأشخاص، إلى النيابة العامة بتاريخ 25 غشت، استنادا الى فحوصات أحد المهندسين في المختبر المركزي للمعهد الوطني للشرطة في "إيكولي" أن :" التسجيل الأول ليس واضحاً، وقد طرأت عليه تغييرات باستعمال وسائل تقنية متطورة".
ناهيك أن ثمة اليوم نقاشاً بين ثلة من رجال القانون حول الصلاحية الإجرائية للأشرطة الصوتية الثلاثة، التي تم تسجيلها، كلها، من طرف محامي القصر باستعمال هاتفه الخاص، بعد أن قامت النيابة العامة في باريس بفتح تحقيق أولي. ولعل دفاع "إيريك لوران"، بقيادة المحامي "ويليام بوردون"، يعتزم لهذه الأسباب تقديم طلب بإلغاء هذه التسجيلات.
وكانت النيابة العامة في باريس تلقت شكاية تقدم بها المحامي التاريخي للقصر الملكي، "رالف بروسيي"، لصالح رجل الأعمال والكاتب الخاص للملك محمد السادس، محمد منير الماجيدي. وحسب هذه الشكاية، التي رُفعت ضد الصحفيين “اريك لوران” و"كاثرين غراسييه"، فإن "لوران" اتصل بالملك محمد السادس يوم 23 يوليوز، بهدف الحديث عن “معلومات غاية في السرية وخطيرة على للملك”، وقام القصر بتكليف المحامي هشام الناصري لمقابلته في باريس، وهو ما حصل يوم 28 يوليوز، وقد عبر “إريك لوران” عن "استعداده للتراجع عن نشر الكتاب الذي يحضره مع زميلته كاثرين غراسييه، مقابل مبلغ 3 ملايين يورو".
جرى اللقاء الأول بين المحامي الناصري و"لوران" في حانة فندق “"رويال مونسو" في باريس، ودام حوالي ساعة و13 دقيقة. ورغم أن المحامي سجل مضمون اللقاء، فإن فرقة مكافحة الجرائم ضد الاشخاص قالت إن “جودة التسجيلات سيئة للغاية، وأن صوت الصحفي لا يُسمع بوضوح". جدير بالإشارة أن الهاتف الذي سجل به المحامي كان في جيبه.
وكان المحامي والصحفي يتبادلان أطراف الحديث بشكل ودي، وتحدثا عن اليابان، التي قدم منها المحامي لتوه إلى باريس، قبل أن يصلا الى صميم الموضوع. فطفق "إريك لوران"، الذي سبق أن ألف عدة كتب مزعجة، يتحدث عن التحقيق الذي ينجزه حول الملك، وأوضح أنهما، هو وشريكته في تأليف الكتاب، ملزمان بتقديم مسودة الكتاب إلى دار النشر في غضون الأشهر الثلاثة المقبلة. وفي مقطع دام 15 دقيقة، لم يُسمع فيه صوت أي من الطرفين، وفيما يبدو كان الصحفي حينها يطلع المحامي على وثيقة سرية، وهي عبارة عن تقرير لمكتب الدراسات "كرول" حول المكتب الشريف للفوسفاط الذي اعتُبر أنه يلعب دور "صندوق أسود" بالنسبة للعائلة الملكية. وبعدها تطرق الطرفان لمجموعة “كازينو” التي يرأسها "جون شارل نوري”.
واصل الإثنان الحديث بمزاج طيب، حيث يُسمع ضحكهما، وفي الدقيقة 34 من التسجيل، دون أن يسمع بالضبط كلام “اريك لوران”، قال المحامي:
"إذن بالنسبة اليكم، إذا (..) صفقة مالية، مقابل أن تتعهد أنت و"غراسييه"، أن تنسيا بشكل مطلق، ما من شأنه أن يمس (..)". (أجوبة الصحفي غالبا ما لا تسمع بوضوح) وتابع المحامي:
"أن نتوصل معكما الى اتفاق، بمقتضاه تلتزمان بعدم الخوض في هذا الموضوع أو ذاك، ممكن؟"
أجاب الصحفي "نعم، ممكن".
