تقرير الجمعية لسنة 2015 يقدم صورة قاتمة لحقوق الانسان بالمغرب
نظم المكتب المركزي للجمعية المغربية لحقوق الانسان ندوة صحافية ، على هامش انعقاد المؤتمر 11 للجمعية، يوم الخميس 21 ابريل 2016، قدم التقرير السنوي، حول تطورات وضعية حقوق الإنسان ببلادنا طيلة سنة 2015، من خلال ما رصدته الجمعية على مستوى المركز أو من خلال فروعها من انتهاكات مست في مجملها جميع مجالات وأجيال حقوق الإنسان المتعارف عليها كونيا.
و جاء في تقرير الجمعية ان هناك نزوع قوي للسلطات المغربية نحو المقاربة الأمنية القمعية لمصادرة الحريات والحقوق الأساسية للمواطنات والمواطنين عبر تشديد رقابتها على الحركة الحقوقية المناضلة وعلى مختلف القوى الديمقراطية وفرض حظر عملي، غير قانوني، على الجمعية ومنع أنشطتها في الفضاءات العمومية ورفض تسلم الملفات القانونية للعديد من فروعها (46 فرعا) أو رفض تسليمها وصولات الإيداع القانوني المؤقتة (13 فرعا) أو النهائية (12 فرعا) أو هما معا (25 فرعا)، وممارسة حظر تعسفي على أنشطة العديد من الجمعيات الوطنية والدولية والإقليمية ولجوئها إلى طرد بعض ممثلي الهيئات الدولية ببلادنا (أمنستي ..) في تجاوز تام للأعراف والقوانين الدولية ولالتزامات الدولة نفسها، وقد ثبت للجمعية أن الدولة ماضية في توسيع دائرة الحركات الممنوعة تعسفيا ببلادنا حيث شملت اكثر من 23 هيئة سياسية، نقابية، حقوقية، شبيبية، ثقافية، مدنية..
كما أن الدولة متمادية في بتعنتها في تنفيذ سياستها التصفوية للحركات المناضلة، عبر الرفع من وتيرة المنع والقمع والاستعمال المجاني والمفرط للقوة واللجوء إلى الاعتقالات التعسفية وتوظيف القضاء التابع وغير النزيه للانتقام من المناضلات والمناضلين لاسيما المدافعات والمدافعين عن حقوق الإنسان (وفاء شرف، أسامة حسن، أحمد بوعادي، أحمد الذهبي... كنماذج) والنقابيات والنقابيين (حميد مجدي الذي تعرض لإحدى عشر محاكمة كنموذج..) ومناضلات ومناضلي الحركة الطلابية وجمعيات المعطلين وجميع الحركات المطالبة بالعيش الكريم (انظر محوري الحريات العامة والاعتقال السياسي).
وقد أشار تقرير الجمعية أن عدد المتابعين بما في ذلك الذين أطلق سراحهم والمعتقلين السياسيين ومعتقلي حرية الرأي والتعبير والاحتجاج السلمي قد بلغ ما مجموعه 346 حالة اعتقال ومتابعة، 111 طالبا في الاتحاد الوطني لطلبة المغرب، 85 نشطاء سياسيون مقاطعون لانتخابات 04 شتنبر، 63 نشطاء حقوقيون ونقابيون، 41 معتقلون سياسيون صحراويون، 13 صحفيا، 10 نشطاء في جمعيات المعطلين، 08 نشطاء في حركة 20 فبراير، 08 ممن تبقى مما سمي مجموعة بلعيرج، 04 صدر لفائدتهم مقرر عن فريق العمل الأممي الخاص بالاعتقال التعسفي يقضي بالمطالبة بإطلاق سراحهم
و 03 مغنون للراب.
كما لاحظت الجمعية أن الدولة "تفننت" كثيرا في تلفيق تهم الحق العام للمعتقلين والمتابعين للتستر على الطابع السياسي التعسفي للاعتقال، وعمدت إلى متابعة العديد من النشطاء بتهم التحريض على الإرهاب وزعزعة ولاء المواطنين للدولة، وعرقلة الطريق العمومية، والاعتداء على موظفين عموميين أثناء مزاولتهم لعملهم أو إهانتهم، وتخريب منشآت مخصصة للمنفعة العامة، والاعتداء على ملك الغير، وحيازة وحمل أسلحة بيضاء، وهي تهم، ملفقة، إذ أن اعتقالاتهم تمت إما بسبب نضالاتهم أو آرائهم أو مواقفهم من السياسات العمومية، والقيام بتجمهر غير مرخص له، وتوزيع منشورات غير مرخص لها.
وفيما يخص التعذيب، فإن تقرير الجمعية يرى ان تصديق الدولة سنة 1993 على "اتفاقية مناهضة التعذيب وغيره ﻣﻦ ﺿﺮوب اﻟﻤﻌﺎﻣﻠﺔ أو اﻟﻌﻘﻮﺑﺔ اﻟﻘﺎﺳﻴﺔ أواﻟﻼإﻧﺴﺎﻧﻴﺔ أو اﻟﻤﻬﻴﻨﺔ أو الحاطة من الكرامة"، مازال يظل فارغا من أي محتوى عملي مادامت الدولة متمادية في ممارسة التعذيب وهو ما تشهد عليه تقارير المنظمات الوطنية والدولية، وما تنشره الجرائد الوطنية والمواقع الإلكترونية ببلدنا. وهو ما جعل الجمعية والحركة الحقوقية تترافع من أجل الإسراع بإحداث الآلية الوطنية للوقاية من التعذيب لتقوم بالأدوار الهامة التي يمكن أن توكل إليها ومنها زيارة أماكن الاحتجاز والوقوف على وضعية المحتجزين وكيفية تعامل أجهزة الاحتجاز معهم، وهو المطلب الحقوقي الذي مازالت الدولة تتلكأ في الاستجابة له لحد إعداد هذا التقرير.