أردف المحامي: "لن يكون مجرد التزام أخلاقي، سيكون التزاما مكتوبا".
رد الصحفي: نعم، أوافق.
بعدها طلب الناصري من "لوران" أن يطلعه على المعلومات التي يعتزم نشرها وقال: "لا، إن الهدف هو أن نستبق (..) في نفس اتجاه النقاش الذي نحن بصدده (..) بكل أريحية. اتفاق، ما الذي يهمكم؟"
يسمع صوت وكأن "إريك لوران" بصدد كتابة شيء ما. وقال المحامي: "300 يورو.. درهم؟"
إن التسجيلات ليست واضحة بخصوص هذه النقطة، وبعيدة كل البعد عن الحوار الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام.
في المحضر، قال المحامي: "إن "إريك لوران" فرض بشكل قاطع مبلغ ثلاثة ملايين يورو مقابل عدم نشر الكتاب. وتحدث عن أخبار تتعلق بإرث الحسن الثاني، والمكتب الشريف للفوسفاط الذي اعتبره بمثابة "صندوق أسود" للعائلة الملكية، وأخيرا عن ثروة الملك محمد السادس والاغتناء المشبوه، في إشارة إلى المعلومات التي صدرت في كتابه الأول في هذا الموضوع".
ومهما يكن من أمر، فإن التسجيلات أظهرت أن هذا اللقاء الأول انتهى بتبادل عبارات الأدب واللباقة والتقدير للثقافة اليابانية.
النيابة العامة تترك المهمة لمحامي الملك
النيابة العامة في باريس، التي يرأسها فرانسوا مولان"، تعاملت مع الشكاية بجدية بالغة. يوم 20 غشت تلقت الفرقة الخاصة بمكافحة الجرائم ضد الأشخاص تعليمات بالاستماع إلى المحامي الناصري وإخضاع التسجيلات الأولى، التي قدمها في مفتاح "يو ايس بي"، للخبرة وتقصي مضامينها. وبما أن المحامي كان قد ضرب موعدا مع الصحفي في فندق "رويال مونسو" في نفس اليوم، فقد كان على الفرقة أن تراقب مدخل الفندق وتأخذ شريط الفيديو لتوثيق اللقاء. ولم تتول لا مهمة التسجيل ولا مهمة التصوير، حيث فضلت النيابة العامة أن يتكلف المحامي بالتسجيل باستعمال هاتفه الجوال.
هذه المرة، استخلص الناصري العبرة من اللقاء الأول، وقام بالتسجيل بجودة أفضل، وفيما يبدو لم يطرأ على التسجيل أي تغيير، حسب الفرقة الخاصة بمكافحة الجريمة ضد الاشخاص. وعمد على تحفيز الصحفي على الكلام، ووضع على لسانه كل العبارات التي تورطه. كان الحديث الذي جرى بينهما ودّيا، ودام ساعة و14 دقيقة. سأل الناصري "لوران" عن المصدر الذي استقى منه تقرير المكتب الشريف للفوسفاط، وألح على الوثائق السرية الأخرى التي بحوزة الصحفيين.
جواب "لوران” بدا وكأنه يسعى إلى إبداء حسن النية فتحدث عن "السياق السياسي" و"صورة المغرب" و"مشكلة العلاقات المغربية الفرنسية" التي مردها ــ حسب رأيه ــ إلى سياسة هولاند المساندة للجزائر والتسريبات التي كشفت عن الحساب البنكي للملك في البنك السويسري "إتش إس بي إس". وأشار مرة أخرى إلى معلومات حساسة بخصوص الشركة الوطنية للاستثمار ورأي الخبير البنكي الفرنسي "جون بيريلفاد"، ومعلومات بخصوص المكتب الشريف للفوسفاط، وأخيراً معطيات تخص الحياة الخاصة للملك محمد السادس وعائلته.
في هذا التسجيل، أثير بشكل واضح "مبلغ ثلاثة ملايين يورو"، وكذلك "إبرام صفقة"، وتحدث هشام الناصري عن تكليفه من طرف محمد منير الماجيدي، الرجل القوي في القصر. وبعدها تحدث لوران عن "كاثرين غراسييه" وأكد أنها موافقة على إبرام الصفقة وأنه أبلغها بكل التفاصيل.
وبقي هشام الناصري مصرا على معرفة ما بحوزة الصحفيين من معلومات، إلا أن "لوران" تهرب من الجواب وعاد ليثير مرة أخرى قضية الشركة الوطنية للاستثمار، والاغتناء الملكي، والمفاوضات مع شركة "أفيرا" و"ألستوم" حول مشاريع تتعلق بالمولدات الكهربائية، ونوه بكفاءة زميلته كاثرين في التحقيق وجمع المعلومات الحساسة.
وبالنظر الى قيمة المبلغ الذي أثاره "إريك لوران"، ظل المحامي مصراً على مسألة إطلاعه على الوثائق، كما كان مصراً على أهمية حضور "كاثرين غراسييه" يوم إبرام الصفقة، وقال " أؤكد مرة أخرى، إذا كانت بحوزتكم أشياء.. فانني مكلف بالإطلاع على الوثائق قبل أن أتخذ القرار. هذا كله يجري تحت مسؤوليتي. شكراً وإلى اللقاء".
موعد جديد، بحضور كاثرين غراسييه
آخر لقاء بين الطرفين جرى يوم 27 غشت. اقترح هشام الناصري حانة فندق "بينانسولا" الذي استأجر فيه غرفة، إلا أن كاثرين غراسييه” فضلت فندق "رافاييل" الذي اعتبرت أنه أكثر تسترا. دامت المفاوضات زهاء خمس ساعات، وكانت رجال الشرطة غير بعيدين عن مكان اللقاء، الا أن المحامي هو الذي كان يسجل ما يُقال. قام بالتسجيل ثلاث مرات بواسطة هاتفه؛ استغرق التسجيل الأول ساعة و15 دقيقة، والثاني 53 دقيقة والأخير 42 دقيقة. وعلى غرار اللقاءين السابقين، كان الحديث وديا بين الطرفين.
بدأت "غراسييه" بالقول، وهي تخاطب المحامي: "قبل كل شيء، أريد أن أقول لك إنني متفقة مع الخطوات التي رتبتها مع "إريك"، كلانا على قلب واحد". وتحدثت عن معطيات حصلت عليها من جهاز المخابرات الخارجية الفرنسية، وتنصتات على المكالمات الهاتفية، ومعلومات حساسة حول شخصيات مغربية. كما تحدثت عن "البريوكسينيسم"، وعن "واقعة ضبط 50 كيلوغراما من الكوكايين في حقيبة دبلوماسية في مطار "أورلي" في باريس سنة 2010، وقضايا تم التستر عليها من طرف السلطات الفرنسية". وبعد ذلك تحدثت عن مشاكل تتعلق بإرث الحسن الثاني وختمت بالقول: "إن قارئ الكتاب سيخرج بانطباع سيئ للغاية عن النظام المغربي".
هنا قال الناصري: "ما هو الأثر الذي قد يتسبب فيه هذا الكتاب برأيكما؟"
أجاب "لوران" : "مدمر… إنه مدمر". ولتعزيز كلام "لوران" ذكّرت "غراسييه" بتأثير كتابها "حاكمة قرطاج" الذي أصدرته سنة 2009 عن عائلة بن علي في تونس. بعد ذلك عاد الصحفيان للحديث عن مسألة البنك السويسري "إش إيس بي سي" الذي قالا إنها ستزعزع زعماء آخرين في الجزائر ولبنان أكثر مما هي قاسية في حق الملك محمد السادس. وعبرا عن ارتياحهما لعدم نشر هذا الكتاب حيث توجهت غراسييه إلى المحامي بالقول: "هناك أثر آخر يتعلق بالمنطقة، أنظروا الى دول الجوار، أنتم النظام الوحيد الذي استطاع ان ينجو" على حد قولها.