وتعتبر الجمعية أن استمرار ممارسة التعذيب في بلادنا مرده إلى عدم توفر الإرادة السياسية للدولة المغربية للقطع مع ممارسته في ظل استمرارها في انتهاكاتها لحقوق الإنسان بصفة عامة، الشيء الذي يفسر استمرار إفلات مرتكبيه من أي مساءلة أو عقاب، ويزداد مشكل استمرار ممارسة التعذيب تعقيدا في غياب أية استقلالية للقضاء وفي ظل قوانين زجرية مكبلة للحريات هي في حاجة إلى تغيير جذري لتتلاءم مع الاتفاقيات الدولية لحقوق الإنسان بهذا الخصوص.
وبالنسبة للحق في الحياة، ورد في التقرير على ان عدد المحكومين عليهم بالإعدام في السجون المغربية حتى نهاية سنة 2015، بلغ 122 ضمنهم، 10 حالات حكم بالإعدام سنة 2015. فالوفيات في السجون المغربية هناك حالتا وفاة اثنتان عن كل ألف سجين وفق الاحصاءات الرسمية ، مما يعني ما يفوق 120 حالة وفاة سنويا. وتابعت الجمعية حوالي 19 حالة وفاة اعتبرت العائلات أسبابها غير واضحة (الإهمال الطبي، الإضراب عن الطعام...)، أما بالنسبة لوضعية السجون ببلادنا، فإن ما تسجله الجمعية هو أن سماتها العامة تجعل أغلب السجينات والسجناء من مختلف الفئات والأعمار يعشن ويعيشون معاناة حقيقية، تتمثل في الاكتظاظ المهول الذي يحول حياة السجينات والسجناء إلى جحيم حيث يتم تكديسهن/م بما في ذلك أثناء النوم وما ينتج عن ذلك من انتقال للأمراض المختلفة وخصوصا المعدية منها، ولا تتوفر لهن/م أدنى شروط العيش الكريم المنصوص عليها في القواعد النموذجية لمعاملة السجناء: فمعظم السجون تعرف اكتظاظا خانقا؛ وعلى سبيل الذكر لا الحصر فالطاقة الاستيعابية للسجن المحلي بمراكش لا تتجاوز 700 سجينا، يوجد به 2299 معتقلا بنسبة اكتظاظ تفوق 328 %..، و تنامي ظاهرة العنف والاعتداءات المتكررة عليهم من طرف موظفي السجون.
وأضاف التقرير ان الاعتداءات الجنسية على السجناء وخاصة الأحداث وما يترتب عليها من آثار نفسية واجتماعية بليغة، وضعف التغذية كميا ونوعيا، و تنقيل المعتقلين إلى سجون بعيدة عن مقرات سكن ذويهم (نموذج نقل المعتقلين السياسيين: وفاء شرف من سجن طنجة إلى سجن العرائش، وأحمد بوعادي من سجن الجديدة إلى سجن خريبكة وبوشعيب الركبي من سجن الجديدة إلى سجن وادي زم...).الى جانب غياب العناية الصحية و حدوث وفيات نتيجة الإمعان في عدم عرض السجناء المرضى على الأطباء أو نقلهم إلى المستشفيات لتلقي العلاجات الضرورية، وحرمان العديد من السجناء من العديد من الحقوق المكتسبة كالحق في متابعة الدراسة والحق في الحصول على الكتب والمجلات والجرائد. و استمرار وجود معتقلين محكومين بالإعدام (120 حالة مقابل 112 حالة سنة 2014)، و وجود عدد كبير من السجناء الاحتياطيين (30340 سجينا).
ناهيك عن الخروقات في مجال الحريات الفردية حيث ان الجمعية رصدت العديد من حالات سواء تلك الواردة من فروعها أو مما تداولته وسائل الإعلام، وأصدرت بشأنها بلاغات وبيانات ومراسلات للجهات المعنية، وقد تمثلت مجمل الانتهاكات في تكفير المثقفين والمفكرين والفنانين والتحريض ضدهم على خلفية اختياراتهم العقائدية أو الفكرية أو الفنية؛ وتواتر حالات الاعتداء والتنكيل بمواطنين ومواطنات من طرف أشخاص آخرين، بسبب هندامهم أو هوياتهم الجنسية؛ وقد اتخذت هذه الاعتداءات شكلا منظما في العديد من الحالات. أما مجالات الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، فإنها تتعرض للمزيد من الانتهاكات المتواصلة سواء تعلق الأمر بالحق في الشغل وما يرتبط به من حقوق شغلية أو الحق في الحماية الاجتماعية أو الحق في التعليم بجميع أسلاكه، أو الحقوق الثقافية واللغوية، و حقوق المرأة، و حقوق الطفل، حقوق الأشخاص في وضعية إعاقة، الحق في الصحة، و حقوق الهجرة و اللجوء...
متابعة
مواضيع ومقالات مشابهة