واسترسل الصحفيان في الحديث عن المكتب الشريف للفوسفاط وبعض الأسرار التي حكاها الملك الراحل الحسن الثاني للصحفي "إريك لوران". ثم خرج المحامي من أجل إجراء مكالمة هاتفية مع الكاتب الخاص للملك، ليعود بعد ذلك الى طاولة المفاوضات فقال:
"تحدثت طويلا مع موكلي وأبلغته بكل المعلومات، وقال لي إنه يفضل أن أطلع على الوثائق. فشرحت له حساسية الموقف بالنسبة إليكما، فتفهم. إذن، باختصار شديد، طلب مني أن أقترح عليكما مبلغ مليون ونصف مليون يورو، عوض 3 ملايين التي تطلبانها. وقد قبل هذا المبلغ بسبب حساسية المعلومات، ولا يستطيع أن يعطي مبلغ 3 ملايين يورو هكذا دون أن يطلع على الوثائق".
ثم انطلقت المفاوضات بين الكاتبين والمحامي حول المبلغ والإجراءَات المتعلقة بالصفقة. ألح الناصري أنه مكلف بإبرام الصفقة، مع اتفاق مكتوب، في ذلك اليوم نفسه. وفيما أبدت "غراسييه" استغرابها من الغاية وراء الإلحاح على اتفاق مكتوب، رد عليها المحامي : "إن ثقتي بكما في هذا الاتفاق، أكبر من ثقتكما بي. أنا سأعول على تعهدكما وما ستخطانه على ورق العقد، بينما تحتفظان بالوثائق. ما الذي يضمن لي أنكما لن تسرباها إلى جهة أخرى؟".
عاد النقاش إلى دائرة المال، وطلب الصحفيان مليوني يورو، وبادر لوران: "بخصوص تحويل المبلغ نحتاج إلى أسبوع، وسيتم إما في سنغفورة أو على الأرجح في هونغ كونغ". كما طُرحت فكرة تغليف الصفقة بغطاء "عقد استشارة". ولتوقيع الاتفاق، طلب الصحفيان تسبيقا، واشترطا أن يكون التسبيق نقدا، وبأوراق من فئة 500 يورو، فأجاب الناصري "طيب، سأذهب إلى غرفتي في الفندق، لأرى ما بحوزتي وأعود".
ذهب المحامي الى فندق "بينانسولا" بينما طفق الصحفيان يخطّان عقد الاتفاق. وعند عودته الى "رافاييل"، مدهما بظرفين يحتويان على مبلغ 80 الف يورو. وعلقت "غراسييه" أنها مرتاحة لعدم نشر الكتاب، لأن محتواه كان خطيرا للغاية. بعدها بدقائق معدودة، كان "لوران" و"غراسييه" في قبضة الشرطة.
فترة الحراسة النظرية ورواية الفبركة
خلال الفترة التي قضياها قيد الحراسة النظرية، حاول الصحفيان تبرير ما حدث، وقال "اريك لوران" للشرطة: "ما نُسب لنا لا يمت للحقيقة بصلة، إنها مجرد فبركة تهدف إلى النيل من مصداقيتنا". وشدد أنه قبل أن يبدأ في تحرير الكتاب، اتصل بالكاتب الخاص للملك، لطلب موعد من أجل التحقق من المعلومات التي بحوزته.
وأردف "لوران" :"اقترح علي الناصري أن أعمل على عدم نشر الكتاب مراعاة للمصالح العليا للمغرب، والعلاقات الفرنسية المغربية المتوترة. طلبت منه مزيدا من التوضيح فأجابني إن هناك تعويضا ماليا سيمنحه لي مقابل أن اتنازل عن نشر التحقيق، وأنه سيتشاور مع رئيسه في القصر حول قيمة هذا التعويض. ولم يتعلق الأمر في أي لحظة من اللحظات بآلابتزاز، بل العكس تماما، لأن الطرف الآخر هو الذي اقترح العرض لتفادي نشر الكتاب المزعج"."..
وتابع الصحفي: "كانت لدينا شكوك حول هذا الشخص، وحول أساليب هذا النظام الذي اعتاد التزوير والتشهير. إن الهدف مما جرى هو النيل من مصداقيتنا، والمعطيات التي سُربت للصحافة عقب إيقافنا تؤكد ذلك بما لا يدع مجالا للشك".
وفيما بعد اعترف انه اقترح على الناصري منذ اللقاء الاول مبلغا مقابل عدم نشر "الكتاب الحساس للغاية، والذي سيلحق ضررا بالغا باستقرار المغرب". وهو ما خشياه، هو وكاثرين، على حد قوله.
وبرر اقتراحه لمبلغ مالي بـ"التعب المهني" بعد 30 سنة من العمل الصحفي. وبخصوص عدم توخي الحذر قال إنه عجز عن استيعاب ما حدث، سيما أنه واحد من أكثر الناس معرفة بقدرة المغاربة على نصب الكمائن والفِخاخ. وأضاف "بما انني لم أكن أرى إلا البُعد المتعلق بالمفاوضات من دون تهديدات، فإني لم أتوقع ما حدث".
وأضاف " أعترف أنني سقطت في الفخ وأشعر بمرارة شديدة، قياسا بكل الممارسات التي عاينتها في البلاط الملكي، واستحواذ بعض المقربين من الملك على الاقتصاد المغربي" واختتم الكاتب أقواله بالتعبير عن عزمه نشر الكتاب (إلا أن دار النشر أعلنت فيما بعد أنها لن تنشره).
كاثرين غراسييه، التي كانت تخضع للاستنطاق من طرف دورية أخرى، قدمت رواية مقارِبة، وأكدت أنه، بناء على ما أبلغها به "إريك لوران" بعد اللقاء الأول والثاني فإن هشام الناصري هو الذي عرض "الإتفاق المالي".
وبخصوص الوثائق التي أصر الناصري على الإطلاع عليها قالت "غراسييه": "لقد ناقشت الأمر مع "إريك" واتفقنا ألا نكشف عن الوثائق تحت أي مبرر كان، وذلك مراعاة لسلامة مصادرنا الذين سيتعرضون للتعذيب لو انكشفت هوياتهم، لأن هذه الوثائق، أقولها وأؤكدها، دون أن أكشف عن مصادري، تشكل خطرا على العائلة الملكية" وخصت بالذكر الأمير رشيد.
ورغم تجربتها الطويلة، تقول هي الأخرى أنها قبلت فعلا إبرام الصفقة والمبلغ المالي. وقالت إنها "تعرضت لضربة كانت الغاية منها النيل من مصداقيتها مع قرائها ومع دار النشر، وكذا منعها من نشر الكتاب". وأضافت "لا أرى أي مشكلة في توقيع الصفقة وتلقي الأموال. احترمت أخلاقيات العمل الصحفي بحمايتي لمصادري، إلا أنني مع مرور الوقت اقتنعت أنني لم يكن علي قبول المبلغ المالي".
أدلى الصحفيان بهذه الاقوال خلال الحراسة النظرية، في نفس الوقت الذي كان فيه محامي القصر "إريك دوبون موريتي" يدين الصحفيين أمام الرأي العام في خرق سافر لقرينة البراءة.
مرافعة هذا المحامي لصالح القصر الملكي أثارت سخرية بعض زملائه، لأنه كان تقدم سنة 2006 بشكاية حول "التعذيب والمعاملة القاسية و اللاإنسانية" لصالح أسرة الجنرال أوفقير، وكانت مزعجة للنظام المغربي لأنها وضعت الوزير الراحل البصري وثلة من المسؤولين المغاربة في قفص الإتهام. وهي نسخة من الشكاية التي تقدم بها المحامي "برنارد دارتفيل" سنة 1999 وسنة 2005 لصالح أسرة أوفقير نفسها، إلا أن كل هذه الشكايات لم يُعرف مصيرها.
ترجمة: سعيد السالمي